نظم اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بالتعاون مع فرقة مسرح دبي الشعبي مساء أمس الأول، في مقر الفرقة في دبي أمسية للشاعر عبد الله الهدية، أدارتها الشاعرة شيخة المطيري، وقرأ فيها الهدية قصائد عدة من إنتاجه، وتحدث في الأمسية الكاتب محمد نجيب قدورة الذي ألقى الضوء على ملامح تجربة الهدية الشعرية، وقيمتها في إطار التجارب الشعرية الإماراتية الحية. قالت المطيري في تقديمها إن عبد الله الهدية ولد عام 1962 في رأس الخيمة، وهو يجمع بين القصيدة الفصحى والنبطية، وله إصدارات عدة منها ابتسام العمر وإلى متى أين أنت. الهدية قرأ نصوصاً منها: (أضاعوني، الباحث عن إرم، قولي وداعا، اذهبي حيث تشائين)، كما قرأ قصائد شعبية، وامتازت قصائده بطول النفس وإرخاء العنان للعواطف كي تنسكب بحرية، مع المحافظة على قوة الإيقاع وجزالة الألفاظ، وهو مسكون بهموم العروبة يتألم طوال الوقت على المآسي التي تحيق بالأمة العربية وتدمر إنسانها ومدنها، وما خربها من الصراعات والخلافات والدسائس، فتراه ينوح عليها ويصيح بحثاً عن إرم الهناء والسعادة في تلك المدينة التي اختفت بعد أن كانت آية في الجمال، كما وصفها القرآن الكريم، وبحث الشاعر عنها هو بحث ذلك المجد الغابر وتلك الحاسة الفنية المبدعة التي استطاعت أن تشيد كل ذلك الجمال، و يتخذ الهدية من إرم رمزاً لذلك المجد الغابر، ولكل ما شيده العرب من إنجازات عبر التاريخ، فيقف على مشاهد الدمار والتقهقر في الحاضر ويتساءل أين أنت يا إرم وأين ما شاده أجدادنا من مجد، وأنجزوه من حضارة عظيمة، لقد ذهب كل ذلك بسبب التخاذل، يقول الهدية: شرعت أبواب التفاؤل راميا كل انتكاسات الزمان ورائيا وأتيت أبحث عن ثوابت حاضري أمشي وأزرع للسحاب سمائيا أمشي على إيقاع حلم عروبتي وأنا أردد للدنى أشعاريا مليون عاد في الوجود تحيط بي والريح صرصرة... أعيدوا باليا وفي قصيدة أضاعوني يقول: جلفار جئتك يا ملاذي ساعيا أدعو وقد لبّى الحجيج ورائيا مطَّوفاً حول المآسي مرغماً أمشي على وجع الليالي حافيا أمشي وقد هد الزمان تصبري واستوطن الجرح النديُّ كيانيا أنى التفت أرى الشخوص تلف بي ترثي كما ارثي الزمان الماضيا جلفار يا جلفار إني مغرمٌ وهواك اتعب بالسهاد مناميا تسعٌ عجافٌ قد أكلن سنابلي وسلبن من ناي الصدى ألحانيا والهاجس المزروع في رئة الرؤى أدمى طموحي واستباح صوابيا كل المواكب للكواكب سافرت إلا دروبي لا تزال جواثيا الهدية كان بين الحين والآخر يخفف همومه، بقراءات في الحب، منها قصيدة يا عذبة الروح التي جاءت في لغة رقيقة وإحساس وجداني أرهفه الجمال فانطلق صاحبه يهيم في أوصافه، يقول: يا عذبة الروح والإحساس يا عبقاً تعطر الورد من خديه والسحرُ أبسمةٌ أَنتِ أم حلمٌ يراودني أم غنوةٌ أم حبيبٌ ساقه القدرُ أَشعلتِ في مهجتي نار الهوى فبدت لواعج الشوق في الإحشاء تستعرُ فمذ رأتك عيوني والدّنى فرحٌ والحب همسٌ يناجي لحنه الوترُ رأيت فيك جمالاً جل خالقه عليك دون سواك الحسن يقتصرُ محمد نجيب قدورة في مداخلته قال إن الهدية جمع في قصائده بين الروح الإنسانية المرهفة والانتماء الراسخ للوطن والعروبة، وقد شكلت تلك الموضوعات الثلاثة مرتكزات شعرية عنده إضافة إلى المرتكز الفني المهم وهو تمسكه بالقصيدة العمودية، وإيقاعها العالي، وشدد قدورة على خاصية مهمة يتميز بها الهدية، وهي إصراره على أن يكون هو ذاته في شعره ويعبر بصدق عما تجيش به عواطفه وخواطره وما تمليه عليه تجربته، كما أشار إلى أن الهدية هو من شعراء المطولات حيث يمد التجربة إلى أقصاها، ويعطيها كل عناصرها لكي تخرج متكاملة مفصلة، من دون أن يؤثر ذلك في قوة الأسلوب لديه.
مشاركة :