أبوظبي: نجاة الفارس يقول الكاتب عبد الله عبد الرحمن، باحث في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: «ونحن في خضم الاحتفال بشهر القرآن والرحمة، مغمورين بالأسى للأحوال المأساوية بسبب جائحة كورونا، فإننا أصبحنا نقضي أوقات رمضان هذا العام في المنازل، متجنبين احترازياً صلوات الجماعة في بيوت الله، التي هي من الذكريات التي نحنّ إليها كثيراً، ولكن صدى الأدعية المرتفعة من الحناجر، والقلوب، تبقى متوجهة إلى الله، أن يرفع عنا، وعن الإنسانية جمعاء، هذا الوباء». ويضيف: «ذكريات رمضان سرعان ما تنقلني إلى رحاب الحرمين المكي، والمدني، حول الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي، فقد تعودت وعائلتي على أن نشد إليها الرحال بنية العمرة الرمضانية في كل عام، وكنا نصلها مع الإعلان عن رؤية هلال الشهر الفضيل، ولا نعود إلا بعد العيد مشاركين مئات الألوف من المسلمين في تلك الرحاب العامرة، متفرغين تماماً للفرائض، والنوافل، والذكر الحكيم، وحضور حلقات التعليم التي تعقب أغلب الصلوات، بجانب قراءات انفرادية، أو مشتركة في التاريخ الإسلامي والثقافة الدينية». أصدقاء الخير يتذكر عبدالرحمن جمال تلك الذكريات قائلاً: «كان من نعم الله عليّ أن رزقني مرافقة نخبة من أصدقاء الخير من أبناء المنطقة التي أسكن فيها في دبي، شيباً وشباناً، لنشكل جماعة متعاونة، ومتحابة في الله، ونخرج في رمضان لزيارة مساجد إمارات الدولة، ومجالسها، والاعتكاف، خاصة في العشر الأواخر من الشهر، وكان لهذه التجربة الإيمانية تأثير قوي من الناحية الدينية، والتقرب إلى الله عز وجل، وكل ما يتبع ذلك من إكرام المسلمين، وأداء الحقوق، وحسن المعاملة، وإحياء السنة النبوية العظيمة، وطلب المغفرة والسكينة من خلال الدعاء».ويتابع عبد الرحمن: ما زلت أذكر هذه الطقوس الإيمانية في ثمانينات، وتسعينيات القرن الفائت، وما رافقها من حفاوة في الإنتاج الصحفي، والإذاعي، والتلفزيوني بين دبي، والشارقة، وأبوظبي، وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لسردها خلال مسيرة طويلة في الإعلام، والبحث. الطفولة والصبا يصف عبدالرحمن تلك الذكريات بالجميلة، فهي ذكريات من زمن الطفولة، والشباب، حيث منبع الفطرة والعلاقات الإنسانية الدافئة، فرمضان يمثل ذكريات خالدة في نفوس الصغار، والكبار، والأطفال كانوا يتنافسون على صوم الشهر الفضيل، وحيث نساء الفريج يتنافسن في إعداد الطعام، فتتبادل العائلات المأكولات على نحو حميمي، كما ينقل الطعام إلى الجيران، والمساجد، حيث تنعقد موائد الإفطار الجماعية المفتوحة للرجال من سكان الحي، أو الزوار والعابرين من الصائمين. ويضيف: كنت أواظب على اختيار إجازتي السنوية في رمضان، الذي تمتد لياليه لما بعد الفجر، وفي الليل أجتهد في القيام وتلاوة القرآن، ثم أتابع الأخبار، والبرامج الدينية، خاصة الخواطر الإيمانية للشيخ الشعراوي، وأحاديث علماء الدعوة العرب، والأجانب، مروراً بالأرشيف الغني للدكتور مصطفى محمود، والشيخ محمد راتب النابلسي، وحوارات الأقارب، والأصدقاء، فضلاً عن القراءات الأدبية التي نشرك الأبناء في سماعها في النقد، والشعر، والرواية، والتاريخ..إلخ. ويبقى الالتزام بشعار (خليك في البيت) هو سيد الموقف في الحال الراهن، خاصة لمن هم في أعمارنا. صحبة القرآن يؤكد عبد الرحمن أن المسلم لن يجد شيئاً في رمضان خيراً من صحبة القرآن، وهي صحبة لا نشعر معها بسأم، أو ملل، كما يقول، فهو كلام الحق سبحانه وتعالى، ويغنينا الله بالقرآن عن كل شيء فمن استغنى بالقرآن أغناه الله، ومن استهدى بالقرآن هداه الله، وينوه عبد الرحمن بمشروع (كلمة) للترجمة التابع لقطاع دار الكتب في دائرة الثقافة والسياحة للاحتفاء بالكتاب مع (150) عملاً متوفراً مجاناً عبر منصاته الإلكترونية، في مختلف العلوم، وحقول المعرفة، والفكر، والثقافة، والأدب.
مشاركة :