بعد سلسلة من التدابير الاستثنائية للحد من الأضرار الاقتصادية لوباء كوفيد-19، يفترض أن يؤكد البنك المركزي الأوروبي الخميس على قدراته الذهاب أبعد من ذلك وإن بدت خياراته محدودة. ماذا قرر البنك الأوروبي بهذا الصدد وما هي المسارات المتاحة أمامه؟ -مدفعية ثقيلة-أخرج المصرف المركزي الأوروبي، في 18 آذار/مارس، “مدفعيته الثقيلة” مع إطلاق “برنامج الشراء الطارئ الوبائي” بقيمة 750 مليار يورو لشراء الديون العامة والخاصة، في محاولة لاحتواء التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد-19، وتهدئة المخاوف السائدة في الأسواق دون انتظار اجتماع السياسة النقدية المعتاد. وتضاف هذه الاستجابة غير المسبوقة والمتوافقة مع حجم الكارثة الاقتصادية إلى برنامج “التيسير الكمي” الذي نُفذ بين آذار/مارس 2015 ونهاية آذار/مارس 2018، ثم أعيد إطلاقه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وبذلك، يصل المتوسط الشهري لمشتريات الأصول التي ستجري حتى نهاية 2020 إلى 117 مليار يورو. وتستفيد الهيئة التي ترأسها كريستين لاجارد من إطار مرن يتمثل بعدم خضوع “برنامج الشراء الطارئ الوبائي” لحد “التيسير الكمي” الذي يحظر شراء أكثر من ثلث الديون الصادرة عن دولة معينة، ما يمكنها من تركيز المشتريات على الدول الأكثر تضررا من الوباء، مثل إيطاليا. وقد تطلق موجة جديدة من القروض العملاقة والرخيصة للمصارف اعتبارا من حزيران/يونيو. وأعلن البنك مؤخرا أنه سيسمح للمصارف بالاقتراض منه بضمان “سندات عالية المخاطر” سواء أكانت صادرة عن حكومات أو شركات في منطقة اليورو. يرى الخبير الاقتصادي في مجموعة “أليانز” لودوفيك سوبران أن المعركة لم تنته، فقد يضطر البنك المركزي الأوروبي إلى بذل المزيد من الجهد “لإقناع الأسواق وتهدئة المخاوف المتزايدة بشأن استدامة الدين”. خاصة وأن التدابير التي اتخذتها الدول لتجنب موجة من الإفلاس وبالتالي تسريح العمال، سوف تخلق دينا عاما بقيمة 1000 مليار يورو في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا فقط. وقد يبدو ضرورياً زيادة قيمة “برنامج الشراء الطارئ الوبائي” وقد يجري التباحث بذلك اعتبارا من الخميس، بحسب مؤسسة كابيتال أيكونوميكس. و قد يكون أحد الخيارات هو إدراج “سندات عالية المخاطر” في برامج إعادة شراء الديون، والذي لا يزال محظورا حتى الآن، ما لم يرفع البنك المركزي الأوروبي هذا الحاجز القانوني من تلقاء نفسه. ويملك البنك المركزي الأوروبي أداة شديدة الأهمية منذ عام 2012 لكنه لم يستخدمها قط، ألا وهي العمليات النقدية الفورية، أي إعادة شراء ديون بدون حد تستهدف دولة معينة. ولكن لتنشيطها يجب أن توافق الدولة على الخضوع لبرنامج مساعدات أوروبي، وهو ما قد لا يحدث. وحول إعادة شراء ديون الدولة بشكل مباشر وليس عبر سوق ثانوية، فإن هذا لا يزال محظورًا بموجب المعاهدة الأوروبية، كما أشارت لاجارد مؤخرا. ويمكن للبنك المركزي الأوروبي، مع ذلك، خفض “معدل سعر الفائدة على الودائع” الذي يثقل السيولة التي يقدمها المصرف بدلاً من توزيعها على شكل قروض. وكان قد تم تثبيتها عند -0,50 بالمئة في آذار/مارس، لكن يجب على البنك المركزي الأوروبي أن يكرر يوم الخميس أنه يحتفظ بإمكانية إجراء مزيد من التخفيضات لدعم الائتمان. وحذرت لاجارد دول الاتحاد الأوروبي خلال القمة يوم الخميس من أخطار “التحرك القليل جداً وبشكل متأخر جداً” قائلة إنها تخشى أن يواجه الاتحاد الأوروبي أسوأ ركود في تاريخه. ولم ينجم، مع ذلك، أي شيء ملموس من هذا الاجتماع الذي اتسم بالانقسامات القديمة الموجودة بين الدول بعد الأزمة المالية لعام 2009. ومن المتوقع أن توجه الخميس المديرة السابقة لصندوق النقد الدولي ووزيرة الاقتصاد الفرنسي السابقة نداء كي لا يكون البنك المركزي الأوروبي وحيدا لانقاذ منطقة اليورو.
مشاركة :