اللواء عبدالله المالكي: العمل الأمني له متطلباته التي لا ترضي الجميع

  • 4/25/2020
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

ولد في أسرة فقيرة وعاش حياة بسيطة في بني مالك قبل أن ينتقل إلى الطائف مع والده ويشهدان معًا نهضة المملكة وصعودها إلى العلياء ليدخل في خضم عملية البناء ويلتحق بكلية أمنية ويتخرج منها معيدًا؛ لكن الحنين إلى الوالدين والحرص عليهما دفعه للاستغناء والعمل بالقرب منهما. إنه المدير السابق لعمليات قوات الطوارئ الخاصة بالمملكة،  اللواء عبدالله بن سالم المالكي، الذي تحدث لصحيفة “مكة” الإلكترونية، في هذا الحوار عن أبرز متطلبات العمل الأمني والجهود التي تبذلها قوات الطوارئ في رمضان ومواسم الحج والعمرة، فضلًا عن أبرز مظاهر الحياة على مدى السنوات الماضية. 1- في البدء نتعرف على ابن الطائف؟ حياكم الله ويا مرحبا تراحيب المطر كما يحلو لأهالي الطائف أن يرحبوا بضيوفهم الأعزاء شرواكم معكم أخوكم عبدالله بن سالم المالكي لواء متقاعد، ومستشار أمني حالياً، متزوج طبعاً وموحد وعندي ثلاثة أبناء وابنتين. 2- في أي حارة كانت نشأتكم لواء. عبدالله؟ والله يا أخي الكريم أنا من مواليد بني مالك وهي تابعة لمحافظة ميسان حالياً وتبعد عن الطائف مسافة ١٢٠ كم جنوباً ثم انتقلت مع والدي رحمه الله إلى مدينة الطائف وسكنا في حارة الربوة القريب من شارع الجيش. 3- أين تلقيتم تعليمكم؟ كان الوالد رحمه الله موظفاً في وزارة البرق والبريد والهاتف على وظيفة مأمور سنترال بقرية السيل الصغير غرب الطايف، كما كان _ رحمه الله_ إماماً وخطيباً لجامع تلك القرية ودرست الابتدائية في السيل الصغير، ثم المتوسطة في الحوية، ثم الثانوية في الطائف؛ لعدم توفر مدارس لجميع المراحل سوى في مدينة الطائف آنذاك.. ! 4- ماذا بقي في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة الحارة؟ كانت الحياة بسيطة جداً والمجتمع متآلف ولم يكن هناك في قرية السيل الصغير كهرباء عامة، أو شبكة مياه، أو سيارات كثيرة، وكان الهاتف لا يوجد سوى عند الوالد فقط وهو عبارة عن تلفون أبو هندل بدون أرقام ومرتبط به ثلاث مقاسم مقسم للطائف، ومقسم للحوية، ومقسم للسيل الكبير.. وهي لطلب الاستغاثة والنجدة فقط عند حدوث مشاجرة، أو حريق، أو حادث، أو مريض يستوجب تدخل الشرطة أو الدفاع المدني أو الهلال الأحمر. وكانت خطوط الهاتف عبارة عن أسلاك محمولة على أعمدة خشبية ممتدة من الطائف إلى مكة المكرمة ويقوم الوالد بإصلاحها إذا تعطلت أو تقطعت. 5- في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية.. ماذا كنتم تأملون حينها؟ وقتها كنا نأمل مزيداً من الرفاهية والعيش الكريم والحمدلله تحقق الكثير مما رجونا بفضل الله تعالى ثم بتربية الوالد والوالدة_ رحمهما الله_ اللذان كانا حريصان على تعليمنا أكثر من أي شيء آخر. 6- تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة ومتينة.. ما هي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت؟ الصدق، والأمانة، والصلاة، واختيار الأصدقاء وكان الوالد حريصا جدا على ذلك ورغم أن الوالد كان إمام وخطيب جامع إلا أنه كان يحب الاعتدال في كل شيء. 7- في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد بالطائف في تكوينها ما أبرزها؟ حقيقة انتقال الوالد من مكان إلى آخر ساهم كثيراً في تكوين الشخصية والتأثر ببعض العادات والتقاليد، واللهجات ففي السيل الصغير تأثرت جداً بلهجة أقراني في تلك المرحلة التي تختلف نوعاًما عن اللهجة المالكية وتميل إلى اللهجة البدوية، أما في الطائف فقد تأثرنا باللهجة الطائفية وخاصة في ثانوية الفيصل وأغلب زملائي في تلك المرحلة من حاضرة الطائف. لكن بمتابعة الوالد حافظنا كثيراً على القيم والثوابت التي كان حريصاً عليها_ رحمه الله_. 8-الأمثال الشعبية القديمة لها أثر بالغ في النفس.. ما هي الأمثال التي لازالت باقية في الذهن؟ ولماذا؟  يقول الوالد_ رحمه الله_ : من لا يفيد المدح في عجة الصبا/ ما هو مفيد المدح إذا صار شايب.. وهذا البيت أصبح من الأمثال الشعبية ويعني أنه يجب على الإنسان أن يكون حريصاً في فترة شبابه على السمعة الطيبة والعمل الصالح؛ ليستفيد مدح وثناء الناس، وإذ لم يستطع في شبابه تحقيق ذلك فإنه حتما لن يستطع في هرمه. 9- الحياة الوظيفية..أين كان لشخصكم القدير أول بداياتها، وآخرها؟ طبعاً تخرجت من كلية الملك فهد الأمنية عام ١٤٠٣ هـ وحصلت على شهادة بكالوريوس علوم أمنية بتقدير ممتاز وكان هناك مجال لأعين معيدا في الكلية الأمنية؛ بحكم تفوقي ولكن آثرت التعيين قريبًا من والديّ؛ لأرد بعض أفضالهما فعينت في قوة الطوارئ الخاصة بالطائف برتبة ملازم. وحصلت ولله الحمد على كثير من الدورات التخصصية داخل المملكة وخارجها أسوة ببقية زملائي، وبعد اثني عشر عاماً ترقيت إلى رتبة رائد وانتقلت إلى مكة المكرمة قائداً لمركز التدريب التخصصي، وبعد عشر سنوات انتقلت إلى منطقة نجران كقائد لقوة الطوارئ الخاصة بمنطقة نجران ومكثت بها ثمان سنوات من أجمل مراحل العمر والعمل. وبعد ذلك انتقلت إلى منطقة الرياض؛ لأترقى لرتبة لواء وأعين مديراً لعمليات قوات الطوارئ الخاصة بالمملكة، وبعد ذلك بسنتين أحلت للتقاعد ولله الحمد وعدت إلى مكة المكرمة. 10- شهر رمضان وشهر الحج من المواسم الدينية والاجتماعية المميزة حدثنا عنها؟ حقيقة عملنا في قوات الطوارئ الخاصة يكون أكثر كثافة في الأعياد والمناسبات وبالذات شهر رمضان وشهر الحج ولكنها أعمال أمنية يغلب عليها الطابع الإنساني ونسأل الله تعالى أن يثيبنا عليها ولا يحرمنا من الأجر ولذلك كان اجتماعنا مع الأسرة والأقارب قليل جداً. 11- تغيرت أدوار العمد في الوقت الحاضر وأصبحت محددة.. كيف كان سابقا دور العمدة في الحارة ؟ العمدة كان له هيبة واحترام أكثر لدى الجميع وربما ابتعاد العمد عن المركاز واستخدامهم لوسائل التقنية الحديثة في الحصول على المعلومة عن سكان الحي ساهم في المتغيرات الحديثة. ومع ذلك فإن أغلب العمد حالياً يحملون شهادات جامعية ومنهم من حصل على شهادات عليا وبالتالي ارتقوا بخدماتهم في الأحياء إلى ما هو أفضل وأقاموا مهرجانات وفعاليات ساهمت في توعية وتثقيف سكان الأحياء. 12- القامات الاجتماعية من تتذكرون منها والتي كان لها الحضور الملفت في حياتكم العملية ؟ والدي _رحمه الله _كان له تأثير كبير في مسيرتي وما وصلت إليه، واللواء فؤاد الحضراوي أمد الله في عمره الذي له فضل كبير في حياتي العملية، ولا أنسى جاري العزيز ومديري الناجح اللواء محمد جعفر شيخ ومواقفه الإنسانية معي كثيرة لن أنساها ما حييت. وهناك شخصيات قيادية كان لهم تأثير كبير في مسيرتي العملية لا يتسع المجال لذكرهم الآن وهم يعلمون مدى احترامي لهم ويقدرون ذلك. 13-هل تتذكرون موقفا شخصيا مؤثرا حصل لكم ولا تنسونه؟ زيارتي لثانوية أبي أيوب الثانوية بمكة المكرمة؛ لإلقاء محاضرة عن دور القوات الخاصة في مكافحة الإرهاب عام ١٤٢٤هـ وكان ابني أحد تلاميذ المدرسة وكانت المحاضرة مؤثرة جداً في الطلاب والمدرسين؛ لأن شفافيتها عالية ومن القلب إلى القلب. 14- المدرسة والمعلم والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة.. هل تعرفونا على بعض منها؟ المدرسة والمعلم لهما الفضل بعد الله فيما وصلت إليه أنا وغيري من المسؤولين وندين لهم بالفضل بعد الله ولا ينكر ذلك إلا جاحد أو حاقد ولا زلت أتذكر بعض المعلمين الذين كان لهم فضل بعد الله وأكن لهم كل محبة وتقدير ومن علمني حرفاً كنت له صديقاً أو كما قيل. 15- كثرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر وأصبحت مرافقة مع الناس في كل مكان.. ما هي الوسائل المتوفرة لديكم في السابق؟ وما أثرها على أفراد المجتمع آنذاك ؟ في السابق كانت مصادر المعلومة هي الصحف الورقية، والتلفزيون السعودي، والإذاعة وكان تأثيرها بطيء ومحدود؛ لعدم توفرها لدى كثير من أفراد المجتمع كما أن بعض الأخبار لا تكون دقيقة؛ لكثرة ناقليها. 16- تظل للأفراح وقفات جميلة لا تنسى في الحارة.. ماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة؟ وكيف كانت؟    أتذكر الاحتفالات التي أقيمت في مدينة الطائف بمناسبة عودة الملك خالد يرحمه الله من الرحلة العلاجية حيث كانت تقام ليلاً في الأحياء وبإمكانيات بسيطة، لكنها جميلة ولها حضورها ثم تطورت الاحتفالات وأنشئت قاعات الأفراح وبرزت القنوات الفضائية الشعبية، ووسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت إلى حد كبير في التطوير. 17- الأحزان في الحياة سنة ماضية.. كيف كان لأهل الحارة التخفيف من وقعها؟ الله يحفظك ويكفينا وإياكم الأحزان ولا يحملنا ما لا طاقة لنا به رغم أنها سنة ماضية إلا أن وقعها عظيم على الأهل والأقارب والجيران مهما كان سبب ذلك، فمثلا حوادث السيارات تكون سببا في الحزن، والحرائق كذلك، ولكن ما يخفف من وقعها تكاتف الجيران ومواساتهم وفزعتهم مع جارهم كل بما يستطيع حتى تعود الحياة إلى طبيعتها وكان الأقارب مثلا يتناوبون على المريض شديد المرض في منزله وفي حال وفاته يتولون ترتيبات إقامة العزاء جميعها؛ تخفيفًا على أهل المتوفى، ولا يكتفون بتقديم واجب العزاء في المقبرة أو بالرسائل كما هو الحال الآن بل يحضرون ثلاثة أيام العزاء في غالبهم؛ مواساة لأسرة المتوفى يرحمه الله. 18- الأحداث التاريخية الشهيرة في حياتكم والتي عايشتموها هل تتذكرونها.. وما الأبرز من تفاصيلها؟ من الأحداث التي عاصرتها استشهاد الملك فيصل _ يرحمه الله تعالى _ وكنت في المرحلة المتوسطة، وحادثة الحرم وكنت في المرحلة الثانوية، ثم حرب الخليج، ثم أحداث مكافحة الإرهاب، وما تلاها من أحداث عاصرتها وأنا على رأس العمل. 19- ما هي الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة الربوة؟ الألعاب الشعبية تختلف من حارة لأخرى، ومن جيل لآخر، أيضاً وعلى أيام الصبا كانت ( لعبة شرعت) هي اللعبة الجماعية السائدة، والمصارعة الحرة بشكل بدائي على مستوى إمكانياتنا. 20- لو كان الفقر رجلا لقتلته مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه.. هل تروون بعضا من قصص الفقر المؤلمة؟ فعلاً لو كان الفقر رجلاً لقتلته ولكن ولله الحمد عشت في بداية نشأتي وبداية حياتي عيشة كفاف وتأقلمنا مع الوضع حتى تيسرت أمورنا ولله الحمد. ونحمد الله على ما نعيش فيه حالياً من رغد عيش، وأمن في الأوطان، وصحة في الأبدان في ظل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم الملك سلمان بن عبدالعزيز_ يحفظه الله_ وسمو ولي عهده الأمين مهندس الرؤية وباني النهضة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان _يحفظه الله _. 