بيروت - رفضت قوى سنية لبنانية، السبت، تلميح رئيس الحكومة حسان دياب إلى مسؤولية رياض سلامة حاكم البنك المركزي عن تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، واصفةً استهداف سلامة، المسيحي، بأنه “مؤامرة على السنيّة السياسية، في وقت حرص فيه دياب في كلمته الجمعة على النأي بنفسه عن أيّ إشارة إلى مسؤولية حزب الله في الأزمة المالية الخانقة للبنان. وكان دياب، سنّي مستقل، قد صرّح الجمعة عقب جلسة لمجلس الوزراء، أن هناك من يصرّ على تعميق أزمة البلاد الماليّة، ملمحًا إلى مسؤولية رياض سلامة عن الأمر. واعتبر رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، أن ما قاله دياب يؤكد انخراط الحكومة فيما سماه “النهج الانتقامي” الذي ساد أواخر التسعينات (عقب انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية). وقال الحريري في أعنف هجوم على دياب إن “هناك عقلاً انقلابيًا يعمل على رمي مسؤولية الانهيار في اتجاه حاكمية مصرف لبنان وجهات سياسية محدّدة، ويحرّض الرأي العام على تبنّي هذا التوجه”، في إشارة إلى تحميل المسؤولية إلى جهة أخرى غير حزب الله المتهم المباشر بتأزيم الوضع. نهاد المشنوق: مؤامرة على السنيّة السياسية ونحن "قدها وقدود" نهاد المشنوق: مؤامرة على السنيّة السياسية ونحن "قدها وقدود" واعتبر أن الحكومة “تستجدي التحركات الشعبية بإغراءات شعبوية وتمارس سياسة تبييض صفحة العهد (فترة حكم الرئيس ميشال عون) ورموزه، عبر تبييض الوجوه والأموال والمسروقات”. وكان العشرات من المحتجين قد تظاهروا أمام مقر المصرف المركزي في بيروت وبعض فروعه، في وقت بدا وكأن جهات سياسية تهدف إلى ربط الأزمة المالية الحادة بإجراءات حاكم المصرف، فيما يحاول سلامة من خلال “إجراءات قاسية” أن يمنع انهيار الودائع وسعر الليرة. وتجاهل دياب، في كلمة ألقاها الجمعة، كليّا الدور الذي لعبه حزب الله في الأزمة اللبنانية سواء من خلال التسبّب في عقوبات أميركية على المصارف اللبنانية، أو بسبب مواقفه السياسية التي حالت دون تدفّق الاستثمارات الخليجية على لنبان، فضلا عن تدقيق خليجي كبير في التحويلات التي تأتي من العمالة اللبنانية العاملة بدول الخليج لمنع توظيف بعض هذه التحويلات في تمويل أنشطة الحزب. وبدا كلام رئيس الحكومة بمثابة تمهيد لإقالة رياض سلامة والبحث عن بديل يرضي حزب الله وحليفه المسيحي التيار الوطني الحر. وفي كلمة له بعد جلسة مجلس الوزراء الجمعة، قال دياب “تعاملنا مع الثقب المالي الأسود في لبنان ولا نزال نتعامل معه، وبالتزامن هناك من يصرّ على تعميق الأزمة، وسعر الصرف يرتفع بشكل مريب”، معتبرا أن “غموضا مريبا يلفّ إدارة حاكم مصرف لبنان إزاء ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية”. وحذّر الحريري اللبنانييّن من المتاجرة السياسية والحزبية بأوجاعهم ولقمة عيشهم قائلًا “لا تقدّموا لتجار الهيكل فرصة الانقضاض على النظام الاقتصادي الحرّ”. واعتبر أنّ سبب ما يجري هو “التخبط في هاوية الأفكار التجريبية والتفتيش عن ضحايا في السياسة والاقتصاد والإدارة”. من جهته، أكّد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على أن لبنان يعاني من انحسار كامل للثقة ما بين الدولة والمواطنين. واعتبر أن “المطلوب إعادة الاعتبار إلى الدستور واتفاق الطائف وإلى الكفاءة والجدارة في تحمّل المسؤولية وبالتالي إخضاع الجميع إلى المحاسبة وفق الأطر الدستورية”. أما النائب نهاد المشنوق فقد اعتبر أن تصريحات دياب تندرج في إطار المؤامرة على “السنيّة السياسية، وسنواجهها”. اقرأ أيضاً: صعوبة الدفاع عن رياض سلامة.. وسهولة ذلك! وأعلن النائب نهاد المشنوق “وجود مؤامرة على السنيّة السياسية وعلى أهل السنّة، وهي مؤامرة على الديمقراطية وعلى الحريات”، مضيفا “نحن قادرون على مواجهتها وبصراحة أكثر نحن قدّها وقدود”. واعتبر أنّ حسّان دياب “لا يعلم ماذا يحدث في البلد ولا أنّ هناك 62 مؤسسة صيرفة من دون تراخيص تعمل بعناوين محدّدة والقضاء لا يتحرك، وأنّ هناك 5 آلاف مليار ليرة خرجت من المصرف المركزي في الـ2019 قبل الـ17 من أكتوبر، واختفت في السوق ولا نعرف أين هي وقيمتها كانت 3.2 مليار دولار في حينه، ولا متى ستستعمل ومن قِبل من؟”. ورأى المشنوق أنّ “الرئيس حسّان دياب ومنذ لحظة تكليفه وتشكيل الحكومة يتصرّف على طريقة الذي يقود السيارة وهو ينظر إلى الخلف، وبالتالي من الطبيعي أن يفُوت بالحيط”. ومؤخرًا، زادت وتيرة الحملات ضد رياض سلامة الذي يشغل منصبه منذ حكومة رفيق الحريري الأولى إبان عام 1993، عبر مواقع إعلامية معظمها يتبع حزب الله وحلفاءه تتهمه بـ”سرقة” أموال اللبنانيين، وطالبت بطرده من منصبه ومحاكمته، فيما دافع آخرون عنه ورفضوا الاتهامات الموجهة إليه. ووصف متابعون كلمة دياب، الجمعة، بأنها بمثابة بيان سياسي لحزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، ولكن بلسان رئيس الحكومة، وأن دياب اختار التموقع مع حزب الله وحلفائه لضمان استمرار حكومته أكثر من سعيه لتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي وعدها بها لاسترضاء الشارع الغاضب على الخيارات الاقتصادية الفاشلة. وقالت مصادر سياسية لبنانية إن تسريب خبر إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عشية الجلسة الحكومية في بعبدا، لا يمكن فصله عن الجو الذي ساد في الجلسة التشريعية، تجاه سلامة من باب تحميله مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار انطلاقًا من التعاميم التي أصدرها. وحمّل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الجمعة، رياض سلامة مسؤولية “جنون الدولار”. ولم يقتصر الهجوم على سلامة من قبل باسيل، بل اتهمه دياب في وقت سابق بالأحادية في إصدار التعاميم، وعدم التنسيق مع السلطة التنفيذية في ما يُصدر. ولوّح في الكثير من المرات بمعاقبته من خلال قرارات متشددة ستتخذها الحكومة في جلسة الجمعة. وكذلك فعل النائب جميل السيد في مؤتمره الذي بدأه واختتمه بسلامة وتعاميمه.
مشاركة :