تجددت ظهر اليوم الاحتجاجات والمواجهات العنيفة فى مدينة طرابلس (شمالى لبنان) تنديدا بالتدهور الاقتصادى وتراجع الأوضاع المعيشية الذى تعانيه المدينة، وأقدم عدد من الأشخاص على إضرام النيران بمقار عدد من البنوك، قبل أن يتدخل الجيش اللبنانى ويستخدم القنابل المسيلة للدموع فى محاولة لتفريق تجمعات المتظاهرين.واحتدمت الاحتجاجات والمظاهرات في مدينة طرابلس ليل أمس على نحو غير مسبوق منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في لبنان في 17 أكتوبر الماضي، حيث تحولت المدينة وشوارعها إلى ساحات اشتباك بين المحتجين من جهة، والقوى الأمنية والعسكرية من جهة أخرى.وكانت تجمعات من المتظاهرين الغاضبين والأشخاص الملثمين قد انطلقوا ظهر اليوم في مسيرة احتجاجية من ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور) بوسط طرابلس باتجاه شارع المصارف حيث تقع معظم فروع البنوك، منددين بمقتل أحد الأشخاص من أبناء المدينة خلال المواجهات العنيفة التي وقعت أمس، ومشيرين إلى أن أوضاعهم الاقتصادية بلغت حد "الجوع" وعدم القدرة على توفير متطلبات الحياة الأساسية.وقامت مجموعات من الأشخاص الغاضبين والملثمين بتحطيم واجهات عدد من البنوك، وأضرموا النيران في مقري بنكين، قبل أن تسارع قوة من الجيش اللبناني مزودة بأسلحة ومعدات مكافحة الشغب (الدروع والعصي والقنابل المسيلة للدموع وبنادق وذخيرة الرصاص المطاطي) إلى ملاحقة هؤلاء الأشخاص وإيقاف مسلسل تحطيم وحرق البنوك.والتهمت النيران فرع أحد البنوك بالكامل وامتدت ألسنة اللهب إلى طوابق أخرى في المبنى السكني الذي يقع به مقر البنك على نحو أثار ذعر السكان وقاموا بإخلاء المبنى بالكامل، كما اشتعلت النيران في فرع لبنك ثان مجاور له.وسارعت فرق الإطفاء والدفاع المدني إلى التوجه لشارع المصارف، وقامت بالعمل على إخماد النيران ومحاصرتها حتى لا تمتد إلى بقية المباني، لاسيما بعد أن تعرضت 4 بنوك إلى الحرق والتخريب خلال المواجهات التي وقعت ليل أمس.من ناحية أخرى، لا تزال شوارع طرابلس تشهد حالة من الكر والفر بين المحتجين وعناصر الشغب من جهة، وقوات الجيش اللبناني من جهة أخرى، والتي أعادت التموضع لحماية المؤسسات المصرفية في المدينة.وبدا لافتا قيام مجموعات من الأشخاص باستفزاز قوات الجيش ورشقها بالحجارة والألعاب النارية (الشماريخ) لتضطر وحدات الجيش المتمركزة إلى التقدم صوبهم وإطلاق القنابل المسيلة للدموع وفي بعض الأحيان الأعيرة المطاطية لحمل تلك التجمعات من مثيري الشغب على التفرق.ويشهد لبنان تدهورا اقتصاديا حادا وتراجعا كبيرا في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانهيارا في سعر صرف العملة الوطنية (الليرة) مقابل الدولار الأمريكي، على نحو أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وموجة غلاء واسعة اجتاحت البلاد.وتعتبر مناطق الشمال اللبناني، لاسيما مدينة طرابلس المعروفة بـ "عاصمة الشمال" من المناطق الأكثر احتياجا وفقرا في عموم لبنان وذلك من قبل اندلاع انتفاضة 17 أكتوبر الماضي، وتفاقمت الأوضاع الاقتصادية بالمدينة في ظل التدهور الاقتصادي والمالي والنقدي المتسارع الذي يشهده لبنان ككل.
مشاركة :