عاش لبنان يوماً سادته حالة من الغليان والغضب تخللته تجمعات وقطع طرق احتجاجاً على انتشار مقاطع مصورة تظهر تعذيب نزلاء في سجن مركزي، رغم إحالة السلطات عنصري أمن للمحاكمة العسكرية للاشتباه في تورطهما في الواقعة. وفجر نشر تسجيلين مصورين يظهران تعذيب المعتقلين في سجن رومية غضباً عارماً، خاصة في الأوساط التي ينتمي إليها المعتقلون. وأظهر التسجيلان أفراد أمن لبنانيين يعتدون بالضرب المبرح على عدد من السجناء. ويرجّح أن يكونا قد صوّرا في منتصف أبريل الماضي بعد اقتحام القوى الأمنية سجن رومية. وجرى تجريد السجناء من ملابسهم، وظهر رجال أمن يضربونهم، وأثارت الصور جدلاً كبيراً بشأن تدهور الحريات وحقوق الإنسان في البلد الذي يعاني شغوراً رئاسياً دخل عامه الثاني، فضلاً عن اتهامات متصاعدة للأجهزة القضائية والأمنية بازدواجية التعامل والتفرقة بين اللبنانيين. وأفادت مصادر إعلامية بأن مناطق لبنانية عدة شهدت احتجاجات على التعذيب بسجن رومية، تركزت في مدينة طرابلس . وطالب أهالي موقوفين بالسجن تجمعوا في ساحة النور بطرابلس للاحتجاج على التعذيب، بإقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق، وذُكر أن محتجين قطعوا طريق العبدة-عكار شمالي لبنان، كما قطع محتجون آخرون طريق سعد نايل تعلبايا-البقاع، وتجمع شبان أمام جامع الإمام علي في العاصمة بيروت ورفعوا المطلب ذاته؛ إقالة وزير الداخلية. ونقلت المصادر قولها إن زعيم تيار المستقبل سعد الحريري اتصل هاتفياً بالمشنوق وبوزير العدل أشرف ريفي، مستنكراً ما حصل في سجن رومية، ومطالباً بمحاسبة المتورطين في عمليات التعذيب. وتعليقاً على التسجيلين، قال المحامي ومدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان نبيل الحلبي إن الصور المسربة لسجن رومية صدمت المجتمع، وأضاف أن اللجنة الحقوقية طالبت منذ شهرين بفتح ملفات للتحقيق في عمليات التعذيب بالسجن. وذكر الحلبي أن المؤسسة التي ينتمي إليها اطلعت على معلومات تشير لحدوث عمليات تعذيب بسجن رومية أعنف مما بيّنه التسجيلان. وقال إنه اطلع على معلومات تفيد بأن سجيناً فقد إحدى عينيه جراء التعذيب، كما أن معتقلاً آخر أُجبر على اغتصاب زميله في السجن. من جهته، شجب عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل المحامي محمد المراد ما يلقاه سجناء رومية من تعذيب، وطالب بجهات مستقلة للتحقيق في الموضوع ومن خارج السلك العسكري. من جانبه، طالب مفتي الجمهورية اللبنانية بأخذ كافة الإجراءات بحق من قام بالتعذيب في سجن رومية للحؤول دون تكرار هذه الأعمال التي اعتبرها مسيئة لسمعة لبنان. في الأثناء، أحالت السلطات اللبنانية رجلي أمن للمحاكمة العسكرية للاشتباه في تورطهما في الحادثة، وأعلن وزير العدل أشرف ريفي توقيف عنصري أمن في سجن رومية، أكبر سجون البلاد، وقال في مؤتمر صحافي إن ما نشر حول تعذيب المساجين جريمة في الوطنية والإنسانية، مضيفاً أنها لا يمكن أن تمر من دون عقاب. وتعهد الوزير بحماية حقوق المساجين بغض النظر عن انتماءاتهم، وطالب بعدم استغلال الحادث سياسياً واستخدامه للهجوم على الحكومة.
مشاركة :