هل يصبح مشهد صالات العرض الفنية المحتشدة بالجمهور والمصوّرين جزءا من الماضي، ومثلها أيضا تصبح دور المزادات والمعارض الفنية الدولية؟ لقد قوّض وباء كورونا الذي انتشر على نطاق عالمي صناعات عديدة، والفن ليس استثناء في هذا. وهناك من يقول إن الدمار الذي لحق بالفنون هو دمار مؤقت، ما إن تنتهي الأزمة حتى يبدأ الفنانون بجني الثمار. إنها لحظة فاصلة، كما أكّدت، فرانسيس موريس، مديرة متحف تيت للفن المعاصر في لندن، قائلة “من الآن فصاعدا سنستعمل في أحاديثنا تعبيرا جديدا هو ما قبل وما بعد (كورونا)، سوف تكون للفايروس تداعيات كبيرة يخلفها على الفن”. هذا لا يعني بالضرورة أن تكون كل الأمور سلبية، وهي إن ألحقت الضرر بالعديد من الأفراد والمؤسّسات، فقد وفّرت بالنسبة إلى اآخرين فرصة يمكن استثمارها. وبينما نتحدث عن التكنولوجيا وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه في ترويج الأعمال الفنية، يُسارع البعض للاستفادة من تلك الفرص المُتاحة. بدءا من صالات العرض الصغيرة الخاصة، وصولا إلى المعارض والمهرجانات الدولية، بادر الجميع بتدشين مواقع عرض على الإنترنت بهدف التواصل مع الجمهور.ولم يكتف آخرون بالتعامل مع التكنولوجيا بوصفها حلا لأزمة طارئة، بل وجدوا فيها استثمارا طويل الأمد يمكن الاستفادة منه لفتح آفاق واسعة لتسويق الأعمال الفنية وتقديمها لأعداد كبيرة من الناس. واقع مُعزّز فرانسيس موريس: سوف نستعمل في أحاديثنا تعبيرا جديدا هو ما قبل وما بعد فرانسيس موريس: سوف نستعمل في أحاديثنا تعبيرا جديدا هو ما قبل وما بعد في نيويورك، المدينة الأكثر تضرّرا من وباء كورونا، على مستوى العالم، لم يستسلم القائمون فيها على أكبر تظاهرة فنية “فريز” للجائحة، وبدلا من إقامة التظاهرة على أرض الواقع، قرّروا إقامتها افتراضيا. أكثر من 200 صالة عرض يمكنها الاستفادة من التظاهرة الافتراضية، كل منها ستقدّم مجموعة تتضمّن ثلاثين عملا فنيا تُعرض في غرف افتراضية، تُتاح أمام مستخدمي الإنترنت بين 8 و12 مايو الجاري. ويحرص القائمون على المشروع على أن يقدّموا لزوار الموقع تجربة فريدة، تُتيح لهم التدقيق بتفاصيل العمل الفني، وإنشاء صفحاتهم الخاصة. وستكون بإمكان الزوار أيضا مُتابعة مقاطع فيديو وحوارات، والبحث عن الأعمال الفنية، بناء على اسم الفنان أو سعر العمل الفني أو المواد المكوّن منها، وبالطبع باسم صالة العرض. ويُتيح تطبيق من ابتكار شركة “فورتيكس اكس.آر” (Vortix XR) منصة واقع معزّز تلبي حاجات صالات العرض وجامعي الأعمال الفنية، إلى حلول يمكن بناؤها تبعا لحاجاتهم الخاصة، باعتماد تقنيات الواقع الافتراضي. الاستفادة من الواقع المعزّز لا تتوقّف عند صالات العرض ودور المزادات والمهرجانات الدولية، الفنانون أيضا وبمبادرة فردية منهم سارعوا للاستفادة من الفرصة الموضوعة أمامهم. أكثر التجارب فرادة تلك التي قدّمها فنان الغرافيتي الإسباني، فيليب بانتون، الذي استخدم الواقع الافتراضي ليقدّم أعملا يُنجزها أمام الجمهور مستخدما تطبيقات يُحاكي فيها عملية الرسم على الجدران، في صفحته الخاصة على موقع إنستغرام مستخدما وسم “غرافيتي في زمن فايروس كورونا”. ويمثل بكل من مقطعي فيديو عرضهما على صفحته جدارا افتراضيا وشاحنة، استخدم كلّا منهما أرضية لعملين قام بتنفيذهما بأسلوبه الفريد الخاص، القائم على ألوان قوس