وجد الطبيب الشاب هشام البهجي، والذي يعمل طبيب قلب وأوعية دموية بمستشفى كفر الشيخ العام، نفسه أمام اختبار جديد في حياته، حيث كان عليه الاختيار إما بالاستمرار في عمله بالمستشفى، وإما انضمامه لأول فريق طبي سيتوجه لمستشفى العزل ببلطيم، ليكون بين جنود الجيش الأبيض في مداواة مرضى فيروس كورونا المستجد. لم يفكر الطبيب الشاب، في الرفض، فأستاذه الدكتور محمد كمال سلامة، أستاذ القلب بطب كفر الشيخ، هو الذي يحدثه، وحينما يتحدث الأستاذ يقف التلاميذ أمامه ثقة منهم في أنه يختار لهم الأفضل. اتصال تليفوني مدته دقائق معدودة، يخبر فيه الأستاذ تلميذه بأنه جرى اختياره ضمن الفريق القوي الذي سيضع أساسيات العمل داخل أول مستشفى للعزل الصحي بالمحافظة، جعله دون تردد يوافق لشعوره بأنه على موعد جديد لتلبية نداء الوطن. أغلق «البهجي» الهاتف، وذهب لأسرته لإخبارهم بما حدث، فوجد تشجيعًا ودعاءًا بالتوفيق لما هو قادم، بعد ساعات قليلة كان لزامًا عليه تجهيز حقيبته، والتوجه لمديرية الصحة، ومن بعدها مستشفى العزل، وأمام حيرة زوجته الحامل في الشهر السادس بتوأم ينتظراه، تردد قليلًا الا أنها دعمته وبدأت تجهيز حقيبته. وعن مواقف الفرحة يروي «البهجي»، قصته مع التعامل اليومي مع مصابي فيروس كورونا قائلًا: في صباح اليوم التالي، تحركت مع زملائي الأطباء نحو مستشفى بلطيم، للاجتماع مع مدير المستشفى ومندوب وزارة الصحة، والجميع دعمنا وطمأننا وأشعلوا الحماس داخلنا.. تجولنا بالمستشفى لنكون على دراية جيدة به قبل بدء العمل، ثم عدنا لبيوتنا لوداع أهالينا، وفي اليوم التالي، ودعتني والدتي وزوجتي، بعيون تملؤها دموع الرهبة». ويصف «البهجي» شعوره فور وصوله مع زملائه إلى المستشفى «شعرت بسعادة غامرة وكسرت حاجز الرهبة والخوف، وحمدت الله على اختياري ضمن الفريق المخصص لمحاربة فيروس كورونا المستجد»، لكن الخوف عاد قليلًا بعد ساعات أخرى، خاصة مع استقبال أول فوج من مصابي الفيروس، لكن سرعان ما تلاشى الخوف، وبدأ في علاج المرضى والتعامل معهم ودعمهم نفسيًا قبل إعطائهم جرعات العلاج والإشراف على الوجبات الغذائية التى يتناولونها. ويتحدث الطبيب عن 14 يومًا قضاها داخل مستشفى العزل وبين المرضى، ويضيف: «أكثر الحالات اللي أثرت في نفسيتي، كانت لطفل في الثالثة عشرة من عمره مع والده، فكان الأب خايف جدًا على ابنه، أكثر من نفسه على الرغم من تعبه، ولكن رحمة الله غلبت كل شيء، وتحسنت حالة الأب كثيرًا، بكيت وقت ما شكرني الطفل لتحسن حالة والده، وقتها حسيت إنه زي ابني، وحسيت أن أبوه زي والدي وفضلت معاهم لحد ما ربنا كرمهم بالشفاء».
مشاركة :