يزدهر نبات صغير بأوراق "فضية" في جميع أنحاء منطقة البحر المتوسط، اسمه "التّنوم الصبغي" (Chrozophora tinctoria)، حظي في العصور الوسطى بتقدير كبير. واستخدم فنانو العصور الوسطى فاكهتها الصغيرة ذات الفصوص الثلاثة، لإنتاج لون أزرق رقيق يسمى folium أو turnole، لتلوين مخطوطاتهم المضيئة الشهيرة. وفي القرن السابع عشر، فُقدت أسرار كيفية استخراج الأصباغ من الفاكهة. ولكن العلماء البرتغاليين الذين يدرسون النصوص القديمة، لم يعيدوا اكتشاف وإعادة إنشاء وصفة folium فحسب، بل اكتشفوا التركيب الكيميائي للصباغ، الذي لا يشبه أي صبغة زرقاء أخرى تحدث بشكل طبيعي؛ وسُمي المركب الكيميائي المكتشف حديثًا chrozophoridin. Scientists Discover a New Compound in Medieval Ink That Was Once Lost to Time https://t.co/5hZ8DWeK6i— ScienceAlert (@ScienceAlert) April 22, 2020 وكان مفتاح الاكتشاف أطروحة برتغالية من العصور الوسطى، تسمى "الكتاب عن كيفية جعل كل الألوان الملونة لإضاءة الكتب". ويعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، وتصف بالتفصيل المواد والخطوات لإنشاء الصباغ. أما اللغة المستخدمة فهي البرتغالية، مكتوبة باستخدام الأبجدية العبرية، وتم استخدامها لإنشاء نصوص عبرية مقدسة. وقبل بضع سنوات، بدأ فريق البحث في استخدام هذا الكتاب لمحاولة إعادة إنشاء الأصباغ الموصوفة فيه. وتصبح المخطوطات المضيئة التي بقيت على مر القرون أكثر هشاشة بمرور الوقت. ولكن إذا فهمنا كيمياء الأصباغ، فيمكننا اكتشاف طرق أفضل للحفاظ على الألوان للأجيال القادمة. وفي عام 2018، قام الفريق بذلك باستخدام الإرشادات المحددة المنصوص عليها في الكتاب، ونجحوا في إعادة إنشاء folium. وقالت الكيميائية بولا نابايس، من جامعة نوفا لشبونة: "أنت بحاجة إلى عصر الفاكهة، مع الحرص على عدم سحق البذور، ثم وضعها على الكتان." وتمثلت الخطوة التالية في محاولة استكشاف الصيغة الكيميائي للمركب. ويجري استخراج اللون من قشرة الفاكهة، حيث أن كسر البذور يلوث الصباغ، ما ينتج حبرا رديء الجودة. وغمر الفريق الفاكهة في محلول ميثانول مائي، مع التقليب بعناية لمدة ساعتين. ثم تبخر الميثانول تحت فراغ، تاركا وراءه مستخلصا أزرق خاما قام الفريق بتنقيته أكثر، وركز الصبغة الزرقاء. وحلل الباحثون الصباغ المنقى والمركّز، باستخدام مجموعة من التقنيات عالية الجودة، بما في ذلك عدة أنواع من مطياف الكتلة والرنين المغناطيسي. وكان التركيب الجزيئي الذي وجده الفريق مختلفا عن الأصباغ الزرقاء الأخرى المستخرجة من النباتات، مثل النيلي والأنثوسيانين، الصباغ الأزرق الموجود في التوت. ولكن لديها بنية مشتركة مع كروموفور أزرق موجود في نبات آخر - العشبة الطبية Mercurialis perennis، أو زئبق الكلب. ويشير هذا الاكتشاف إلى أنه لا يمكن للعلماء إعادة إنشاء الصبغة لاستكشاف خصائصها فقط، مثل هيكلها وكيفية تفاعلها مع الضغوط البيئية بمرور الوقت، ولكن يمكنهم تحديدها بشكل أفضل في مخطوطات القرون الوسطى. ونُشرت الدراسة في Science Advances. المصدر: ساينس ألرتتابعوا RT على
مشاركة :