إعداد: علي نجمفي زمن جائحة «كورونا» المستجدة التي عصفت بالعالم، وتسببت في توقف النشاط الرياضي والكروي على وجه التحديد، وفي وقت دخل البشر أسابيع من الحجر المنزلي، بسبب الخوف من تفشي المرض، وبات مصير البطولات الكروية آخر ما يمكن أن يفكر فيه البشر حالياً، بعدما باتت كرة القدم في آخر سلم الاهتمامات بعدما تحول الفيروس إلى حديث الناس الأول، ومع توقف البطولات المحلية، يفتح «الخليج الرياضي» ابتداء من اليوم باب الذكريات وقصصاً من كرة الإمارات على مستوى الأسماء التي حضرت وتركت بصمة، أو تلك التي كان يفترض أن تسجل حضوراً في ملاعبنا قبل أن تؤول الرياح بمصيرها نحو آفاق أخرى، وكل ذلك وفق روايات تم سردها من قبل مسؤولين ومدربين ولاعبين ووكلاء لاعبين.قصة ميتسوحين كان يتولى سمو الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان رئاسة اتحاد الإمارات لكرة القدم أوكل إلى نخبة من الأعضاء البحث عن مدرب بسيرة لامعة يتولى قيادة «الأبيض».قائمة الأسماء برز منها اسم المدرب الفرنسي برونو ميتسو الذي كان يتولى تدريب منتخب السنغال، حيث قاد «أسود التيرانغا» للتأهل إلى نهائيات كأس العالم التي كانت ستلعب في كوريا الجنوبية واليابان 2002.وضمت القائمة حينها إلى جانب ميتسو، الفرنسي فيليب تروسييه مدرب منتخب اليابان، والبرازيلي كارلوس ألبرتو، والإنجليزي روي هودجسون.باب التفاوض فتح مع المدرب الفرنسي، خلال اجتماع في قلب العاصمة الفرنسية باريس، حيث أبدى برونو موافقة «مبدئية» على تولي المهمة، لكن بشرط وحيد، عدم ترك منتخب السنغال، إلا بعد انتهاء رحلة المنتخب في العرس المونديالي.مجلس إدارة الاتحاد، قرر التعاقد مع المدرب الإنجليزي روي هودجسون صاحب السيرة الذاتية الأفضل والخبرة الأكبر من المدرب الفرنسي الذي طالب بتأجيل الحضور إلى ما بعد المونديال، وهي نفس الأسباب التي أدت إلى استبعاد كارلوس البرتو من لائحة الخيارات النهائية أيضاً، بعدما كان على ارتباط بلجنة الدراسات والتقييم من قبل الفيفا في المونديال الآسيوي.التحول العيناوي قاد ميتسو منتخب السنغال إلى فوز تاريخي على منتخب بلاده في افتتاح المونديال، ليصبح اسم المدرب على كل شفة ولسان في العالم.وفي خضم المنافسات المونديالية، قرر مسؤلو العين توجيه بوصلتهم نحو المدرب الفرنسي، مع وضع اسم المدرب الفرنسي الآخر خليلوفيتش كخيار بديل، خاصة في ظل الطفرة التي كان يحققها المدربون الفرنسيون على مستوى العالم، بعدما توج منتخب الديوك باللقب العالمي في مونديال 98.قبل مباراة الدور ربع النهائي التي كان سيلعبها منتخب السنغال في مواجهة تركيا، أجرى العيناويون اتصالاً «هاتفياً» بالمدرب الذي طلب التحدث في التعاقد مع الزعيم بعد نهاية المباراة، خاصة أنها كانت ستكون مباراة للتاريخ لو قدر للمنتخب التأهل إلى نصف نهائي المونديال.بعد الخسارة أمام تركيا بهدف ووداع المونديال، نال المدرب عروضاً من كل حدب وصوب، من أندية في الدوري الفرنسي، وأندية أوروبية أخرى، لكن العرض العيناوي والخطوط العريضة التي وضعت للمدرب وأهمها الفوز باللقب القاري شكلت دافعاً كبيراً للمدرب الراحل الذي حضر إلى الإمارات، وتمكن من تحويل الحلم العيناوي إلى حقيقة.حصد ميتسو مع العين كل النجاحات، سواء على المستوى المحلي أو حتى القاري بالفوز بلقب دوري أبطال آسيا عام 2003.تمديد وشروط بعد سنوات العسل التي عاشها الزعيم فنياً تحت قيادة المدرب الفرنسي، كانت مفاوضات تمديد التعاقد، حيث وضع العيناويون عقداً لمدة سنتين أمام المدرب الفرنسي. المدرب «اعترض» على البند الجزائي الذي كان يتيح لإدارة العين إقالته مقابل دفع شهرين كبدل إقالة.ميتسو الراحل راوغ وناور، ليصل مع مسؤولي العين إلى خيار توافقي تمثل في بند جزائي «مثير» ينص على أن يدفع العين كامل العقد للمدرب الفرنسي في حال إقالته، ويدفع المدرب للعين كامل العقد في حال اتخاذه قراراً بالرحيل.ولأن العروض الخليجية كانت تسيل اللعاب، فقد حزم المدرب حقائبه وغادر إلى الدوحة، ليوقع عقداً مع الغرافة كانت من أبرز بنوده أن يدفع النادي القطري للعين البند الجزائي الخاص بفسخ تعاقده مع «الزعيم».بعد الغرافة، تحول المدرب لخوض تجربة سعودية مع اتحاد جدة في القسم الثاني من موسم 2005-2006.روى المدرب الراحل لأحد الأصدقاء قائلاً: كانت شهرة اتحاد جدة كبيرة خلال فترة رئاسة منصور البلوي، لكن الخوف والحذر كان كبيراً بسبب المشاكل المالية وعدم دفع بعض المستحقات للاعبين ومدربين كما أبلغني أصدقاء؛ لذا وضعت شرطاً أساسياً بالحصول على كل المستحقات نقداً ومباشرة.ويضيف المدرب الفرنسي: حضرت إلى التدريب الأول، لكن لم أدخل أرض الملعب، ولم أتولى قيادة المران، وبعدما استلمت الحقيبة التي تضم كامل مبلغ التعاقد نقداً باشرت مهمتي بتدريب الفريق.أما أكثر اللحظات العصيبة التي عاشها المدرب الفرنسي في رحلته السعودية فكانت لحظة الخروج من مطار جدة، وعنها قال المدرب الراحل: «حضرت إلى المطار وبيدي حقيبة مملوءة بالدولارات، وعند وصولي إلى نقطة التفتيش وبعد وضع الحقيبة في ماكينة التفتيش، طلب مني الشرطي التحول إلى مكتب المسؤول في الأمن، عندها شعرت أنني في مأزق، وأنني لن أخرج ومعي الحقيبة ومستحقاتي، لكن الزيارة كانت إلى الضابط المسؤول من أجل مصافحتي والحديث معي عن اتحاد جدة وظروف الفريق، وتمني الضابط بأن أعود مرة جديدة إلى جدة».بعد رحلته مع اتحاد جدة، تعاقد ميتسو مع اتحاد الإمارات لكرة القدم من أجل قيادة «الأبيض»، وكانت تلك قصة أخرى تروى لاحقاً.
مشاركة :