تشكيلي سعودي يحمل درجة الماجستير في التربية الفنية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، يعد أحد أبرز فناني الجيل الثالث في الحركة التشكيلية السعودية، له العديد من المشاركات داخل وخارج المملكة ونال الكثير من التكريمات والجوائز، منها جائزة المركز الأول لمسابقة أبها الثقافية 1435هـ ، وجائزة اقتناء في مسابقات السفير الثانية والثالثة والرابعة، والجائزة الأولي في مسابقة الخيل العربي2012م، إنه الفنان التشكيلي السعودي «محمد الشهري»، الذي يطل اليوم علينا في حوار خاص لــ «مرسم اليمامة»، ليتحدث عن تجربته الفنية. * في البداية دعنا نعود قليلاً للبدايات.. هل اختارك الفن التشكيلي، أم أنت من اخترته؟ - تصعب الإجابة عن هذا السؤال، فحب الفن عرفته منذ أن وعيت وأدركت قبل الدخول للمدرسة، ووضحت الموهبة في الصف الثالث الابتدائي وذلك عندما خصص لي معلم التربية الفنية ركناً في معرض التربية الفنية بالمدرسة، فالاختيار يكون متبادل، فالموهوب يختار الفن لحبه لذلك الفن، والفن لن يبرز فيه إلا من كان موهوبًا ومبدعًا. * الناقدة اللبنانية «ضحى عبدالرؤوف» قالت عن أعمالك: «اللون الأبيض يطوف في أعمال الشهري، بنورانية حسية تلتقطها الطبيعة الروحية للانسان، فيتأثر بها»، أما د. سعد العبد فيقول أن أعمالك تتميّز بالهارومونية اللونية، فهل لك أن تحدثنا عن علاقتك بالألوان، وعن الجمالية التي تضيفها لعمق اللوحات وفكرتها ومكوناتها؟ - علاقتي باللون هي علاقة حياة وروح فلا طعم للحياة بدون اللون، واللون يعتبر الركيزة الاساسية في بناء العمل الفني، فبهجة العمل أو حزنه أو العمق الموجود به يظهرها اللون، وفي أعمالي وظفت اللون بصورة واضحة، وفيها قوة من حيث عمق اللون وكثافته، وكذلك الاحساسات الضوئية في العمل، ويبرز ذلك من خلال أعمالي للكعبة المشرفة والنورانية التي تحيط بها كرمز ديني كبير. * الامكنة الدينية لها خصوصية في أعمالك، هى الجوهر والمكون الأساسي الذي تقوم عليه، حدثنا عن ذلك قليلا.. - لكل فنان صادق مبحث يبحث فيه، وتختلف المدة من فنان لآخر، ففي فترة معينة كان مبحثي هو الحرمين الشريفين وبتركيز كبير على الكعبة المشرفة، فللكعبة المشرفة رمزية دينية لدي ملياري مسلم، وحاولت جاهدا أن تكون مركزا لأعمالي الفنية وحاولت رسمها بصورة غير مباشرة، وعبرت من خلال الاضاءات اللونية والملامس السطحية، والحرف العربي الذي أنزل به القرآن عن مدى عظمة هذا الرمز الديني الكبير، وكان صدى الأعمال لدى المتلقين جميل جدا، وذلك من خلال الإقتناءات العديدة لأعمالي، وأيضا فوز بعض الأعمال في العديد من المسابقات التشكيلية. * تعددت مشاركاتك في الفعاليات الفنية في مختلف بلدان العالم، منها: روسيا والأرجنتين وعمان وكازاخستان وتونس والكويت، فكيف تلمست تجاوب الجمهور مع أعمالك الفنية؟ - أشقاؤنا في الدول العربية والاسلامية، وكذلك شعوب الدول الصديقة، لديهم شغف كبير لمشاهدة الفن السعودي، والثقافة السعودية بصفة أعم وأشمل، ويتضح ذلك من خلال أعداد الزائرين للأسابيع الثقافية السعودية التي تقام في هذه الدول، وقد لمست اعجاب الجمهور بأعمالي لما تمثله الكعبة المشرفة للعرب والمسلمين، وأيضا من باب التعرف على ثقافة الآخر بالنسبة للغرب. * برأيك؛ ما الذي يجعل البعض يعتقد أن الفن التشكيلي فن عصيّ على الفهم؟ - هذا إعتقاد خاطيء وإن كان يجانبه الصواب أحيانا، فليس من غايات الفن أن تجعل المتلقي في دوامة ليحاول فك طلاسم العمل التشكيلي، ولكن الغاية الأسمى والأكبر للفن التشكيلي هي الجمال وبث روح البهجة في النفس البشرية، ولكن بعض الاتجاهات المعاصرة للفن التشكيلي الحداثي يحاول الفنان أن يجعل من عمله لغز عصيّ فهمه على المتلقي، ومن وجهة نظري هذا يعد محاولة للظهور كفنان غير مسبوق وصاحب فكر عالي. * كيف ترى قدرة العمل التشكيلي على تشكيل الصبغة المحلية لهوية الفنان من جهة، والصبغة الإنسانية من جهة أخرى؟ - الفنان ابن بيئته، ولكي تكون متميز وأصيل في أعمالك.. فلابد أن تكون صاحب جذور ضاربة في عمق أرضك التي خرجت منها، فالأصالة هي الاساس الذي تنطلق منه لأفاق أوسع وأرحب، وخير مثال روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي وصلت للعالمية وحققت جوائز كبرى وهي روايات نابعة من الحارة المصرية واليوميات التي تدور فيها، وبذلك كسبت صبغة انسانية عالمية رغم كونها غارقة في المحلية بكل تفاصيلها، فالابداع سواء كان تشكيل أو رواية أو قصيدة إذا كان أصيل فبالإمكان أن يكتسب الصبغة الانسانية دون النظر لفوارق اللغة أو الثقافة. برأيك؛ ما هي الصعوبات والمعوقات التي تواجه الفنان السعودي والفن التشكيلي بالمملكة؟ - الساحة التشكيلية السعودية بحاجة إلى مؤسسات أو شركات متخصصة في الفنون البصرية لتقوم بالبرامج والخطط للنشاطات الفنية، وكذلك تبني ادارة شؤون الفنانين المتميزين وتسويق أعمالهم، وكذلك توسيع البرامج الحكومية وتنوعها، وبهذين القضبانين يمكن لقطار الفن التشكيلي أن يسير وبقوة إلى آفاق أرحب وأوسع.
مشاركة :