سيناريو اليونان الكارثي: التخلف عن السداد وخروج اليونان من اليورو والفشل السياسي

  • 6/23/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تتخوف اليونان ودائنوها من سيناريو كارثي تتدرج مراحله من تهافت المودعين على المصارف الى عجز الحكومة المتتالي عن تسديد الديون، ثم خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي الذي من شأنه زعزعة اسس اليورو. المصارف هي الحلقة الضعيفة (جدا) تشكل المصارف مصدرا لكل الهواجس والشائعات التي تتمحور حول هذا السؤال: ما هي المبالغ المتبقية في صناديق المصارف اليونانية؟ وما هي مبالغ اليورو التي يسحبها يوميا او كل ساعة المودعون او المستثمرون؟ وما دامت خزائن المصارف مليئة، تستطيع اليونان الصمود المتمثل بصرف الرواتب ودفع الفواتير وحماية المودعين. لكن هذا الصمود يتوقف كثيرا على خط التمويل العاجل من البنك المركزي الاوروبي الذي يعاد النظر فيه يوميا. وحتى لو كان البنك المركزي الاوروبي يرفض تحمل المسؤولية السياسية لنظام مصرفي، فهو لا يستطيع الحفاظ عليه الى ما لا نهاية. ويتعين على المدى المتوسط، اعادة رسملة المصارف لمواجهة تراكم الديون "الهالكة" التي لا يستطيع المواطنون والمؤسسات اليونانية تسديدها، لانهم يواجهون صعوبات كثيرة. ويعتقد عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين، ان اليونان لن تتوقف، سواء توصلت الى اتفاق ام لم تتوصل مع دائنيها، عن القيام "بعمليات مراقبة على رؤوس الاموال" لتجنب هروبها. التخلف عن السداد سيكون اي تخلف لليونان عن الدفع عملية مربكة جدا، لأنه لا يوجد قانون حول افلاس الدول التي تتمتع بالسيادة ولا قواعد واضحة في اطار منطقة اليورو. فمواعيد الاستحقاقات واضحة. ففي 30 حزيران/يونيو، يتعين على اثينا دفع حوالى 1,5 مليار يورو الى صندوق النقد الدولي. واذا لم يجر التحويل، ستعلن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد على الفور تخلف اليونان عن الدفع. وستصبح اليونان حينذاك رسميا بلدا عاجزا عن الايفاء بالتزاماته. وبعد فترة قصيرة، في 20 تموز/يوليو، سيأتي دور البنك المركزي الاوروبي للتوصل الى الاستنتاج ذاته. وتشير كل الدلائل الى ان هذه المبالغ ليست متوفرة لليونان. لذلك تحتاج الى المساعدة الدولية المتوقفة منذ الصيف الماضي، والتي تفوق سبعة مليارات يورو بقليل. لكن من الضروري اولا ان تتوصل اليونان ودائنوها الى اتفاق على مسار يتعلق بالتشدد في بنود الميزانية وبرنامج الاصلاحات. واذا لم تدفع اليونان، ماذا يحصل؟ لن تعلن اي محكمة افلاس اليونان. فقد نبهت وكالات التصنيف الائتماني، ستاندرد اند بورز وفيتش، الى انها لن تطبق آلياتها، لأن اليونان ستتخلف عن الدفع الى جهات دائنة عامة قدمت لها القسم الاكبر من ديونها. لكن المصارف ستشعر بتأثير ذلك على الفور. فلن يقتصر التأثير على صناديقها فقط، بل سيشمل ايضا الثروات الوحيدة المتبقية لها، او بالكاد، وهي سندات الخزينة اليونانية التي ستتبخر قيمتها. والنتيجة ان البنك المركزي الاوروبي الذي يوافق حتى الان على ضمان هذه الديون لاعادة تمويل المصارف اليونانية، سيوقف عمليات الضخ. الخروج الحتمي تقريبا من اليورو لذلك ستصل المصارف اليونانية الى مرحلة الافلاس. فمن المتعذر تعويمها عبر البنك المركزي الاوروبي، وليس مطروحا ان يجازف مستثمرون خاصون ويقدموا اموالا. ومن اجل محاولة انقاذها، يمكن ان تدخل الحكومة عندئذ في "منطقة رمادية"، كما قال هولغر شميدينغ، الخبير الاقتصادي في بيرينبرغ بنك، من خلال اعادة تكوين رأسمالها بعملة "موازية" وهي اي.او.يو "انا ادين لك" التي تعني حرفيا الاعتراف بالدين. واذا صدرت سندات الخزينة الموقتة هذه في البداية بالتساوي مع اليورو، فستخسر قيمتها. وسيليها تضخم متسارع وتبخر المدخرات وتدهور مستوى المعيشة. وستمتد هذه "العملة الرمادية" لدى استخدامها الى القطاع الخاص. إذاك ستنفصل اليونان فعليا عن العملة الاوروبية. وبعد الخروج من اليورو؟ والخطر المالي الاكبر هو اصابة الاسواق ب"العدوى". فسيبدأ المستثمرون بعد خروج اليونان، في الارتياب ببلدان اخرى مثل اسبانيا والبرتغال، وربما حتى ايصالها الى العجز عن تمويل ذاتها بطريقة مستقلة. ويعتقد القسم الاكبر من الخبراء ان هذه المخاطر، اذا كانت بعد موجودة، قد تراجعت. فمنطقة اليورو اسست "اتحادا مصرفيا" لاحتوائها. ومنذ بداية الازمة اليونانية في 2010، باع القطاع الخاص وخصوصا المصرفي خسائرة وقلص امكانات انكشافه. وسيكون الخطر الابرز سياسيا. فمنطقة اليورو ستبدو مثل اتحاد نقدي بهندسة متغيرة وحوكمة جسورة بدلا من مجموعة دول متلاحمة. وهذا ما سيعطي حججا للمشككين في جدوى الاتحاد الاوروبي، وايضا للذين يحلمون باتحاد نقدي لا مكان فيه للدول الضعيفة، وللذين يستنكرون "الاملاءات" الاتية من برلين وبروكسل. وهذا التخوف التاريخي قد عبر عنه بقوة المستشار الالماني السابق هلموت شميت، أحد مهندسي البناء الاوروبي، في مقابلة اجريت معه اخيرا. وقال :"اذا لم تتوصل الحكومات الاوروبية الى ابقاء اليونان في اليورو، فلتذهب عندئذ الى الجحيم".

مشاركة :