بدأت الدول الإفريقية في تخفيف إجراءات العزل التي فرضت على سكانها لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي تسبب في تردي الأوضاع الاقتصادية. والبداية من جنوب إفريقيا التي رفعت رفعا تدريجيا سلسة تدابير فرضتها قبل خمسة أسابيع على سكانها البالغ عددهم نحو 57 مليون نسمة، عبر السماح بتشغيل جزء صغير من اقتصادها المأزوم. ومنذ منتصف ليلة أمس، سمح لنحو 1.5 مليون شخص باستئناف العمل، لكن وفق شروط صحية صارمة، في قطاعات البناء والنسيج والصيانة. ومنذ فجر أمس تحدى كثيرون البرد وخرجوا إلى حديقة إيمارينتيا في جوهانسبرج بدراجاتهم الهوائية أو مشيا على الأقدام. وأكدت الحكومة وعلماء الأوبئة ارتياحهم لفاعلية إجراءات العزل التي سمحت مع إغلاق الحدود، باحتواء انتشار المرض. وبحسب "الفرنسية"، قال سيريل رامابوزا رئيس جنوب إفريقيا، من جهته ملخصا الوضع، إن "عزلا وطنيا هو على الأرجح الوسيلة الأكثر فاعلية ضد الوباء، لكن لا يمكن تمديده إلى ما لا نهاية". وأضاف، "يجب أن يأكل السكان ويحصلوا على لقمة عيشهم والشركات يجب أن تنتج وتبيع"، بينما ذكر صندوق النقد الدولي أن وباء "كوفيد - 19" سيؤدي إلى تراجع إجمالي الناتج الداخلي لجنوب إفريقيا 5.8 في المائة في 2020. من جهتها، أعلنت رواندا أنها ستبدأ بتخفيف إجراءات العزل الإثنين المقبل عبر السماح لمواطنيها بالتنقل خلال النهار بعد حجر دام ستة أسابيع، وفي الوقت نفسه أعلن رئيس الوزراء في بيان فرض ارتداء الأقنعة الواقية "بشكل دائم في الأماكن العامة". وسيسمح لشركات الإنتاج والبناء باستئناف نشاطاتها بالعاملين الأساسيين فيها، وكانت رواندا واحدة من أوائل الدول الإفريقية التي فرضت إجراءات صارمة في 22 مارس الماضي بعد إحصاء 19 إصابة فيها. واعتبارا من الرابع من مايو، سيتمكن الروانديون من التجول بحرية من الساعة الخامسة صباحا حتى الثامنة مساء، لكنهم بحاجة إلى تصريح للتنقل في المساء، فيما تستعد نيجيريا كذلك إلى تخفيف الحجر. وحذرت منظمة الصحة العالمية من التسرع في تخفيف التدابير في القارة التي تشير الإحصاءات إلى أنها من المناطق التي لم يلحق فيها الوباء أضرارا جسيمة، وقالت المنظمة "إذا أنهت الحكومات هذه الإجراءات فجأة، فقد تخسر المكاسب التي حققتها هذه الدول حتى الآن". في المقابل، مددت غينيا الاستوائية في اللحظة الأخيرة إجراءات الحجر في أكبر مدينتين في البلاد مالابو وباتا 15 يوما، كما أعلن رئيس الكونجو دينيس ساسو نجيسو تمديد إجراءات العزل حتى 15 مايو، وكان يفترض أن ترفع هذه الإجراءات الخميس الماضي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو خمسة ملايين نسمة، ومدد الرئيس أيضا حالة الطوارئ حتى العاشر من مايو. وقرر الرئيس "تطبيق خطة واسعة لكشف المصابين" و"فرض ارتداء القناع الواقي من قبل أي شخص في الأماكن العامة المغلقة والمفتوحة". وفي سيراليون، أعلنت إجراءات عزل جديدة ثلاثة أيام على غرار تلك التي فرضت مطلع أبريل للمدة نفسها، وبرر جوليوس مادا بيو رئيس هذا البلد الفقير في غرب إفريقيا الإجراء بمعطيات تفيد أن انتشار الفيروس قد يتم عبر المجموعات السكانية من دون صلة بين الإصابات الجديدة وتلك التي سجلت من قبل. من جهة أخرى، ولمواجهة تبعات الوباء، أعلن صندوق النقد الدولي تقديم 411 مليون دولار لإثيوبيا و200 مليون لمالي. وقالت هذه الهيئة المالية الدولية في بيان، إن مجلس إدارة الصندوق وافق على دفع الأموال عن طريق "أداة التمويل السريع" لتسليمها بسرعة من أجل "الاستجابة للاحتياجات العاجلة في ميزان المدفوعات المترتبة عن كوفيد - 19". وأدخل الصندوق تعديلات على برنامجي مساعدات مقابل إصلاحات، يربطان بين الهيئة المالية ودول شرق إفريقيا، وحذر ماتسوهيرو فوروساوا نائب مدير الصندوق، من أن جهود احتواء الفيروس "تؤدي إلى انعكاسات على نمو اقتصاد مالي والصحة العامة". وقال في بيان "السلطات تتخذ إجراءات للحد من الضغوط المالية من خلال إعادة ترتيب أولويات خطط الإنفاق، لكن ستكون هناك حاجة إلى تمويل إضافي كبير للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومكاسب التنمية". وأضاف، أن الأموال "ستدعم استجابة السلطات للأزمة، لكن ستكون هناك حاجة إلى دعم إضافي من مجتمع المانحين الدوليين للتخفيف من آثارها الاجتماعية والاقتصادية".
مشاركة :