قد لا يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب معروفاً بخبرته العلمية، لكن تصريحاته حول احتمال حقن الجسم بمواد معقمة لمحاربة فيروس كورونا المستجد أثارت استغراباً واسعاً وذهول الخبراء. إلا أن الرئيس حاول التقليل من شأن تصريحاته وأكد الجمعة أنه كان يتحدث «بسخرية» عن هذه المسألة. الخميس، قال الرئيس خلال التصريح الصحافي اليومي حول «كوفيد-19» في البيت الأبيض «أرى أن المعقمات تقضي عليه فيروس كورونا في دقيقة، دقيقة واحدة، هل من طريقة للقيام بشيء مماثل مع حقنة في الجسم». ومضى يقول «فهو (الفيروس) كما تعرفون يدخل إلى الرئتين ويكون له أثر هائل، وقد يكون مفيداً التحقق من ذلك، يجب الاستعانة بأطباء لذلك لكنه أمر يثير الاهتمام». احراج سببت آراء الرئيس احراجاً شديداً للطبيبة ديبورا بيركس عضو خلية الأزمة في البيت الأبيض بشأن الفيروس واستنكاراً واسعاً لدى الأوساط العلمية. جاء ذلك بعد عرض دراسة لا تزال أولية تفيد بأن فيروس كورونا المستجد يضعف في أجواء حارة ورطبة وكذلك تحت أشعة الشمس. وإلى جانب المعقمات، تحدث ترامب أيضاً عن «الأشعة فوق البنفسجية» أو «ضوء قوي جدا» يمكن توجيهه إلى «داخل الجسم» لمكافحة فيروس كورونا المستجد. لكنه أكد الجمعة انه كان «يرد على أسئلة الصحافيين بسخرية، لمعرفة ما سيحصل». اضطرت الشركة المصنعة للمعقمات «ليسول» التي يستخدمها عشرات ملايين الأميركيين الى إصدار بيان «بسبب التكهنات الكثيفة والتداول على وسائل التواصل الاجتماعي». وقال «إن منتجاتنا المعقمة يجب ألا تستخدم بأي ظرف كان في جسد الإنسان سواء كان بالحقن أو التناول أو أي وسيلة أخرى». استهجان من جهتها، استهجنت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي أن يكون رئيس الولايات المتحدة «يطلب من الناس حقن أنفسهم بمادة ليسول بالرئتين»، مضيفة «هذا يثبت إلى أي حد يرفض الجمهوريون العلم». وكتب الخبير الاقتصادي روبرت ريك وزير العمل السابق في عهد الرئيس بيل كلينتون «تشكل مؤتمرات ترامب الصحافية خطراً على الصحة العامة، قاطعوا هذه الدعاية، استمعوا إلى الخبراء ورجاء لا تشربوا المواد المعقمة». في الاتجاه نفسه حذرت السلطات الصحية البريطانية الجمعة من أنه «يجب ألا يحقن أي شخص نفسه بأي شيء كان» لمحاربة فيروس كورونا المستجد بعدما أشاعت تصريحات ترامب بلبلة في هذا الصدد. ورداً على أسئلة خلال المؤتمر الصحافي اليومي في داونينغ ستريت قالت نائبة كبير أطباء إنكلترا جيني هاريسان ليس لديها أي «رسالة خاصة» لتوجهها إلى ترامب لكنها أشارت إلى أن لديها رسالة إلى الذين يقترحون حقن أي شيء في الجسم. وتابعت «من الواضح أنه لا يمكننا أن ندعم هذا الأمر من وجهة نظر طبية، ومن المهم فعلياً أن يستخدم الناس العلاجات المناسبة التي تمت تجربتها والموافقة عليها». اتهام سارع البيت الأبيض إلى اتهام وسائل الإعلام بتحريف تصريحات الرئيس الأميركي. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني، إن «الرئيس ترامب أعلن عدة مرات أن على الأميركيين استشارة أطبائهم بخصوص موضوع علاجات فيروس كورونا المستجد، وهي نقطة شدد عليها مرة أخرى خلال التصريح الصحافي بالأمس». وأضافت «دعوا الأمر لوسائل الإعلام فهي تخرج بطريقة غير مسؤولة تصريحات الرئيس ترامب من سياقها وتنشر عناوين سلبية». وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، استمتع الكثير من رواد الانترنت بالاحراج الذي بدا على الطبيبة ديبورا بيركس بشأن الفيروس، خلال تصريحات الرئيس. وبعدما أشاد بحماسة كبرى لفترة طويلة بالآثار الجيدة المحتملة لدواء كلوروكين الخاص في علاج الملاريا، في علاج مرضى «كوفيد-19»، إلى حد وصفه بأنه «هدية من السماء»، عاد ترامب وتريث في الآونة الأخيرة. وقال الخميس «لدينا نتائج جيدة جداً ولدينا نتائج قد لا تكون جيدة، لا أعلم» وسارع إلى تغيير الموضوع. استنكار يوماً بعد يوم، تثير الخفة التي يتعامل بها الرئيس مع الخبرات العلمية والتي يمكن أن تثير آمالاً واهية لدى الأميركيين، استنكاراً لدى الأوساط الطبية. وقال الطبيب فين غوبتا خبير الصحة العامة المتخصص بالرئتين والعناية المركزة لمحطة «إن بي سي»، «فكرة حقن الجسم أو شرب أي نوع من أنواع المواد المنظفة غير مسؤولة وخطرة، إنها طريقة يلجأ إليها كثيراً الأشخاص الراغبون بالانتحار». وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ندد عدد من الأطباء والعلماء بكلام ترامب. وقال المركز الفرنسي «مارساي ايمونوبول» بسخرية «إضرام النار بالجسم قد يكون حلاً بديلاً مفيداً كذلك»، مشدداً على أن الوسائل التي اقترحها الرئيس الأميركي «ستقتل الفيروس والمرضى في آن!». وغرد والتر شوب المدير السابق للهيئة الفدرالية المكلفة الأخلاقيات في عهد الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما، «توقفوا عن بث مؤتمراته الصحافية حول فيروس كورونا، فهي تعرض أرواحاً للخطر، رجاءً لا تشربوا المواد المعقمة ولا تحقنوا أنفسكم بها».
مشاركة :