رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتوقيع المتمردين الطوارق في باماكو السبت الماضي اتفاق السلام والمصالحة التاريخي الرامي لإنهاء سنوات من النزاع في مالي، مؤكدا أن المنظمة الدولية ستدعم تنفيذه. وقالت الأمم المتحدة في بيان صادر مساء أول من أمس، إن «السلام في مالي يبقى مسؤولية مالي والماليين، والأمين العام يحض كل الأطراف على مواصلة العمل بحسن نية من أجل المضي قدما على هذا الطريق وتطبيق مفاعيل وقف إطلاق النار تطبيقا كاملا». وهنأ الأمين العام للمنظمة الدولية الموقعين على الاتفاق وكذلك الوسطاء على النجاح الذي تكللت به مساعيهم. ووقع المتمردون الطوارق أول من أمس في باماكو اتفاق سلام ومصالحة يرمي لإنهاء الحرب وإرساء الاستقرار في شمال مالي معقل حركات تمرد عدة للطوارق منذ الستينات، فضلا عن كونه معقلا لحركات متطرفة على صلة بتنظيم القاعدة. ويعطي الاتفاق - الذي تم بوساطة جزائرية ووقعه ممثلون عن تنسيقية حركات أزواد في العاصمة المالية باماكو - مزيدا من الحكم الذاتي للمنطقة الشمالية نادرة السكان في مالي في محاولة لوضع نهاية لسلسلة من أربع انتفاضات منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1960. وكانت الحكومة والجماعات المسلحة الموالية لها وقعت الوثيقة في 15 مايو (أيار) الماضي، إلا أن تنسيقية حركات أزواد، التي تضم المجموعات المتمردة الرئيسية في شمال مالي، كانت تنتظر إجراء بعض تعديلات على الاتفاق حتى تم التوصل إليها قبل أسبوعين. وتضم «تنسيقية حركات أزواد» ثلاث مجموعات أساسية في تمرد الطوارق هي: الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، وحركة أزواد العربية المنشقة. ووافقت «تنسيقية حركات أزواد» في 5 يونيو (حزيران) الحالي على توقيع اتفاق السلام بعد انتزاع تسويات مهمة أبرزها دمج المقاتلين الطوارق ضمن قوة أمنية خاصة بالشمال، وتمثيل أفضل لسكان الشمال في مؤسسات الدولة، فضلا عن قضايا أخرى. وتكبدت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي خسائر كثيرة في مالي، خصوصا أنها هدف دائم للمسلحين. وانتشرت البعثة الدولية في مالي في 2013، وقتل 36 جنديا فيها وأصيب أكثر من 200 منذ ذلك الوقت. وكان اتفاق الجزائر قد وقع بالفعل في منتصف مايو الماضي؛ حيث وقعته الحكومة وتحالف من الجماعات المسلحة الموالية، لكن «تنسيقية حركات أزواد» امتنعت عن التوقيع من أجل الحصول على مزيد من التنازلات فيما يتعلق بعودة اللاجئين، والترتيبات الأمنية، وخطط التنمية في منطقتهم. وتم الاتفاق على ذلك مع الحكومة في أوائل يونيو الحالي. ويواجه تنفيذ اتفاق السلام عراقيل ناجمة عن انقسام المقاتلين إلى جماعات متنافسة مختلفة وجماعات منشقة. ويقول محللون إن الجماعات الشمالية المتنافسة تتصارع فيما بينها أيضا من أجل السيطرة على طرق التهريب المربحة إلى شمال أفريقيا. وفشلت اتفاقات سابقة مع المتمردين الشماليين في تأمين سلام دائم. ويقول الطوارق والعرب في شمال مالي إنهم تعرضوا للتهميش والاستبعاد من قبل حكومات الأفارقة السود المتعاقبة في العاصمة باماكو في الجنوب.
مشاركة :