اليمن .. طوق النجاة بيد من؟ - علي ناجي الرعوي

  • 6/21/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تسيطر على الوضع المتأزم في اليمن حالة من الانسداد الخانق انعكست بشكل سلبي على قدرته على تجاوز صراعاته والفوضى القاتلة التي تنخر في جسده المنهك بالأزمات والحروب والانقسامات السياسية والإيديولوجية والمذهبية والقبلية والجهوية وعلى قدرته في الاستفادة من كل الفرص التي اتحيت امامه للتصالح مع حاضره ومعالجة كل الاختلالات والعلل التي اعترضت طريق بناء دولته الحديثة والانطلاق ببرامج وسياسات تعبر بالبلاد الى الضفة الاخرى من السلام والتنمية والاستقرار وبما يؤهل اليمن للالتحاق بركب العصر والتغلب على معضلاته المزمنة ومغادرة مربع الصراع الدائم المستمر على السلطة وحسم هذا الإشكال ضمن قواعد يتوافق عليها الجميع في اطار رؤية ومنهج واضح يحافظ على وحدة البلاد الداخلية ويحقق الاندماج بين جميع ابنائها بمختلف مكوناتهم وأطيافهم واتجاهاتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية والقبلية. في الوقت الراهن هناك انسداد في علاقات القوى السياسية والحزبية وانسداد يتهدد التعايش بين الفسيفساء المجتمعية وانسداد في مسار التسوية السلمية المرتبطة اصلا باستحقاقات العملية الانتقالية وانسداد في حديث اليمنيين الى بعضهم البعض وانسداد يقف حاجزا امام ترشيد الخلافات والعداء المطلق بين المتنازعين بل والأخطر من كل هذه الانسدادات هو الانسداد الذي يعترض مساعي المصالحة الوطنية وإيقاف حمى الاحتراب والاقتتال الداخلي الذي تحركه الاهواء والنزوات والغرائز العصبوية وعلى النحو الذي يظهر فيها اليمنيون اليوم وكأنهم من يحفرون بأسنانهم طريقهم الى جهنم. وسط كل هذه الانسدادات والانفعالات والانكسارات التي تحيق بالواقع اليمني جاءت دعوة الامم المتحدة للأطراف المتنازعة للعودة الى طاولة الحوار والتفاوض والالتقاء في جنيف في محاولة جديدة من المنظمة الدولية لفتح ثغرة صغيرة في جدار تلك الانسدادات التي تلف تفاصيل المشهد اليمني الذي يتخبط في بحر من الرصاص والدماء والتناحرات العبثية والمدمرة وليس ثمة من عاقل يرفض ان يتحاور اليمنيون حول ما آلت اليه بلادهم وما يعيد او يؤسس لحل سياسي يخرج هذا البلد من محنته ويقوده الى دروب الخلاص لكن كيف لمثل هذا الحل ان يصبح واقعا في ظل غياب الثقة المتبادلة والاعتراضات الحادة بين من ذهبوا الى جنيف وكل منهم على خلاف مع الطرف الاخر؟ ومع ان هذه السطور قد كتبت قبل ان تختتم وتظهر نتائج جلسات المفاوضات التي تجريها الاطراف اليمنية المتصارعة تحت رعاية الامم المتحدة فان الوقوف على المقدمات والتي عادة ما تدل على النتائج ليس فيها ما يوحي الى ان مثل هذه المفاوضات او المشاورات يمكن لها ان تؤدي الى الحل السياسي او ان تشكل منصة اطلاق اولية للتوصل الى هذا الحل اذ كيف لتلك الاطراف ان تصل الى توافق حول معطيات الحل للازمة الداخلية وهي التي ترفض مجرد الجلوس الى جوار بعضها البعض والالتقاء على طاولة واحدة وهو ما تتضاءل امامه أي فرصة للحل او أي رهان على نجاح هذه المفاوضات في تحقيق أي اختراق في حاجز الخنادق التي تتمترس خلفها اطراف الازمة اليمنية. واحسب ان كل ما يهم الامم المتحدة هو مجرد ظهور اليمنيين في احتفال برتوكولي تتحدث فيه عن جهودها لاحتواء الازمات في منطقة الشرق الاوسط وإبراز دورها في ادارة هذه الازمات مع انها التي تدرك ان العقدة الحقيقية في المنطقة تكمن في ان كل شي ممكن وفي ذات الوقت ليس كل شي متاح وأنها لو ارادت حقا انهاء حالة التشظي والصراع في اليمن لما ترددت عن فرض منطقها على كل الاطراف خصوصا وهي من ظلت ممسكة بملف اليمن على مدى الاربع السنوات الماضية وكانت هي وحدها من تتمتع بالحصانة الكافية التي تمكنها من رسم ملامح المشهد بوقائعه وأحداثه الى الحد الذي كان يبدو فيها مبعوثها السابق الى اليمن جمال بنعمر هو الحاكم الفعلي وصانع القرار الاول الذي يفرض برنامجه وقراراته على الجميع. بعد هذه السنوات يحق لليمنيين ان يتساءلوا متى تتوقف مفاعيل الصراع بين نخبهم ؟ وهل من امل ان يلتئم ما انقسم في صنعاء في جنيف ليكون ذلك بمثابة طوق النجاة الذي ينتشل اليمن من قعر الهاوية؟

مشاركة :