مدارس خاصة تحرم الطلبة من «التعلم عن بُعد» بسبب الرسوم

  • 4/26/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

محمد إبراهيم تركز فكرة تطبيق منظومة «التعلم عن بُعد»، على تعزيز حق الطالب في التعليم، وتمكينه من الحصول على العلوم والمعارف، في أي وقت وفي كل مكان، مهما كانت الظروف والتحديات والمعوقات، لذا نجحت جهود الإمارات في تحقيق استمرارية التعليم على الرغم من تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، التي حرمت ملايين الطلبة حول العالم من التعليم.ولكن كثيراً ما تأتي الريح بما لا تشتهي السفن، ففي الوقت الذي تركز فيه وزارة التربية والتعليم على تجاوز الأزمة، وتسيير العملية التعليمية بمرونة ويسر، والخروج من مأزق «كورنا» بلا أضرار تؤثر في الطلبة، ذهبت مدارس خاصة لتحرم المتعلمين من الدراسة «بكبسة زر»، إذ حجبت عنهم «نظام التعلم عن بُعد»، بسبب تعثر أولياء الأمور في سداد الرسوم الدراسية.ذهبت شريحة أخرى، تبعث برسائل تحذيرية للأهالي، حصلت «الخليج» على نسخة منها، بحجب نظام التعليم لديها عن الطلبة في حال التأخر في سداد الرسوم الدراسية، وجاءت شريحة ثالثة لتلوح بتطبيق الإجراء ذاته على طلابها، أسوة بالإدارات التي سبقتها، ولا سيما في ظل غياب الرقابة والإجراءات الرادعة.في وقت أكد أولياء أمور أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، ولم تفلح كلمات الرجاء لإدارات مدارس أبنائهم لإعادة نظام الدراسة مرة أخرى، والتحلي بالصبر لحين انتهاء الأزمة الراهنة، ولا سيما أن البعض منهم فقد وظيفته في ظل التداعيات الحالية، وأصبحوا بلا دخل يعينهم على الوفاء بالالتزامات، ومواصلة المعيشة. أما قرارات وتعميمات الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص، فجاءت جميعها لتؤكد عدم أحقية مدارسهم في حرمان الطالب من التعليم بسبب الرسوم، ولكن من دون جدوى، إذ إنها تحتاج إلى متابعة وتفعيل حقيقي، لتحقيق التزام بعض المدارس، وإيقاف تجاوزاتها.«الخليج» تناقش مع مختلف الفئات في الميدان التربوي، تفاصيل تلك الظاهرة التي تسللت إلى المجتمع المدرسي في ظل تداعيات أزمة الفيروس التاجي، وجاءت تحمل قولاً واحداً لا يقبل الجدل «لا تعليم بلا رسوم»! إجراء مفاجئ البداية كانت مع شكوى أولياء أمور طلبة، إذ أكد «م. محمود، ر. علي، ح. س، م. أنور»، أنهم فوجئوا بانقطاع نظام التعليم عن أبنائهم خلال اليوم الدراسي، وبالعودة لإدارات مدارس أبنائهم، أفادت بأنه إجراء بحق الطلبة الذين لم يسدد أولياء أمورهم الرسوم الدراسية للفصل الدراسي الثالث. وقالوا: إن جميع كلمات الرجاء لم تفلح مع تلك الإدارات، التي رفضت كل أشكال المرونة في التعامل، أو منح الأهالي فرصة تدبير أمورهم والوفاء بالتزاماتهم، ولا سيما أن البعض منهم خسر وظيفته في ظل تداعيات كورونا، واقتصر رد المدارس عليهم ب «روحوا اشتكوا». قطع الاتصال وفي وقفة مع فريق آخر، أكد كل من «أحمد. ع، م. عبدالعزيز، ح. عبدالله، أ. ش»، أنهم انتقلوا إلى إدارات مدارس أبنائهم، التي أكدت لهم أنه «لا تعليم بلا سداد الرسوم»، وأن تلك الإجراءات غير قابلة للتفاوض، موضحين أنه تم قطع الاتصال بنظام التعلم عن بُعد خلال الامتحانات، التي كان يؤديها الطلبة منها «اللغة الإنجليزية والعربية والإسلامية»، وهو الأمر الذي تسبب في إرباك الأهالي وإثارة القلق في مجتمعات الطلبة. وأفادوا بأنهم تواصلوا مع الجهات المعنية التي تشرف على عمل المدارس الخاصة، إلا أنها لم تستجب لشكوى أولياء الأمور، واعتبرت إياه مجرد استفسار، وطالبت الأهالي بحسب تصريحاتهم، بتسجيل استفساراتهم عبر البريد الإلكتروني المعتمد، في حين أنه لا توجد استفسارات في تلك الحالة، ولا سيما أن هناك طلبة تم حرمانهم من التعليم لظروف قهرية منعت أولياء أمورهم من الوفاء والالتزام بسداد الرسوم الدراسية.