صالح كرامة العامري: العزلة شكل من أشكال الحرية التي أعيد اكتشافها

  • 4/30/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا أحد ينكر أننا نعيش هذه الأيام لحظات تاريخية حرجة مع جائحة كورونا، التي غيّرت العالم وقلبت موازينه، ولا يقتصر تأثير الحالة الكورونية على الأمن الصحي، بل نالت من المثقفين والمبدعين في شتى المجالات، في ظروف عزلة أثرت بشكل أو بآخر على تجاربهم ومشاريعهم الكتابية. وفي سياق مجموعة من الحوارات التي تجريها «الاتحاد» مع الكتاب والمبدعين الإماراتيين والعرب حول العزلة والإبداع، وكيف يمكن استثمار «عزلة كورونا» وأثرها على المبدع، التقينا الكاتب والقاص والمخرج المسرحي الإماراتي صالح كرامة العامري. يقول صالح كرامة العامري حول تأثير العزلة على تجربته الشخصية والكتابية: في الواقع، أرى أن فترة العزلة التي أعيشها حالياً، هي ظاهرة صحية، لأنها أعادت لي الكثير من الأشياء الغائبة، فقد منحتني الفرصة للعودة إلى رفوف مكتبتي لقراءة كتب لم أكن أجد الوقت لاستعادة محتواها سواء في الشعر والأدب والفكر والفنون، ومن هذه الكتب، على سبيل المثال، رائعة الكاتب الكولومبي جارثيا ماركيز، رواية «مئة عام من العزلة»، وهي عمل أدبي رفيع قريب جداً من واقعنا اليوم. ويضيف كرامة، أحد مؤسسي مسرح أبوظبي 1977: رغم الأيام القاسية للعزلة التي يرافقها خوف من الحاضر وترقب لما سوف يؤول إليه المستقبل، يبقى الكتاب والمبدعون هم الذين يطلقون الأسئلة دوماً في نتاجاتهم، ولهذا تظل الكتابة هي الخيار الأهم، ومع كل هذا أجد أنها – أي العزلة – بالنسبة لي فرصة نادرة لإتمام مشاريعي الكتابية في المسرح؛ بمعنى أن حياتي اليومية في العزلة (ثقافية) بحتة، وأحافظ فيها على معنوياتي قدر المستطاع، بجانب التواصل مع ما يبث من إبداعات بالوسائل الافتراضية، وأفكر في الأصدقاء، أكاتبهم وأهاتف بعضهم، وأحياناً أخرج لجلب احتياجات الأسرة من محال التسوّق القريبة، وفي النهاية أجد أن كل ما يحدث حولنا بتأثير هذا الوباء القاتل، هو من نتائج العولمة، وما يتمسك بذيولها من هيمنة قيم ومنظومة أخلاقيات ما بعد الحداثة، فإن هذه العزلة بالنسبة لي تمثل على نحو ما – شكلاً من أشكال الحرية التي أعيد اكتشافها، حيث البقاء وحيداً، ويعد هذا بمجمله وقتاً رائعاً للتفكير والتأمل، والإنجاز النوعي، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد، كما يرتب العالم برمته الآن أوراقه. وفي إجابته عن سؤال حول تداعيات الزمن الكوروني، وكيف يواجه ذلك، أشار العامري إلى أن مثل هذا الوضع غير المتوقع، ليس مزعجاً بالقدر الذي تصوره وسائل الإعلام، فأنا في البداية وفي هذه المدينة الرائعة «أبوظبي» التي أعشقها لانفتاحها الثقافي، أشعر بالطمأنينة لما يتخذ من إجراءات احترازية، ولهذا أجد أن ممكنات إتمام المشاريع الثقافية إيجابية، لكن أرى أن المشهد الثقافي في العالم سيتغير على مستويات كثيرة، أولها سيطرة الإبداع الرقمي وبخاصة في مجال النشر والكتب، حيث ستكون السيادة للكتاب الرقمي بمواجهة الورقي، كما ستنجز أعمال أدبية مستقبلية من رحم العزلة، تهيمن عليها الثيمات الروحانية، كوننا الآن في زمن يحمل خصوصية غير مكررة، على غرار زمن الكوليرا الذي بنى عليه ماركيز رائعته «الحب في زمن الكوليرا»، وهو العنوان الأكثر تردداً واقتباساً هذه الأيام.

مشاركة :