يلجأ الكثير من الناس بمختلف شخصياتهم وأعمارهم وتنوع مشكلاتهم إلى مظلة يشعرون تحت ظلها بالهدوء، حتى وإن كان لوقت قصير، هربا من واقعهم للبعد عن منغصات الحياة، بحثا عن الراحة الروحية والنفسية والتوقف عن التفكير و الارتباط بقوة روحانية للشعور بإحساس الأمن والأمان النفسي، لذا كثيرا ما نجد حينما ندلف إلى أحد المساجد في أوقات غير مخصصة للصلاة تواجد أجساد هادئة منعزلة في زوايا وأركان المسجد، غارقين في أفكارهم، كأنهم في عالم يخلو تماما من كل شيء .. فضاء واسع يحتفظون به لنفسهم فقط ، وبمجرد أن تنظر إليهم تشعر بالسكون الذي يستمتعون به رغم المشكلات التي يتعرضون لها والتي جعلتهم يهربون منها فيلجؤون إلى الاختلاء بالنفس. أما قصصهم فهم لا يبوحون بها سوى للمقربين فقط ولا يسمحون لأحد بالتدخل في شؤونهم.. ومن المقربين الذين شهدوا تلك القصص هم أئمة المساجد الذين عادة ما يبادرون بالسؤال بغرض تقديم المساعدة إن كانوا يستطيعون ذلك.. ومن تلك الحكايات والقصص، تلك التي سمح لنا الأئمة بنشرها بغرض التوعية الاجتماعية. يقول الشيخ أحمد عبد الله جابر إمام وخطيب مسجد النور في بني مالك، إنه لحظ أحد المواطنين يتأخر بعد انقضاء الصلاة ويجلس معتكفا على قـراءة القـرآن الكريـم أو التفكير.. وأضاف: «سمحت لنفسي بالسؤال والتقرب منه فأشار إلى أنه رجل أعمال وقد خسر صفقة بالملايين في البورصة الأمريكية، ولديه بعض المشكلات مع شريكه، حيث إنه هو من كان يعطي أوامـر البيع والشراء، وبعد الكسب الذي حصلا عليه لم يتقبـل شريكه الخسارة.. ويقول: بالرغم من الخسارة الفادحة، إلا أني أجد راحة بال نفسية بتواجدي في المسجد».. واستطـرد إمام المسجد يقول: «بعد ذلك حاولت التدخل في الأمـر واستقبال شريكه فوجدت أن شريكه رجل متوتـر وغاضب جدا على ما حصل عكس الوقار والهدوء الذي يتمتع به المعتكف في المسجد، وقلت حينها إن الله عز وجل بالرغم من مصيبة ذلك الرجل، إلا أنه قد من عليه بالراحة النفسية بسبب تواجده في المسجد بعد الصلوات» . وعن الشباب والمخدرات يقول الدكتور سعيد القرني إمام وخطيب مسجد الملك سعود في خزام، إنه كثيرا ما يتواجد الناس في مسجدهم نظرا لشهرتـه ، مبينا أنه لحظ زيارات عدد من المصلين المتكررة حتى أصبحنا نطلق عليهم حمام المسجد لتواجدهم المستمـر بسبب الراحة التي يجدونها.. وأضاف: «ولكن لفت نظري أحد الشباب ذات مرة وكان يناضل في الاستقرار النفسي والروحي فدعوته لنتحدث سويا وسرعان ما أفصح لي خلال اللقاء عن مشكلته مع المخدرات بسبب أصحاب السوء، وكيف أنه يحاول جاهدا التخلص من تلك الآفة ولكن دون جدوى» .. مشيرا إلى أن المسجد هو المكان المريح بالنسبة له نوعا ما وموضحا أنه يخشى الذهاب إلى الجهات المتخصصة لعلاجه بسبب خوفه على أمـه من أن تصدم فيه. وبين الدكتور القرني، أن مشكلة والدتـه تولاها عدد من المصلين الذين أخبروها أن ابنها سيتـم إرساله إلى منطقة مكة للعمـل فيما تـم إرسال الشاب إلى مستشفى الأمل وهناك حظي برعاية طبية جيدة.. وأضاف: «ها هو اليوم يعد من الحمامات في مسجدنا مسجد الملك سعود» .
مشاركة :