وطالبوا بالتدخل السريع من قبل الجهات القائمة على التعليم الخاص في الدولة، وتشديد الرقابة على إدارات بعض المدارس التي تتلاعب بمستقبل الطلبة من أجل حفنة دراهم، موضحين أن اللوائح والقوانين حافظت على حقوق المدارس لدى أولياء الأمور، وفرضت عدداً من الإجراءات التي تكفل الحقوق. نعم.. من حق المدارس الخاصة تحصيل رسوم ما تقدمه من خدمات تعليمية، ولها الحق أيضاً في المطالبة بها، ولكن يأتي عليها الحق عندما تحرم طالباً من حقه في التعليم، وليس لها الحق أيضاً في تشويه صورة الآباء في عيون الأبناء، والكشف عن عجزهم المالي وعدم قدرتهم على الوفاء بالرسوم أمام أبنائهم، لظروف قهرية مثل التي تشهدها المجتمعات. لا مجيب حملنا أوراقنا وما لدينا من معلومات، لعرضها على إدارات تلك المدارس، ولكن وجدنا صعوبة بالغة في الوصول إليها، إذ تواصلنا معها من خلال الهواتف الأرضية المتوفرة لأولياء الأمور، والمسجلة على مواقعهم الرسمية، ولكن لا مجيب، وتواصلنا مع بعضهم على هواتفهم الخلوية، ولكن دون جدوى، إذ رفضوا الحديث حول الواقعة، فبعثت «الخليج» إليهم عبر تطبيق «الواتساب»، بأسئلة حول تلك الظاهرة، وكيف تسللت إلى المجتمع المدرسي، ولكن لم تستجب إدارة مدرسية واحدة، ولم تبادر بالرد لتوضيح موقفها والحقيقة وراء إجراءاتها التي أضرت بالطلبة، وهو الأمر الذي يؤكد صحة شكوى أولياء الأمور.في المقابل تواصلنا مع مديري المدارس، «الدكتور فارس الجبور، خلود فهمي، وسلمى عيد، ووليد فؤاد لافي»، الذين أكدوا أن هناك ثلاثة أسباب تبطل إجراءات تلك المدارس في منع التعليم عن الطلبة، أبرزها اللوائح والقوانين التي منعت أي مؤسسة تعليمية من حجب التعليم عن الطالب بسبب الرسوم الدراسية، والثاني وجود ضوابط منحت المدارس حق المطالبة بالرسوم، ووضعتها لها آليات تضمن حقوقها لدى ولي الأمر من دون المساس بحق الطالب في التعليم. وأضافوا أن السبب الثالث يكمن في صعوبة الظروف الراهنة التي أضرت ببعض الأفراد في المجتمعات، ولا سيما الذين فقدوا وظائفهم بسبب التداعيات، وأصبحت ظروفهم الحياتية أكثر صعوبة، لذا ينبغي على إدارات المدارس التحلي بالصبر، والمزيد من المرونة عند التعامل مع مسألة الرسوم الدراسية في الوقت الحالي. حقوق المدارس وفي وقفة مع الجهات المعنية، أجمعت في قراراتها ولوائحها وقوانينها على أنه يحق للمدارس الخاصة، حجب النتيجة عن الطالب، والامتناع عن صرف شهادات الانتقال لحين إجراء التسوية الخاصة بالأقساط، ويجوز تقسيط المبلغ المتبقي على ثلاثة أجزاء حتى نهاية العام الدراسي من دون زيادة، ضماناً لحقوقها، مع عدم جواز فصل الطالب أو حرمانه من دخول الامتحان بسبب التأخير في سداد الأقساط المدرسية. وحذرت وزارة التربية والتعليم، في تعميم رسمي أي إدارة مدرسية تمنع الطالب من دراسته، في الوقت الراهن أو في أي ظروف أخرى، حيث ستتعرض للمساءلة القانونية، في وقت تحرص فيه على تفادي حرمان أي طالب من الاستمرار في الدراسة، وتذليل الصعوبات أمامه للحصول على التعليم.هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، كان لها موقف حيادي في تلك الإشكالية، إذ أكدت عبر موقعها الرسمي، أهمية تسديد كافة الرسوم المستحقة، لضمان استمرارية الطالب في التعلم عن بُعد، وفي حال تعثر ولي الأمر، لظروف مالية تمنعه من السداد، دعت الهيئة جميع الأطراف إلى العمل سوياً للوصول إلى تسوية مقبولة ترضي الجميع. ومنحت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، من خلال تعميمها رقم (34) لسنة 2020 بشأن تأخر دفع الرسوم الدراسية، للمدارس حق إيقاف الطالب عن الدراسة عن بُعد، مؤقتاً لمدة أسبوع كحد أقصى، بشرط إنذار ولي أمره لمدة أسبوع، ولكن ماذا إذا ظل ولي الأمر متعثراً لأكثر من أسبوع؟ رقابة يقظة تواصلنا هاتفياً مع الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج، للوقوف على أبعاد تلك الإشكالية وأسباب عدم رضوخ إدارات بعض المدارس إلى توجيهات الجهات المعنية وتعميماتها، إذ أكد أن جميع القرارات والتعميمات الصادرة من الجهات المعنية، تحتاج دائماً إلى فرق رقابية يقظة لمتابعة التطبيق، والتنفيذ بدقة، إذ إن الأمر قد يكون استراتيجياً وطنياً، ويتجاوز اهتمامات وتطلعات ملاك المدارس وإداراتها، التي تركز على الخدمة مقابل المال.وأوصى بوقفة حاسمة، وجهود متضافرة، للقضاء على تلك الظاهرة التي لا تليق بالعلم ورسالته، وتحتاج إلى التعامل معها بمسؤولية خمسة أسئلة وجهت «الخليج» خمسة أسئلة لإدارات المدارس ولكن ما من مجيب، إذ ركزت على الأسباب التي دعتها لإغلاق «النظام التعليمي» على الطلبة، وعدم تمكنهم من الدراسة، وهل عدم سداد الرسوم الدراسية أو التأخر في الوفاء بها، يمنح المدرسة الحق في منع الطالب من التعليم؟ وإلى أي لائحة أو قانون استندت تلك المدارس، عند إغلاق النظام على الطلبة؟ وهل حصلت على موافقة رسمية مكتوبة من الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص؟

مشاركة :