قزح، مع تعليق تضمن عشر فوائد للرسم في عالم الواقع الافتراضي؛ بدءا بالفائدة الأولى وهي، ليست للألوان رائحة، وصولا إلى الفائدة العاشرة، لا ظلمة تحل ولا مطر يتساقط بغزارة؛ لا شيء يُعيق عن الاستمرار في العمل. ديمقراطية فنية فيليب بانتون.. غرافيتي افتراضي في مواجهة الوباء فيليب بانتون.. غرافيتي افتراضي في مواجهة الوباء تُتيح منصة جديدة، أطلق عليها اسم “أول وورلد” (All World)، للمصمّمين والفنانين نشر وبيع أعمالهم عبر الواقع الافتراضي، وتُساعد زوار الموقع على تصوّر كامل لشكل العمل عندما يعلّق أو يُوضع في منزل أحدهم، ما عليهم سوى أن يختاروا اللوحة ثم عرضها باختيار الأمر “سي إين أي.آر” (Sea in AR) بنقرة على هاتفهم الذكي. وتمكّن الأداة الفنانين من إقامة عرضهم الخاص، وهي أيضا طريقة مفيدة للمستثمرين لأرشفة مجموعاتهم، ورغم أن الأداة صمّمت لهدف تسويقي تجاري، إلّا أنها وسيلة تُتيح لمتابعي الفن وعشّاقه التمتّع بالأعمال الفنية داخل منازلهم. ويعتقد، سبستيان إيرازوريس، المصمّم الذي قام بتطوير المنصة مع زميله الفنان، زاندر أكبليد، بمساعدة فريق من المطوّرين، أن الواقع الافتراضي هو مستقبل الصناعة الفنية، وهو أيضا سيُتيح تعميم الفن على جميع الفئات، ويُساهم في خلق ديمقراطية فنية متاح للجميع النفاذ إليها. وفي حديث له بُثّ من خلال صفحته على إنستغرام، قال سبستيان إن “الواقع المعزّز سيهيمن على عالم الفن والتصميم، بنفس الطريقة التي هيمنت بها المنصات الرقمية على كامل صناعة الموسيقى، وصناعة الخبر والفيلم”. وتابع الحديث واصفا كيف ستطلق التكنولوجيا الموجة التالية من التعبير الإبداعي، بدءا بالأعمال التفاعلية، وصولا إلى تلك التي باستطاعتها التعرّف على المُستخدم. وكشفت صالة عرض “هوسر أند ويرث” عن تكنولوجيا جديدة وقسم أبحاث باسم “آرت لاب”، بعد أن أتاحت فترة العزل الاجتماعي التي فرضت بسبب الوباء، للقائمين على الصالة فرصة للعودة إلى مشروع بدأوا في تطويره عام 2019. سبستيان إيرازوريس: سيهيمن الواقع المعزّز على عالم الفن والتصميم بنفس الطريقة التي هيمنت بها المنصات الرقمية على صناعة الموسيقى سبستيان إيرازوريس: سيهيمن الواقع المعزّز على عالم الفن والتصميم بنفس الطريقة التي هيمنت بها المنصات الرقمية على صناعة الموسيقى وفي مقابلة له قال، إيوان ريث، مؤسّس الصالة “لقد سرّعنا في عملية التطوير بسبب الظروف التي نعيشها حاليا، وبالتحديد بسبب الإبعاد الاجتماعي”. ويعتبر ريث أن المنصّة مشروع طويل الأمد، مُؤكّدا أن طموحهم ليس أن يحلّ المشروع مكان المعارض الفنية، بل إعادة تشكيل تلك المعارض، وتوسيع قاعدة الجمهور. ومن جانبها طوّرت صالة “ليسون” للفنون، التي تنشط في كل من لندن ونيويورك وشنغهاي، منصة بالتعاون مع شركة البرمجيات “أوغمنت”، تسمح للمستخدمين بوضع واحد من 100 عمل متاح في المحيط المنزلي باستخدام الواقع المُعزّز. تم إطلاق المنصة في 23 أبريل الماضي، بعد عام ونصف العام من التطوير، وخلال هذه المناسبة قال الرئيس التنفيذي لشركة أوغمنت، “نحن متحمّسون بشكل خاص لهذا التعاون الإبداعي مع ليسون، فهي واحدة من أكثر صالات الفن المعاصر نفوذا وابتكارا في العالم. المنصّة ستكون بمثابة الخدمة الذاتية، وستُساهم في جعل الفن في مُتناول جمهور أوسع، ومُتاحا لأي شخص، في أي مكان في العالم”.
مشاركة :