محمد بن زايد: الإيمان والعلم طريقنا إلى المستقبل

  • 4/30/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: سلام أبوشهاببمشاركة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ناالقائد الأعلى للقوات المسلحة، استضاف مجلس محمد بن زايد، ضمن سلسلة المحاضرات الرمضانية، محاضرة بعنوان: «بقيمنا نمضي نحو المستقبل» قدمها عن بُعد الدكتور عمر حبتور الدرعي، المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، تناول خلالها قيم الخير والعطاء والتعاون والتراحم والأخوة والتفاؤل التي لا تتغير على مر الأزمان، وتعين المجتمعات على مواجهة التحديات. إلى جانب دروس الطاعة والعبادة في أجواء أسرية نتعلمها من شهر رمضان المبارك، هذا العام، وهو يهل علينا في ظروف استثنائية.وشارك صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، بمداخلة عن بُعد في المحاضرة التي تبثّ على قناة الإمارات، وقناة محمد بن زايد على ال«يوتيوب»، توافقاً مع الإجراءات.وقال سموّه في بداية مداخلته «السلام عليكم.. أحييك وأحيي إخواني وأخواتي المشاهدين، وأقول لكم مبارك عليك هذا الشهر الكريم، جعله الله شهر خير وبركة على الجميع. في الحقيقة لفتني عنوان المحاضرة «بقيمنا نمضي للمستقبل»، والشرح يطول في هذه المسألة، خاصة نحن والعالم، نعيش تحدياً، وكي نتجاوز هذا التحدي لا بدّ أن يتلازم الإيمان والعمل معاً؛ الإيمان بقيمنا الإسلامية والعمل بها، والتزود بالعلم الحديث والمعرفة، هو طريقنا إلى المستقبل». وأكد سموّه، أن القيم والأخلاق لها دور جوهري في المجتمع في الأوقات والظروف كافة، وهذا ما تجلى في شعب الإمارات والمقيمين على أرضها خلال هذه المرحلة. فكيف ترى دورها في التنمية المستدامة وحفظ الاستقرار في مجتمع الإمارات؟ فقال الدرعي في رده على سموّه: إن الناس في الرخاء سواء، وإذا حصلت الأزمات والشدة تباينوا. فإذا كان الإنسان متشبثاً بقيمه وأخلاقه في الرخاء، فإنه يمارسها ويطاوعها وقت الشدة، فيكون معطاء ونافعاً لبلده، ومستجيباً لنداء الفطرة الإنسانية والأخوة مع جميع الخلق، فمن خلال التمسك بالقيم وجعلها عنواناً لحياة الإنسان، يستطيع أن يراقب الله عز وجل ، ويؤدي أعماله بكل أمانة وإخلاص وإتقان، في ظل الرقابة وحتى إذا لم تكن هناك رقابة في بيته وعمله ومقاعد الدراسة، فالقيم هي الحاكمة لحياة الإنسان في كل تصرفاته ولها مكانة رفيعة للخلق. وشكر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، المحاضر على ما قدم من معلومات وأفكار جميلة، وقال: «بالفعل هذا الشهر هو شهر الصبر وتحمل المشاقّ، ومواجهة التحديات. شهر يلهمنا العمل والعزيمة والإرادة في تحقيق أهدافنا. شهر فيه البذل والعطاء لخير البشرية، فعلينا استثماره لما ينفع الناس ويرسم البسمة على وجوههم».وأضاف سموّه: «اسمحوا لي أن أوجه كل التحية والتقدير إلى كل من يعمل لأجل سلامة هذا الوطن، وصحة المواطنين والمقيمين. نفخر بهم جميعاً، ولا نفرق بينهم في عطائهم وفي حبهم لهذه الدولة». الطاعة والعبادة وقال الدرعي في بداية المحاضرة: «إن شهر رمضان يعود علينا هذا العام ونحن في ظروف لم نعتدها، ليعلمنا من مدرسته العامرة بالقيم، درس الطاعة والعبادة في أجواء أسرية مفعمة بالسكينة، فإحياء رمضان من بيوتنا إحياء للأنفس، ونؤمن بأن بقاءنا في بيوتنا هذا العام فيه بقاء الأجور واستمرار الثواب، ليصبح كل بيت حصانة وسلامة ومحراب تراويح وجلسات قرآن وتسبيح، ومجالس علم وذكر، وروضة من رياض الجنة في الدنيا».