يزخر متحف الشارقة للحضارة الإسلامية الذي يحتل موقع القلب في إمارة الشارقة، بالمقتنيات النفيسة، التي تعكس طبيعة المناطق المتعددة التي أتت منها، ولعل أبرز ما يميزها هو ارتباطها الوثيق بالحضارة الإسلامية، وتروي كل قطعة حكاية حضارة وتاريخ زاخر عن حقبتها.وتتجاوز محتويات المتحف من مقتنيات الفنون والثقافة الإسلامية، أكثر من خمسة آلاف قطعة فريدة تختزن في نقوشها وتصاميمها جانباً مهماً من جوانب التاريخ الإسلامي، بعلومه واكتشافاته، وثقافته، وفنونه الجمالية.من المقتنيات الفنية التي يضمها المتحف، أربعة دنانير ذهبية صكت إبان العهد الأموي، في أواخر القرن الأول، ومطلع القرن الثاني للهجرة، وتسرد بداية حقبة لصك العملة بهوية وثقافة إسلامية.ويقدم المتحف ضمن مقتنياته تحفة نقدية لأول درهم مغولي تم صكه في بغداد، بعد احتلالها على يد المغول وانتهاء الدولة العباسية قبل 762 عاماً، وتحديداً سنة 656 هجرية، 1258 ميلادية، واستلام ملوك المغول الذين اقترنت أسماؤهم في تلك الحقبة بكلمة «إيلخان».وشكلت شواهد القبور جزءاً من التقاليد الشائعة على امتداد التاريخ الإسلامي، ويعرض المتحف بين جنباته شاهد قبر من حجر الجير، يُظهر فجوة قليلة العمق مع تصميم الواجهة العلوي المعروف باسم «المقرنس»، وفي داخل الفجوة التي تذكّر بمحراب المسجد، وهو يشير إلى اتجاه القِبلة في مكّة المكرّمة. الحجر الرملي يضم المتحف ضمن مقتنياته لوحاً يعود إلى القرن الثامن والتاسع الهجري، وشكّل في الأساس جزءاً من كتابة أطول على إفريز حفرت عليه الآيتان 21 و22 من سورة الحشر، إذ شاع في ذلك الوقت استخدام الحجر الرملي في تشييد الأبنية في شمال الهند، بما فيها مئذنة قطب مينار بالقرب من دلهي. ويقتني المتحف مصباح زيت من النحاس الممزوج، الذي يعود إلى القرنين الرابع والسادس الهجريين، ويبدو المصباح الذي تمّ صبّه وإبرازه بواسطة الزخرفة المحفورة، للوهلة الأولى وكأنه كوز أو إبريق، إلا أنه كان على الأرجح يُستخدم مصباحاً للقراءة. وتم تصميم كتلة الجسم لتؤمّن الزيت لفترة طويلة من الإنارة دون انقطاع، بينما يحمل عنق المصباح الفتيل، واللافت في الأمر أن عدداً من هذه المصابيح التي لا تزال محفوظة حتى يومنا هذا، يحمل كتابات تشير إلى من امتلكها، وهم النخبة من أهل العلم في المجتمع، من رجال الفكر، إلى علماء الدين ومدرسي الشريعة الإسلامية، الذين كانوا يمضون جل أوقاتهم وهم منكبّون على نصوصهم، قراءةً وكتابة، وفي لوحة مصغّرة من الكتاب الشهير «كتاب الترياق»، الذي صدر في العراق عام 1199 ميلادي، تظهر آنية مماثلة، ضمن إطار علمي.تعود المبخرة الوشق إلى القرنين الـ 5 والـ 6 الهجريين، حيث كانت البخور ولايزال جزءاً مهماً في الثقافة الإسلامية، على الصعيدين الديني والدنيوي، أما المباخر التي تمثل شكل الوشق، فارتبطت في العصور الوسطى بالقصور الملكية في شرق إيران وأفغانستان.
مشاركة :