فضيحة في أروقة الفيفا

  • 6/22/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كتبت قبل سنوات موضوعا بعنوان الكرة لعبة شعبية .. الكرة لعبة الصفوة ولن تكون تلك الصفوة هذه المرة إلا تلك النخب التكنوقراطية والمهنية والسياسية فدهاليز الفيفا ظلت لردح من الزمن تخفي رائحة الفساد المستشري حيث بلغت حجم الاموال التي تقاضاها رجالاتها في مراكز المؤسسة الرياضية الدولية مبالغا خرافيا موزعة على سنوات عدة وباشكال مختلفة ومنافذ عديدة واساليب متنوعة في عالم بزنس الرياضة فما عادت الفيفا مجرد جهة دولية تنظم انشطة كروية قارية وعالمية ودورية وانما مؤسسة تستثمر تلك الاموال الهائلة في مجالات عديدة تجارية . ما قيل ويقال ان المبلغ الذي تم نهبه نتيجة الفساد وخلال فترة طويلة بلغ 150 مليون دولار وهو رغم كبير في عالم الفساد المالي والاداري فكيف تمت عملية المتابعة والكشف عن خزائن قارون العصر لتبدو لنا مؤخرا فضيحة الفضائح ؟ ولماذا فتح الاف بي أي الامريكية ملف الفيفا لينبش في مئات الاوراق حيث كانت تتحرى اوراق الفيفا لمدة جاوزت 18 شهرا تقريبا وتابع رجالاتها الاوراق والمؤسسات وطرق انتقال الرشاوي والبلدان المتورطة والاشخاص المتهمين من طرفي الراشي والمرتشي حتى لحظة توقيت المداهمات في زيوريخ ومكاتب الفيفا في سويسرا بل وشاهدنا اضطراب المجتمع السويسري وفنادقه بتلك المداهمات التي اتاحت لرجال الانتربول اختراق ما هو تابو في بلد بنوكه لا تخلو من روائح الاموال المغسولة والمسروقة اموال جاءت من كل فج عميق لتنام هناك بسلام المطمئن الامين الفردوس الدائم للهاربين من الضرائب والنهب والسلب وتحت مظلة القانون والحماية الدولية التي تتمتع بها سويسرا كدولة محايدة منذ فترات الحرب فصارت مرتعا للمختلفين والمتصارعين في ارض ثالثة !! . ظلت الساعة السويسرية وعقربها يتحركان بهدوء وخفية في تلك المدن الخضراء الجميلة فمكاتب الفيفا المنسية ماعادت في عالم اليوم بعيدة عن المساءلة والمحاسبة القانونية والمالية وحدهم مشجعو برشلونة ويوفنتوس ومسابقات الفرق والاندية وحدهم لا يسألون ولا يبالون بما تفعله أدمغة الفيفا خلف الكواليس وكم يتقاضون من قومسيونات ومكآفات ورواتب وامتيازات من وراء منظمة غنية بثراء فاحش . ان اهتراء وتعفن الفيفا الاداري والمالي والاخلاقي مس كل رجالاتها الكبار دون استثناء واذا ما فلت البعض من العقوبة القانونية والسجن فانه لن يفلت من الملاحقات الاعلامية والمجتمعية والامنية كما هو عراب الفيفا بلاتر الذي نجح بالتحايل المؤقت انتخابيا في الدورة الاخيرة ليفوز على منافسه الاردني بفارق كبير ولكن الضغوطات الدولية من وراء الكواليس كانت كبيرة وبالمرصاد اجبرته على تقديم الاستقالة الفورية وما دخول برلمان الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ورؤساء دول ومنظمات اقليمية وقارية إلا دليل على تدخل النخب السياسية مباشرة في مسار مؤسسة مهمة لكافة الشعوب والبلدان لما تتمتع به من كرة القدم من شعبية والتي تم نهب مداخيلها الاسطورية واستثمر مكانتها واهميتها في منح دول الاولوية لكأس العالم على حساب دول اخرى نتيجة الرشاوي الباهظة . واذا ما عرفنا أبعاد التعاون الاستخباراتي الانجليزي الامريكي فاننا سندرك ايضا كم هي قوية نفوذ الدول واجهزتها الامنية داخل الفيفا حيث اطاحت تلك الدول بطاقم العراب بلاتر ثم رأس يوحنا المعمدان السويسري نفسه . لن نعرف كيف ومتى ستنتهي التحقيقات الجارية وما مدى العقوبات التي سينالها كل من تثبت ادانته التورط في الرشاوي وزلزال الفساد المالي ؟ وما هي التسويات القانونية والسياسية التي ستقوم بها البلدان باعتبار ان الصفوة وحدها معنية بادارة اللعبة الخفية للعبة الشعبية الاولى في العالم حيث جمهورها في سباته السياسي والمالي والاداري وليس معنيا بكل تلك الضجة فالمهم ان يستمتع بمشاهدة الكرة وهي تتدحرج في المرمى فيما الملايين من الدولارات تتدحرج في جيوب طاقمها الاداري الفاسد . واذا ما كان الفساد المالي متنوع في كل الميادين التجارية والسياسية والمالية فإننا هذه المرة - على الاقل - ندرك انها فضيحة العصر الكبرى الجديدة في مجال الرياضة وفسادها المستشري .

مشاركة :