أجبر الحجر الصحي، الذي فرضه فيروس كورونا على البشرية، بملازمة بيوتهم، الجميع على البحث عن هوايات جادة، لتطوير الملكات الشخصية، والاستثمار في الوقت الذي أصبح وكأنه يتمدد وانت سجين الجدران، إقامة جبرية، وجدها الكتاب والمؤلفون، فرصة من ذهب، للتفرغ للكتابة التي حرمتهم مشاغل الحياة متعتها. ففي وقت انكبت فيه المرأة على التفنن في مختلف أصناف الطعام، والأئمة على تحفيظ النشء كتاب الله عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر تقنيتي، الماسنجر» و»السكايب»، اهتدى بعض الكتاب الجزائريين للتأليف، بالخوض في زخم المشهد الذي عرفته البلاد الأشهر الماضية حينا، وفي ما فعله الوباء بالبشر، وبإمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس حينا آخر. ويعد الأستاذ الجامعي، والكاتب الجزائري، صاحب كتاب، «الجزائر.. الفرصة الضائعة»، أحمد عظيمي، السباق، للتأسيس، لثقافة الكتابة تحت حصار كورونا، وكانت البداية بمنشور على صفحته على الفايسبوك، غازل فيه قرائح أصدقائه الكتاب، حتى تبدع خلال فترة الحجر المنزلي، وتمتلىء المكاتب في زمن القحط الثقافي الذي تعيشه البلاد، وعاد فيه الأمل مؤخراً مع التتويج الجزائري بجائزة»البوكر»، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد.. ويقول الكاتب الجزائري، الدكتور أحمد عظيمي، صاحب المبادرة، في تصريح لـ»الرياض»، حول فكرة «صوموا تصحوا ..»، « مع بداية الحجر، كنت أتساءل، لماذا لا نستفيد من فترة الحجر الصحي، المفروضة علينا بسبب وباء كورونا، لتأليف كتاب؟، وتصورت لحظتها لو أن كل الذين يجيدون الكتابة من بين الخمسة آلاف مشارك في صفحتي، يستجيبون لهذا النداء، فكم من كتاب سنخرج به من الحجر الصحي؟ ويدغدغ الأستاذ عظيمي، الشغف بالكتابة عند زملائه الجامعيين، «يوجد على صفحتي أكثر من مائة أستاذ جامعي وكاتب وباحث وصحفي وشاعر وأديب من بينهم: سليمان جوادي، علاوة بوجادي، علي قسايسية، حدة محمد بن عالية، عدة فلاحي، عبدالكريم حاج مهدي، عبد الرزاق بوكبة، محمد هناد، رقية بوسنان، عبد الرحمن خربوش، حميد لعدايسية، سليم صالحي، رضوان بوهيدل..، وكل هؤلاء لهم «سوابق» معتبرة في الكتابة والنشر، وهم من قصدتهم بكلامي، فنحن نعيش أصلاً أزمة كتابة» وعن تجربته الشخصية، في الكتابة يتحدث الكاتب،» أمضي فترة الحجر الصحي من الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساء أمام الحاسوب مع نصف ساعة، كل ساعتين للراحة أو الحركات الرياضية، وبهذا التنظيم الدقيق للوقت، شارفت على الانتهاء من كتاب أول يتناول وقائع وأحداث سياسية وطنية عايشتها شخصياً، وإن استمر الحجر لفترة أخرى فأنوي استغلاله، أيضاً، لإتمام كتاب أكاديمي في المنهجية كنت باشرت تأليفه منذ فترة طويلة غير أن إنشغالاتي الكثيرة حرمتني من إتمامه». ووجد نداء الكاتب تفاعلاً كبيراً من أصدقائه الكتاب. ليأتي الرد سريعاً من الكاتب الجزائري، عبيد حمايدية، الذي كتب، «فعلاً بدأت الكتابة حول الساسة في زمن كورونا»، فيما كشف الكاتب الجزائري، رشيد فرايح عن مؤلف حول إقتصاديات الإعلام، أما الكاتب الصحفي، فاروق معزوزي، فعلق على الفكرة»، بالفعل هو أفضل استثمار، وأحسن اختيار، خير البر عاجله». فيما انفرد الكاتب الجزائري، علي قسايسية، المتخصص في كتابات الإعلام، بالقول: إن الكتابة وحي لا ينزل إلا على نفس هادئة وسكينة، لا مستكينة، الكتابة في عهد كورونا لمن استطاع سبيلاً، ومع ذلك تبقى أفضل إانشغال، لنسيان الهم والغم». الأزمة تلد الهمة، والأكيد أن العالم سيخرج من جائحة كورونا بفكر مختلف وإبداع مميز من وحي «كوفيد 19»، ليصبح داء القرن، دواء الفكر المستنير..
مشاركة :