وأضاف: «لدينا قيم خالدة نستقيها من إِرث والدنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نحمل راية قيمه في هذه الظروف؛ لنستبصر ببصيرة إرثه الحافل. فقد علمنا أن نقوم في كل موقف بواجبنا، ويكون كل مواطن ومقيم على تراب هذا الوطن، عاملاً من موقعه في خط الدفاع الأول. فيقوم الطبيب بدوره ويسهم العالم بمعرفته والفنان بفنونه والمتطوع بتطوعه والموظف بوظيفته والمرأة بعطائها والطالب بتعلمه ليظل وطننا وطناً لا تغيب عنه الشمس بتفاؤله وعطائه». تبقى قيم الخير وأضاف: إن هذا الوباء سيختفي بإذن الله، وتبقى قيم الخير والعطاء والتفاؤل والأمل والاستعداد وصناعة المستقبل والأخوة الإنسانية، وسنعمل من أجل بقائنا. مستشهداً بعدد من القصص التاريخية والدينية للأنبياء والرسل في هذا السياق، والحوادث التي شهدها التاريخ الإسلامي.وقال الدكتور الدرعي: إن تعاليم ديننا الإسلامي بصورته الحقيقية؛ تعزز قيم الرحمة ونستمد منها خمسة أسس أساسية في ظل هذه الظروف التي نعيشها والعالم؛ أولها أنها كرمت البشرية وجعلتها في مقام التقدير، فكل ما يهدد الأنفس من الخطر والضرر والهلاك ويحول بينها وبين السلامة، فهو ينافي الأديان وتعاليمها؛ فصحة الأبدان من أعظم المقاصد. والأساس الثاني أن قول الأطباء أهل الاختصاص هو المعتبر والمرجع؛ لأنهم أهل الخبرة والعلم والمعرفة، فالحكم الشرعي لأحكام هذا الوباء، يبنى على رأي الجهات الطبية ويرجع إليها ويعتمد عليها. وديننا الحنيف يدعونا إلى تحكيم العلم، ويشجع الذين يسعون جاهدين إلى إنقاذ البشرية وإيجاد الدواء الذي يترقبه العالم أجمع.والثالث، الالتزام بالتعليمات والتوجيهات الصادرة من الجهات المختصة واجب شرعي على كل فرد، لأن في التقيد بهذه التعليمات حفظ النفوس، سواء نفس الإنسان أو نفوس الآخرين. والأساس الرابع، سماحة الدين ويسر تعاليمه، وهناك كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد ذلك وتحث عليه. وخامس الأسس، أن بوصلة الخطاب الديني في مثل هذه الظروف، غرس السكينة والطمأنينة والتفاؤل والإيجابية، وهذا منهج قرآني يوجهنا إلى الأخذ به ربنا تبارك وتعالى في آياته. وأضاف: إن التطوع في الأزمات يعني الكثير، وينبغي أن يكون خيارنا جميعاً، فهو يظهر تلاحم الدول ووعي الأفراد وفاعلية المؤسسات، خلال هذه الظروف، ويكون بالمبادرة والتعاون والتآلف والتكاتف بين أفراد المجتمع كافة ومؤسساته؛ لبذل الجهد والوقت والمال، ومختلف أشكال الدعم؛ لخدمة المجتمع ومساعدته على تجاوز التحدي الذي يواجهه.وفي ختام المحاضرة، أثنى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على اختيار المحاضر الدكتور عمر الدرعي لموضوع المحاضرة. مشيراً إلى أنه من الشباب والكوادر الوطنية التي نفخر بها ونراهن عليها في دولة الإمارات في هذا المجال، إلى جانب بقية إخوانه الذين يحافظون على هويتهم الوطنية وقيمهم الأصيلة.وشارك في المحاضرة عن بُعد، سموّ الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، والدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والدكتور حمدان مسلم المزروعي، مستشار في ديوان ولي عهد أبوظبي، وحمد بن سهيل الخييلي.وفي مداخلة للشيخ نهيان بن مبارك، قال: إن للتسامح حضوراً وأهمية في دولة الإمارات فكيف نراه خلال الظروف الراهنة؟ أجاب الدكتور الدرعي: إن التسامح واجب وضرورة إنسانية وفريضة دينية، فجميع الأنبياء تعاقبوا من أجل أمرين اثنين: إعمار الأرض وإقامة الفرض؛ للحفاظ على جوهر الإنسان. فإذا تحدثنا عن التسامح فإننا نتحدث عن الإنسان، ودولة الإمارات استطاعت أن تنجح في إرساء قيمة التسامح؛ بفضل توجيهات قيادتها وجهودها المستنيرة ومبادراتها الحثيثة المستنيرة في هذا الشأن، على ثلاثة مستويات مهمة: الأول التضامن الإنساني مع شعوب العالم، والثاني مستوى القيادات الدينية تحت مظلة وزارة التسامح، التي استطاعت أن تتكاتف وتكون مرجعية لجميع أتباعها في الالتزام الوطني بإجراءات الدولة. والمستوى الثالث الأفراد، فقد صهروا أعراقهم