عمل المرأة في الأماكن العامة وفق ضوابط ليس عيباً

  • 11/2/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أجبرت الظروف المادية والاجتماعية بعض الفتيات والنساء في المدينة المنورة على تقبل بعض الاعمال التي كانت مرفوضة لديهن في السابق والتي لا تناسب عاداتهن وتقاليدهن، إلا أن حرصهن على العيش الكريم دفعهن ليبرعن في أعمال لم يدر بخلدهن يوما أن يعملن بها. أم نوال في الثلاثين من عمرها مطلقة ولديها خمسة أطفال تقول: بعد طلاقي لجأت إلى العيش في منزل أهلي الذي لم يعد يتسع لي ولأبنائي الخمسة، فوضع أبي شروطا قاسية في حال بقائي في منزله، كان أهمها ألا يبقى أبنائي معي، فرفضت شرطه وغادرت المنزل واستأجرت شقة لأسكن فيها مع أبنائي بعيدا عن تسلط الأهل وجبروت الأب، إلا أن ضيق ذات اليد دفع إحدى صديقاتي لأن تعرض علي وظيفة بائعة في أحد محلات الملابس النسائية، ولم أتقبل الفكرة في بادئ الأمر، بل رفضتها بشدة، وبحثت عن وظيفة أخرى أستطيع من خلالها إعالة أبنائي وتلبية احتياجاتهم، ولم تفلح محاولاتي في توفير وظيفة مناسبة، ما أجبرني على قبول وظيفة بائعة، حتى أستطيع أن أعيش وأبنائي حياة كريمة دون أن نمد أيدينا لسؤال الناس، وبالفعل عملت كبائعة، وشعرت خلال الأيام الأولى بحرج شديد، كما تخوفت من أن يراني أحد أفراد عائلتي أو أهل طليقي، وبعد تفكير عميق وبمرور الايام ونجاحي بعملي أصبحت مديرة في أحد الفروع النسائية، واكتشفت أن الخوف من العمل أو الخجل منه لا يفيدان خاصة إن كان العمل حكرا على النساء، وفي مكان آمن وسط السوق تحت حراسة ومراقبة تضمن للمرأة العمل في أمان. وتشاركها الرأي بارعة علي التي تعمل في أحد الفنادق مسؤولة حفلات حيث تقول: انفصلت عن زوجي ولم أنجب منه أطفالا وبعد مرور سنة من انفصالي ومروري بظروف مادية سيئة قررت أن أبحث عن عمل لقتل الفراغ الذي أعيشه، ولتوفير دخل مادي يمكنني من العيش بحياة مستقرة أستطيع من خلالها الاعتماد على نفسي ماديا ومعنويا، وتمكنت من الحصول على وظيفة في أحد الفنادق، حيث عملت في بداية الأمر منسقة للحفلات في صالة الاحتفالات داخل الفندق، وانشغلت كثيرا في عملي رغم معارضة أسرتي لنوع العمل، وكانوا ينصحونني دائما بالحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا، لافتين إلى أن عملي لا يناسب وضعنا كأسرة محافظة تمنع اختلاط نسائها في أعمال بعيدة عن التدريس أو أي مجال يكون حكرا فقط على النساء، ولم ألق بالا بتخوفاتهم، واستمررت في عملي، بالإضافة إلى تطوير ذاتي، وحصلت على دورات في هذا المجال، حتى تمكنت منح الارتقاء إلى وظيفة أعلى وبراتب يتعدى راتب شقيقتي التي تعمل في مجال التدريس منذ خمسة عشر عاما. اما أسماء التي تعمل مديرة فرع في أحد المحلات التجارية المعروفة فتؤكد أنها حصلت على عمل في محل لبيع الملابس النسائية بعد طلاقها من زوجها بستة أشهر لتصرف على أبنائها، وتسدد إيجار الشقة التي تسكنها، لافتة إلى أنها لا تجد عيبا في عمل المرأة التي تسعى لتلبية احتياجاتها ومتطلبات أبنائها في ظل فشلها في الحصول على وظيفة حكومية تتناسب وعادات وتقاليد بعض الأسر، مضيفة: على العكس من ذلك تماما فقد أثبت لنفسي أن المرأة تستطيع تحقيق النجاح في أي مجال خاصة إذا كانت تمر بظروف مادية واجتماعية صعبة تجعلها حريصة على العمل بجدية حتى لا تفقد وظيفتها التي تحصل عليها بصعوبة. من جهتها أوضحت لـ«عكاظ» الأخصائية الاجتماعية في إحدى الجمعيات الخيرية أبرار محمد أن بعض الأسر للأسف ما زالت تحتفظ بفكر أن المرأة لها أعمال محددة لا يمكن لها أن تعمل في غيرها، لافتة إلى أن هناك نظرة خاصة من المجتمع للمطلقة، تجهض كل محاولاتها في الحصول على العمل والتعليم والعيش بحرية تستعيد معها ثقتها في نفسها. وتشير أبرار إلى أن تشدق الأسر ببعض العادات والتقاليد البالية يقيد النساء في وظائف محدودة يصعب الحصول عليها في الوقت الحاضر، في الوقت الذي يرفض الأهل الوظائف الحالية المتاحة بذريعة الاختلاط متناسين أن التربية الإسلامية كفيلة بأن تكون حائط صد أمام السلوكيات السلبية التي ترفضها المرأة قبل الأهل، ناصحة الأهل بأن يمنحوا أنفسهم وذويهم فرصة للتفكير في طبيعة وأهمية العمل الذي تقدمه المرأة في شتى المجالات طالما ان المرأة تعمل بحجابها ووفقا لأنظمة وقوانين وضوابط شرعية. وتهيب أبرار بأولياء الأمور منح بناتهم فرصة للعمل طالما لا تتوفر وظيفة حكومية، مشيرة إلى أن العمل في الأماكن العامة لا يعني أن المرأة خرجت عن عادات وتقاليد الأسرة بل على العكس، فإن عملها يضمن لها ولأبنائها حياة مادية مستقرة تقيها حاجة وسؤال الآخرين.

مشاركة :