شاركت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في اجتماع اللجنة التوجيهية لإعادة إعمار الجامع النوري ومنارته الحدباء في مدينة الموصل. وتبنت اللجنة الخطوات المستقبلية لإعادة بناء المعلَمين المعماريَين البارزَين لمدينة الموصل القديمة في العراق. وقد اتُخذ هذا القرار إبّان انعقاد الدورة الثالثة للجنة التوجيهية، التي تعلن بداية المرحلة الثانية من مبادرة «اليونسكو» «إحياء روح الموصل». وعقب انتهاء الاجتماع، صرّحت المديرة العامة لـ«اليونسكو»، أودري أزولاي، قائلة: «يتوّج اليوم العمل الدؤوب الذي بُذل خلال أشهر عدة، والتعاون والإخلاص والتصميم على ضمان مضيّنا قدماً معاً، جنباً إلى جنب، من أجل إحياء روح الموصل. وأودّ في نهاية المرحلة الأولى من إعادة إعمار مجمع جامع النوري، أن أؤكد مجدداً التزام «اليونسكو» الحاسم بنجاح تنفيذ المشروع من أجل الموصل والعراق والعالم بأسره». وستطلق «اليونسكو» بالنيابة عن اللجنة مسابقة معمارية دولية لإعادة إعمار جامع النوري، وستراعي المسابقة مساهمات سكان الموصل الذين سيُدعون إلى المشاركة في مشاورة واسعة النطاق تتناول الخيارات الرئيسية المتعلقة بإعادة بناء المنارة والجامع، ويتوقف الجدول الزمني لهذه الأنشطة على مجريات التدابير الخاصة بالتصدي لجائحة «كوفيد- 19» في الموصل. وتشمل المرحلة الثانية من مشروع إحياء روح الموصل تدعيم الأساس المتبقي وإعادة بناء المنارة والجامع، وستبدأ أعمال هذه المرحلة حال الانتهاء من دراسة المكان والتربة، وبعد إجراء مشاورة موسعة مع المجتمع المحلي بشأن تصميم المبنى وبشأن البتّ في المحافظة على ميلان المنارة. وحتى الآن، وافقت اللجنة التوجيهية على إعادة بناء المنارة الحدباء في مكانها الأصلي، واختارت حلاً وسطياً بالنسبة إلى جامع النوري، حيث سيُحافَظ على شكل البناء كما كان قبل تدميره في عام 2017. وقد ذكّر وزير الثقافة العراقي، عبد الأمير الحمداني، بأنّ «جامع النوري هو ثروة ثقافية وصرح أثري وتاريخي»، وأعرب عن «رغبة شديدة في المحافظة على أصالة جامع النوري بإجراء أقل قدر ممكن من التعديلات عليه». ويرمي هذا المشروع المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، إلى ترميم المعالم التاريخية لمدينة الموصل وإعادة بنائها، لا سيما جامع النوري ومئذنته الشهيرة المائلة المعروفة باسم المنارة الحدباء، التي يبلغ ارتفاعها 45 متراً ويزيد عمرها على 840 عاماً. غير أنّ هذه البنية التاريخية والمميزة هُدمت على أيدي المتطرفين العنيفين الذين احتلوا المدينة من عام 2014 حتى عام 2017. وكذلك يوفر المشروع فرص عمل وفرصاً للتدريب، وهو جزء لا يتجزأ من المبادرة الرائدة لـ«اليونسكو» «إحياء روح الموصل» التي أُطلقت في فبراير 2018، وهي تمثل عمل «اليونسكو» على إنعاش إحدى أعرق مدن العراق، من خلال إحياء التربية والتعليم والتراث والحياة الثقافية فيها. وأكدت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة: «لقد قطعنا شوطاً طويلاً منذ أن وضعنا تصوراً للمشروع، ولم يكن بالإمكان إحراز هذا التقدم لولا الجهود الدؤوبة للجنة التقنية واللجنة التوجيهية. وشهدنا حدوث تطورات هامة في الميدان، ويمثل جامع النوري ثروة تاريخية وثقافية». وأضافت معالي الوزيرة: «نسعى جميعنا إلى تحقيق الهدف نفسه، وسنتفق على مبدأ صون هذا التراث الثقافي»، وأوضحت قائلة: «استثمر هذا المشروع إلى حدٍّ كبيرٍ في المجتمع المحلي، وسنستمر في إشراك الموصِليين فيه، ونحن ملتزمون بتدريب المزيد من العراقيين وتوظيفهم لصالح إنجاز المشروع». إنّ اجتماع اللجنة التوجيهية الذي عُقد يوم الثلاثاء، يمثل ختام المرحلة الأولى من المشروع الذي بدأ في مطلع عام 2019، واستمر سنة كاملة، حيث تضمنت المرحلة الأولى رفع الأنقاض وإزالة الألغام من الموقع، وتوثيقه وتقييمه، وتثبيت الأجزاء التي يمكن إنقاذها ووضع خطة عامة. وكانت «اليونسكو» قد اتفقت مع الإمارات العربية المتحدة والحكومة العراقية في أكتوبر 2019، على الاضطلاع بأعمال إعادة إعمار كنيستين في مدينة الموصل القديمة، وهما كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك وكنيسة سيدة الساعة للاتين، بغية إحياء التنوع الثقافي الذي تميز به تاريخ الموصل عبر التاريخ. وقال رئيس ديوان الوقف السني، سعد كمبش، من ناحيته: «أنّ إعادة بناء جامع النوري والمنارة الحدباء وكنيستَي سيدة الساعة والطاهرة، تمثل جزءاً أساسياً من عملية إحياء روح الموصل ونشر الأمل بغية تعزيز التلاحم الاجتماعي». وقد عُقد الاجتماع الثالث للجنة التوجيهية بوساطة المنصات الافتراضية، بسبب انتشار جائحة «كوفيد- 19»، وشارك برئاسته كل من وزير الثقافة العراقي، عبد الأمير الحمداني، ووزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية، معالي نورة بنت محمد الكعبي، ومساعد المديرة العامة لـ«اليونسكو للثقافة»، إرنستو أوتوني راميريز، بمشاركة من رئيس ديوان الوقف السني، سعد كمبش، وممثل عن ديوان الوقف المسيحي، صفاء صفو، وممثل عن الإدارة الإقليمية لرهبنة الآباء الدومينيكان، نيقولاس تيكسير. وصرّح مساعد المديرة العامة لـ«اليونسكو للثقافة»، إرنستو أوتوني راميريز، قائلاً: «لطالما كانت الموصل ملتقى للثقافات، ولطالما فخرت بهويتها وتنوعها، والمشروع الحالي هو بمثابة ثناء على شجاعة الموصِليين الذين شكّلوا بطريقة عفوية درعاً بشرياً لحماية تراثهم المشترك من براثن العنف».
مشاركة :