وجّه رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي إنذاراً، بدا أنه الأخير، إلى القوى السياسية التي لم تتمكن بعد مضي نحو 5 أشهر على استقالته من تشكيل حكومة بديلة، معتبراً أنه يتعذر عليه الاستمرار في منصبه في ظل «الجمود والفراغ» الحاليين.ووجّه عبد المهدي رسالة مفتوحة إلى رئيسي الجمهورية والبرلمان، والقوى السياسية، عبّر فيها عن انزعاجه مما يجري لجهة بقاء حكومته في وضع لا تحسد عليه، فيما تتصاعد الأزمات التي يعانيها العراق. وقال إن «استمرار رئيس وزراء مستقيل لحكومة تصريف الأمور اليومية هو بقاء للمعادلات السابقة، ويقود إلى الجمود والفراغ لا محالة. لهذا يتعذر علينا الاستمرار».وأضاف: «كان جوابي قاطعاً بالرفض لكل من فاتحني وبإلحاح من أطراف مؤثرة وأساسية، بأنهم على استعداد لتسهيل العودة عن الاستقالة؛ خصوصاً أنها لم يُصَوّت عليها في مجلس النواب. فمعادلة حكومتي بالشروط الماثلة لم تعد قادرة على إدارة أوضاع البلاد بالشكل الصحيح».رسالة عبد المهدي التي لم يرد عليها أحد حتى الآن، تأتي في وقت بدا «شيطان التفاصيل» يتسلل إلى مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، وسط خلافات على تقاسم الحقائب في حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي الذي يسعى إلى إخراج البلد من الضائقة الاقتصادية التي يمر بها عبر تشكيل «حكومة من الوزن الثقيل»، بحسب وصف سياسي عراقي مطّلع على تفاصيل الحوارات بين الكتل والكاظمي.وقال السياسي المطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «الكاظمي يريد زجّ الصقور من الأحزاب والقوى السياسية في وزارته من أجل تشكيل فريق وزاري قوي قادر على مواجهة التحديات». لكنه أضاف أن هذا المسعى «يواجه باسم الاستحقاقات، سواء أكانت انتخابية أم مناطقية أم مكوناتية، صعوبات وضغوطاً، بعضها يبدو طبيعياً؛ خصوصاً لجهة مراعاة التوازن، بينما يبدو بعضها الآخر محاولات للحد من توجهات الكاظمي في مواجهة نفوذ كثير من القوى السياسية».وبشأن طبيعة الحوارات بين الكاظمي والكتل السياسية، يقول السياسي المطلع إن «الكاظمي ربما يكون حسم إلى حد بعيد وضعه مع السنة والأكراد، بما في ذلك بقاء وزارة المالية، بوزيرها الحالي فؤاد حسين، وهو ما لم تقبل به قوى شيعية يبدو أنها مستعدة لإعادة النظر جذرياً في موقفها منه في حال أصرّ على منح الأكراد الوزارة، وأبقى الوزير».ودعا رئيس «كتلة بدر» في «تحالف الفتح» النائب محمد سالم الغبان، رئيس الوزراء المكلف إلى «الالتزام بالمبادئ التي اتفقت عليها الكتل السياسية معه، وبشكل مسطرة مع الجميع». وقال: «رفضنا الزرفي، لأنه جاء من خلال آلية مرفوضة مخالفة للدستور والأعراف السياسية... الرئيس المكلف الحالي جاء بتوافق الكتل السياسية، ليس لأنه الأفضل، ولا بفوزه في الانتخابات، وإنما مخرجاً وحلاً للأزمة».وواصل الكاظمي في اليومين الماضيين اجتماعاته مع الكتل السياسية، في ظل بروز خلافات داخل الكتل الشيعية بشأن تقاسم عدد من الحقائب، في وقت كان يفترض أن تكون تلك الكتل منحت الكاظمي حرية اختيار الوزراء من المستقلين.وأكد نائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الاعرجي أن رسالة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي «جاءت لتذكير الكتل حين خيّرها بين حالتي الدولة واللادولة». وقال الأعرجي عبر «تويتر»: «بدأت الآن علامات اللادولة المتمثلة بالانهيار الاقتصادي والمالي».وقال النائب السابق حيدر الملا لـ«الشرق الأوسط» إن «الكاظمي بات يواجه ضغوطاً مختلفة من كثير من الكتل السياسية، في مقدمتها الكتل الشيعية التي توافقت عليه، وجاءت به إلى المنصب... الكاظمي يجري مباحثات جادة مع مختلف القوى من أجل إكمال التشكيلة وتقديمها إلى البرلمان بأسرع وقت ممكن، وهو سيمر في النهاية، إذ لا يزال هو الخيار المرجح في ظل استمرار هذه الأزمات، وبنسبة لا تقل عن 70 في المائة».
مشاركة :