عندما تتصاعد المخاوف من تخلف اليونان عن سداد الديون، وعندما يسيطر القلق على أسواق الأسهم وهي عند أعلى مستوياتها في عدة سنوات، وعندما يستعد أكبر اقتصاد في العالم لرفع أسعار الفائدة؛ فإن فكرة اتخاذ أسهم المصارف ملاذا آمنا قد تبدو غير مقنعة. لكن ذلك بالضبط هو ما يوصي به بعض المستثمرين والسماسرة، استنادا إلى أن القطاع رخيص، وقد تم تنظيفه في أعقاب الأزمة، وقد يكون قادرا على تحميل ارتفاع سعر الفائدة على أكتاف العملاء في ظل اقتصاد آخذ بالتحسن. وفي الأسبوع الماضي أبلغ "روس كويستريتش" كبير محللي الاستثمار في "بلاك روك" العملاء "في ظل الحماية الضعيفة التي توفرها بعض الملاذات الآمنة التقليدية، مثل المعادن النفيسة والأسهم منخفضة المخاطر، فإننا نعتقد أنه حري بالمستثمرين أن يتفقدوا بعض المواقع الأقل وضوحا. "أحدها القطاع المالي في ظل الاستفادة المحتملة للمصارف من رفع أسعار الفائدة". ولن تكون تلك هي المرة الأولى التي يعاود فيها المستثمرون اختيار المصارف منذ الأزمة المالية، لكن الغرامات المذهلة حرقت أصابع البعض منهم. غير أن ورقة بحثية من "سيتي" تتوقع تراجع مخصصات التقاضي السنوية للمصارف الأوروبية أكثر من النصف هذا العام. وفي غضون ذلك تنبئ التقييمات بأن المصارف هي الصفقات الوحيدة الباقية بأسعار بخسة. ومازال القطاع المصرفي رخيص نسبيا فأسهم المصارف العالمية متداولة بنسبة سعر إلى الأرباح تبلغ نحو 12 ونسبة سعر إلى القيمة الدفترية تبلغ نحو واحد مما يجعله من القطاعات الأدنى تصنيفا، بل إن بعض الأسماء الأوروبية الكبيرة مثل "دويتشه بنك" و"كريدي سويس" و"إتش.إس.بي.سي" أرخص من ذلك. وهناك أيضا تفاؤل كبير في أوساط المستثمرين بشأن الإدارات الجديدة في "دويتشه" و"كريدي" و"ستاندرد تشارترد". وكثيرا ما تبرز فكرة تداول أسهم المصارف للاستفادة من مزايا خطط إعادة الهيكلة، على أمل أن يكون الوقت قد حان لإحداث تغييرات جذرية، سواء على صعيد رأس المال أم خطوط الأعمال. هناك محاذير بلا ريب. فقد قال "كريس ويلر" المحلل في "أتلانتيك إكويتيز" إن رفع الفائدة لن يكون جيدا، إلا إذا جرى بشكل تدريجي، وإذا قفز دخل دفاتر القروض بدرجة أكبر من مدفوعات المودعين. وسيصب ذلك في مصلحة المصارف التي تقدم خدماتها إلى الأفراد والشركات، على نحو أكبر من مصارف الاستثمار الخالصة. وفي حين قد ترحب أقسام التداول بالتذبذبات لأنها ترفع الأحجام، فإن أجزاء من نشاط الدخل الثابت قد تواجه ضغوطا. وقال "كينر لاكاني" المحلل في سيتي: "زيادة التذبذبات ستؤدي إلى ارتفاع المبيعات، وزيادة إيرادات التداول وارتفاع عوائد السندات أمر جيد بوجه عام للمصارف، خاصة تلك التي تملك نسبة منخفضة للقروض إلى الودائع. "لكن التأثير لن يكون متطابقا لكل المصارف... فتداول الائتمان قد يتأثر سلبا". والمصارف نفسها تبدو متشجعة نسبيا. فقد قال: "بروس تومسون" المدير المالي لـ"بنك أوف أمريكا" خلال مؤتمر للمستثمرين إن رفع أسعار الفائدة "له تأثير محايد إلى إيجابي بالفعل"، لكنه قال إن ائتمان الدخل الثابت هو مجال "لا يكون بالقوة نفسها" عادة في مناخ ارتفاع الفائدة. ويشير تحليل أجراه "باركليز" على أساس قيمة كل مجال من مجالات عمل المصارف على حدة إلى أن الأسعار الرخيصة للقطاع مبررة ولاسيما بالنسبة للمصارف الكبيرة. وكتب محللو "باركليز" في مذكرة إلى العملاء يوم الجمعة: "جانب كبير من الجهد التنظيمي لما بعد الأزمة تركز في جعل المصارف الكبيرة أكثر أمانا.. النتيجة الصافية لذلك هي أنه يصبح من الصعب أن تولد المصارف الكبيرة العائد نفسه على حقوق المساهمين قياسا إلى البنوك الصغيرة." وقال مدير صندوق تحوط في لندن إنه كلما كان المصرف مملا، كان ذلك أفضل مشيرا إلى "لويدز وكيه.بي.سي" كفرص آمنة لمزيد من مدفوعات المساهمين ولنموذج أعمال أكثر تحوطا. وقال: "المصارف تتحول إلى شركات مرافق، وهذا هو ما ينبغي أن تكون عليه: مملة وتبعث على الضجر وتحقق عوائد على رأس المال".
مشاركة :