نتيجة توقف النشاط الرياضي بسبب فيروس كورونا، خرجت مقارنات بين زمنين، وبين لاعبين، وبين مدربين، وتناولنا الأسبوع الماضي فكرة المقارنات الانطباعية، وانتشارها عالمياً وإعلامياً في الأشهر الماضية، وكيف أنها مقارنات غير عميقة، مثلاً لماذا أحب الجمهور الأرجنتيني مارادونا أكثر من ميسي؟ ولماذا أحب الجمهور الفرنسي بلاتيني أكثر من زيدان؟ ومن تلك المقارنات ما جرى في الكرة المصرية بين الخطيب وحسام حسن، وكيف أن أرقام حسام أفضل، بينما مهارات الخطيب أعلى؟ المقارنة امتدت إلى اثنين من أهم مدربي كرة القدم في مصر، وهما الجنرال محمود الجوهري، والكابتن حسن شحاتة، فكلاهما مدرب قدير قدم الكثير للكرة المصرية.. فلا يمكن وضع مقارنة بينهما حول الأفضل بشكل مطلق دون معايير أعمق، والواقع أن تلك المقارنة تقودنا إلى مفهوم المدرب الجيد، فقد حصل الجوهري على بطولات، وحقق إنجازات للكرة االمصرية، مثل التأهل لكأس العالم 1990، والفوز بكأس أفريقيا 1998، والفوز بكأس العرب في سوريا عام 1992، وقيادة الأهلي إلى أول بطولة أفريقية في تاريخه عام 1982، كما أنه حقق معه بطولات محلية، مثلما حقق مع الزمالك، وأضيف إلى ذلك تأهل الجوهري للدور قبل النهائي بكأس آسيا لكرة القدم مع منتخب الأردن. أما حسن شحاتة، فقد صنع إنجازاً تاريخياً، بالفوز بكأس أفريقيا ثلاث مرات على التوالي، كما حقق العديد من الإنجازات المحلية، لكن ما حققه الجوهري امتد إلى تطوير لغة كرة القدم في مصر، ومن ذلك قوله إن مباريات الذهاب والعودة في البطولات الأفريقية عبارة عن مباراة واحدة مدتها 180 دقيقة على شوطين، بجانب تطوير اللعبة بأداء الكرة الحديثة بمقاييس زمنها، مثل صناعة الظهير المهاجم والجناح المدافع، وتطبيق طريقة 5/ 3/2 دفاعياً وهجومياً، كما فعل في كأس الأمم في بوركينا فاسو، ولعب الجوهري مباراة عالمية في مونديال 1990 أمام هولندا، كما لعب حسن شحاتة مباراة رائعة أمام البرازيل في كأس القارات 2009، ومباراة كبيرة جداً فاز فيها على إيطاليا بطلة العالم 2006 في كأس القارات بجنوب أفريقيا. الجوهري كان ظاهرة فريدة في الكرة المصرية، وهي أنه كان مدرباً نجماً يهتف الجمهور باسمه كلما أحرز فريقه هدفاً، ويهتف ضده الجمهور كلما خسر فريقه مباراة، فهو النجم الأول بالفريق حتى لو كان يقود مجموعة من النجوم.. وهذا الهتاف لم يكن مسألة انطباعية، وإنما يقين بأن هذا المدرب هو النجم الأول بالفريق.. وقد ظل الجوهري طوال عمره وحتى رحيله ممارساً لكرة القدم بمنتهى الاحتراف، وبمنتهى الجدية، وبمنتهى العمق..
مشاركة :