21 – ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة ؟ أقول لهم: الله يجزاكم خير على الألفة والمحبة والتعاون الذي شهدناه منكم ولقد عشنا معكم زمان الطيبين بكل ما تعنيه هذه الكلمة. 22- رسالة لأهالي الأحياء الجديدة.. وماذا يعجبكم الآن فيهم؟ أقول لهم: حبوا بعضكم بعضا. ويعجبني فيهم محافظتهم على الثوابت والقيم والتواصل الاجتماعي. 23- كيف تقضون أوقات فراغكم في الوقت الحالي؟ ليس عندي وقت فراغ ولله الحمد، حيث أن لدي دوام يومي في مركز الخدمات العامة بمنطقة مكة المكرمة، بالإضافة إلى عضويتي في كثير من الجمعيات الخيرية، والمنتديات الثقافية، والمجالس الخاصة الراقية. 24- لو عادت بكم الأيام لواء عبدالله ماذا تأملون؟ آمل العفو العافية والمعافاة الدائمة في الدين، والدنيا، والآخرة. الحمد لله لازلت أتمتع بالصحة والعافية وأسرتي كذلك وأبنائي وبناتي صالحين ولله الحمد. وإن شاء الله الذكر الطيب موجود عند من عملت تحت إداراتهم، أو معهم، أو زاملتهم، أو تشرفت بصداقاتهم. 25- بصراحة..ما الذي يبكيكم في الوقت الحاضر ؟ بصراحة بعد الخوف من الله، كما تبكيني سرعة الوقت المخيفة، وعدم استطاعتنا الوفاء بالكثير من الالتزامات الأسرية، إضافة إلى بعض مشاهد التفكك الأسري؛ نتيجة الاكتفاء بوسائل التواصل الاجتماعي. 26- ماذا تحملون من طرف جميلة في دواخلكم؟ عندما انتقلت إلى نجران كنت أستغرب بعض العادات والتقاليد مثل (الزامل) عند القدوم على مناسبة، أو الكلمات الترحيبية التي تردد أثناء قدوم الضيف (مأجور والسلامة) حيث لم تكن معروفة في المجتمع المكي وكنت أواجه مشقة عند تأديتها كما يؤدونها أهالي المنطقة إلى درجة أن بعض زملائي يحثونني على الوقوف أو الكلام أو ما إلى ذلك من الأفعال التي تتناسب مع الحدث وبعد فترة بسيطة أصبحت دليلاً ومدرباً لكل زائر جديد للمنطقة وانطبق علي المثل (من عاشر القوم أربعين يوم صار منهم). 27- لواء. عبدالله لمن تقولون لن ننساكم؟ أقوله لشهداء الواجب ويقوله كل مواطن مخلص لهذا الوطن الشامخ بإذن الله فعلاً( لن ننساكم ). 28- ولمن تقولون ما كان العشم منكم ؟ أقوله لأبنائنا الذي ضلوا عن الطريق وغرر بهم الغاوون وأصبحوا خناجر مسمومة في خاصرة الوطن. 29- لواء عبدالله لكم تجربة أمنية كيف تصفونها ؟ لا أقيم نفسي لكن الناس شهود الله في أرضه وأرجو أنني كنت عند حسن ظن الجميع. 30- التسامح والعفو من الصفات الإنسانية الراقية.. تقولون لمن سامحونا..وتقل لمن سامحناكم؟ أقول سامحونا لمن كان تحت إدارتي في جميع المواقع التي عملت بها، وأقول سامحكم الله لكل من عملت تحت إدارته. وأعذر الجميع فالعمل الأمني له متطلباته التي قد لا ترضي الجميع. 31- كلمة أخيرة في ختام لقائنا لواء عبدالله المالكي. شكراً لكم أستاذ عبدالرحمن على سعة صدوركم ولين جانبكم وهنيئاً لصحيفة مكة الالكترونية بكم. والشكر موصول للصديق العزيز رئيس تحرير صحيفة مكة الالكترونية الأستاذ عبدالله الزهراني على جده واجتهاده وحسن تعامله ورقيه بهذه الصحيفة العزيزة على قلوب أهالي مكة المكرمة ونسأل الله العلي العظيم أن يكشف الغمة عن الأمة وأن يعجل بذهاب هذا الوباء عنا وعن المسلمين وعن العالمين أجمعين.

مشاركة :