د. عصام الهادي يكتب: المساجد وصيانة النفس البشرية

  • 4/27/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قدر الله عز وجل نافذ لا محالة سواء كان خيرا أو كان شرا من وجهة نظرنا، وحينما يقدّر الله عز وجل أن يُنزل بالعباد شيئا فلن تستطيع قوة على وجه الأرض أن تمنع ما أنزله الله، وهذا أمر يحتّم على العباد جميعا أن يؤمنوا بذلك دون سخط وعناء وخوف من نزول البلاء، فلا رادّ لقضائه ولا مُعقّب لحكمه، وهذا الوباء الذى نزل بالناس فى كل العالم هو من تقدير الله عز وجل وعجيب قدرته حتى لو كان للبشر يد فى وجوده كما يقول أحدهم، وغلق المساجد أمر يعود بالمصلحة العامة على البلاد والعباد، فهذا مقصد من مقاصد الشريعة وهو الحفاظ على النفس البشرية والعمل على صيانتها وسلامتها.نعم نعلم جميعا أن ماقدّره الله عز وجل سيكون، وما أراده سيتحقق، وهذا لا يمنعنا أن نأخذ بأسباب الحيطة والحذر، فنحن نؤمن بالقضاء والقدر، وفى نفس الوقت ديننا يأمرنا بالحفاظ على النفس البشرية تكريما لها وتأدبا مع هذه الأمانة التى وهبنا الله إياها "وَلَقدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضّلْناهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، فالأمر يحتاج إلى الفهم الجيد والوعى الحقيقى إلى مثل هذه الأمور، فلسنا بحاجة إلى أقاويل ونشر أكاذيب واصطناع فتنة وتشويش فكرة، نحن شعب نحترم مؤسساتنا وقاداتنا وولاة أمورنا مادام الالزام ينصب فى خدمة الإنسان وفى ظل الأحكام الشرعية وتحقيق مقاصد الشريعة، كفانا هتافات وصراخات وعنتريّة كاذبة، فهناك من ينادى بفتح المساجد وهو لايصلى ولا يعرف طريق المسجد بلا مبالغة فى ذلك، بل إن كان يصلى تراه لا يحافظ على الصلاة فى أوقاتها ولا يحرص على حضور الصلوات فى جماعة، ولا الإسراع والتنافس ليكون فى الصفوف الأولى فى المسجد، من يغار على دينه ووطنه وعقيدته بصدق فليسأل الله عز وجل أن يرفع البلاء والكرب، وليحرص كل الحرص على أداء الصلاة فرضا فى أوقاتها، وليكثر من النوافل فى المكان الذى يقيم فيه، وليتضرع إلى ربه بالدعاء سائلا الله عز وجل أن يحفظ الإسلام والمسلمين، وأن يحفظ الأوطان من كل سوء، وياحبذا لو كان ذلك مع أهل بيته، زوجه وأولاده، أبيه وأمه، جده وجدته، من يقيم معه فى بيته من أسرته، وليعلم حق العلم من يفعل ذلك أن النية إن كانت صادقة مع الله سيثاب عليها خيرا، فالأعمال بالنيات، والله عز وجل يكافئ العبد على صدق قلبه وإخلاص نيته إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فإن أعظم ما يلقى العبد به ربه يوم القيامة صدق القلب وإخلاص النية.هذا هو ديننا وهذه هى شريعتنا، وهذا هو الفهم الحقيقى لهذه الأزمات التى تمر بالأمة، كيف نواجهها من منظور الحكم الشرعى ومنطلق مقاصد الدين الحنيف؟، كيف نحترم ونقدّر أقوال أهل العلم المتخصصين فى فهم واستيعاب مثل هذه الأزمات؟كيف لا نفهم قول الله تعالى:"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَىٰ التَّهْلُكَةِ"،وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم فى كيفية مواجهة مثل هذه الأزمات متعددة وأحوال بعض الصحابة كذلك خير شاهد على ذلك، الأمر يسير بضوابط شرعية مستندا إلى أدلة واقعية، وليس كما يظن البعض بأن ما يحدث من غلق المساجد والعزلة عن الناس والإقامة فى البيت هو كبت للحرية وهدم لكيان الدين الإسلامى ومحاربة لدور العبادة، وأن مؤسسات الدولة تضخّم القضية وتعطيها أكثر من حجمها، ومثل هذه الأقوال التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، فهذا أمر لا يرتضيه الإسلام الذى يهتف من أجله ويحرص عليه كما يدعى هؤلاء أصحاب هذه الكلمات، وهذا أيضا أمر غير مقبول عند من يفكّر بعقله ويؤمن بربه حقا، فمن أراد سوءا ونية غير صادقة وحدّث ونافق واجتهد طيلة الوقت على افتراء الكذب واختلاق أقاويل لغاية فى نفسه وإشباعا لرغبة منحرفة غير سوية فهذا والعياذ بالله أبعد الناس عن دين الله،لأنه بذلك يعمل على اشتعال الفتنة واحتدام النزاع وشق الصف المسلم وهدم كيان الأوطان سواء كان بقصد أو بدون قصد "ومَنْ أَظْلمُ مِمَّن افْتَرىٰ عَلَىٰ اللهِ الكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَىٰ الإِسْلامِ وَاللهُ لَايَهْدِى القَوْمَ الظَّالِمينَ". حفظ الله مصر وسائر بلاد المسلمين من كل شر وسوء..

مشاركة :