وجنسياتهم وأديانهم في جهد واحد، وهو خدمة هذا الوطن من أطباء وممرضين ومسؤولين وغيرهم. وفي إجابته عن مداخلة الدكتور محمد مطر الكعبي التي قال خلالها «إن الأزمة التي تعصف بالعالم تجلت خلالها الكثير من القيم الإنسانية التي تصدت لها، وديننا الإسلامي دين قيم يرسخ هذه المعاني فكيف ترون قيم دين الرحمة في تجاوز هذه الأزمة ؟» قال الدرعي: إن الإيمان بقيم دين الرحمة له ثمرات عدّة، من أبرزها في هذه الأزمة، أن إيماننا بقيم دين الرحمة؛ يرسخ لنا أن هذه الأوبئة ليست انتقاماً من الله عز وجل، فهو سبحانه الرحيم بخلقه والكريم مع البشرية، وإنما يرسلها ليتعلم الإنسان منها الدروس، ويجعلها محفزاً ومحركاً؛ من أجل أن يمضي إلى المستقبل بكل تفاؤل، وعمل وتفانٍ، ويستفيد من هذه الدروس، لتكون عوناً له في تجاوز العقبات التي تواجهه في المستقبل. وفي مداخلة للدكتور حمدان مسلم المزروعي، قال: إن المتتبع لمبادرات دولة الإمارات الكثيرة يدرك أنها أسهمت في إرساء القيم الإنسانية، فكيف ترون أثر تلك المبادرات في مجتمع الإمارات خلال هذه الظروف؟ قال المحاضر: إن مبادرات دولة الإمارات ينظر إليها العالم بكل إكبار وفخر، فهي لديها أسلوب ريادي مبتكر في إدارة المشاريع الوطنية وتوحيد الجهود المؤسسية؛ من أجل تلك المبادرات، فمثلاً عام 2015 كان عاماً للابتكار من أجل تحفيز الكوادر الوطنية، ورفدها بالتفكير المنهجي لعملية الابتكار؛ لذلك نجد أن خدماتنا اليوم في كل القطاعات الحيوية الأساسية متوافرة، عبر البدائل التي جرى استخدامها. وعام 2016 كان عاماً للقراءة، فبالعلم والمعرفة تبنى الأمم وتشاد الحضارات، ويمكن للناس أن يقدموا النفع للبشرية، بالتزود بالمعارف والعلوم. ثم جاء عام 2017 عام الخير الذي تربينا عليه والإحسان إلى الإنسانية جمعاء والذي لا يزال حاضراً بقوة، بمواقف أبناء الإمارات المشرفة، خلال هذه الأزمة. ثم جاء عام زايد 2018 الرمز الإماراتي والإنساني الخالد، الذي ما تزال قيمه وحكمه نبراساً وملهماً لنا. ثم عام التسامح 2019، ونحن الآن عام الاستعداد للخمسين، لنرسخ تلك القيم الأساسية والمحاور ونجعلها رصيدنا للمضي قدماً بكل قوة وإصرار نحو المستقبل. أسباب تجاوز الأزمة بين يديكم أشار المحاضر إلى أن التاريخ يعود بنا في منطقة الخليج العربي إلى ما قبل مئة عام، عندما شهدت هذه المنطقة وباء «سنة الرحمة» أطلقوا عليه ذلك الاسم تفاؤلاً برحمة الله والتراحم بين عباده. والأوبئة التي ألمت بأهل الإمارات في ذلك الزمن، لكن إرث الأولين وخبر الأجداد المؤسسين قال لنا «تجاوزنا الصعاب من أجلكم مع قلة ذات اليد فتجاوزوا أنتم من أجل أحفادكم، فهذه أسباب تجاوز الأزمة بين أيديكم». استحضار قيم الدين الإسلامي الخالدة ينظم مجلس محمد بن زايد محاضرته الأولى في حلته الجديدة هذا العام، وفي شكل جديد يحافظ على ما اعتاد عليه من التواصل خلال الأعوام الماضية، فيما تأتي المحاضرة في إطار استحضار قيم الدين الإسلامي الخالدة والمعاني الراسخة في ثقافتنا الوطنية؛ لمواجهة التحدي والمضي نحو المستقبل. مستلهمين العبر من تجارب سابقة خاضها مجتمع الإمارات واجتازها بقوة وثقة ويقين.. فيما شهدت المحاضرة تفاعلاً بين المشاركين والمحاضر أثرى النقاش والحوار ومحاور اللقاء. زايد في فيديو مسجل: كل شيء إذا وصل إلى حده وزاد انتهى خلال المحاضرة، عرض مقطع فیدیو للمغفور له الشیخ زاید، طيب الله ثراه، في حديثه عن القيم التي يجب أن يتحلى بها المجتمع. وقال: «كل شيء إذا وصل إلى حده وزاد انتهى». كما قال: «سنستعين بالتاريخ لأن التاريخ يعيد نفسه، ليروي لنا رواية القيم التي لا تتبدل، ولا تتغير فصول تلك الرواية، فتأخذنا إلى خلاصة واحدة وهي أن الأزمات مختبرات معادن الرجال وقيم المجتمعات».

مشاركة :