لم يكن قطاع السياحة في تونس بمنأى عن التداعيات السلبية لفيروس كورونا الذي فرض غلق المؤسسات التابعة للقطاع ومنع جميع الرحلات إلى البلاد وإلغاء معظم الحجوزات في الفنادق والمنتجعات السياحية أو تأجيلها.ووفقا لآخر المعطيات التي أصدرها البنك المركزي التونسي، فإن العائدات السياحية سجلت تراجعا بنسبة 15.08 في المائة منذ بداية العام الحالي وحتى شهر أبريل الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.المؤشرات النقدية والمالية للبنك كشفت أن العائدات تراجعت إلى حدود 976.5 مليون دينار (334.4 مليون دولار)، في وقت توقعت فيه الحكومة التونسية أن تبلغ خسائر القطاع أربعة مليارات دينار (1.4 مليار دولار) إلى جانب فقدان 400 ألف وظيفة.وتعدّ وكالات السياحة والسفر والمطاعم السياحية من القطاعات المنكوبة التي تأثرت بشكل مباشر بجائحة فيروس كوفيد 19، وقال رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة جابر عطوش إن أزمة كورونا كان لها تأثير كارثي على قطاع السياحة عموما وعلى وكالات الأسفار بشكل خاص، مؤكدا أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى إفلاس هذه المؤسسات بشكل كلي وخسارة أغلب وكالات الأسفار سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ما يعني فقدان مئات مواطن العمل في قطاع يشغّل ما يزيد عن 20 ألف عامل يشتغلون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أكثر من 1300 وكالة أسفار تنتصب في مختلف محافظات الجمهورية التونسية.ويوضّح عطوش أن جميع النشاطات المتعلقة بوكالات الأسفار تعطلت بشكل كلي منذ بداية الأزمة، بالنظر إلى ارتباطها المباشر بحركة النقل الجوي، التي تعد الركيزة الأساسية للمنظومة السياحية، والتي توقفت حاليا بنسبة 99% بعد تعليق الرحلات الجوية في سابقة هي الأولى في تاريخ تونس.ولفت إلى إن هذا الوضع أدى إلى تعطل عمل وكالات الأسفار المختصة في تنظيم رحلات العمرة بعد قرار السعودية تعليق هذا النشاط الديني، كما تكبدت وكالات الأسفار المختصة في النقل السياحي بما في ذلك السياحة الصحراوية وسياحة مسالك العبور والسياحة الطبية والثقافية وسياحة الأعمال خسائر كبيرة بعد إلغاء التظاهرات والمنتديات الثقافية والعلمية ومنع الجولان، في وقت كان من المبرمج أن يشهد فيه القطاع انتعاشة خلال موسم الذروة الممتد من شهر جانفي إلى أفريل والذي تتخلله العطلة المدرسية، مضيفا أن الأزمة عصفت بالمدخرات المالية لوكالات الأسفار باعتبار أن هذه الوكالات قد وظّفت أموالها في إطار الاستثمار في القطاع السياحي قبل حلول الأزمة المفاجئة.ولتجاوز هذه الأزمة، يطالب العاملين بالقطاع الحكومة التونسية بتفعيل جملة من المقترحات لإنقاذ هذه المؤسسات وتفادي سيناريو الإفلاس وانعكاسات ذلك على المنظومة الاقتصادية التي يساهم فيها قطاع السياحة بـ 7% من الناتج المحلي الخام.وتتمثل هذه المقترحات وفقا لعطوش في إيقاف جميع الدفوعات المالية من ضرائب وتأمينات وخدمات الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى تأخير الديون والقروض سواء بالنسبة للإيجار المالي أو القروض المتعلقة بالبنوك، إلى جانب توفير خط تمويل لضمان الاستمرارية في النشاط لمدة لا تقل عن ثمانية أشهر، وهي المدة التي يتوقع أن يعود بعدها القطاع إلى سالف نشاطه. ويعتبر عطوش أن هذه المرحلة تقتضي أن تكون هذه التمويلات دون فوائض بالنظر إلى حجم الخسائر التي تكبدها مهنيو القطاع.كانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق عن فتح خط تمويل أول بقيمة 500 مليون دينار للمؤسسات الصناعية وخط تمويل ثان بقيمة 300 مليون دينار للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، في وقت تؤكد فيه الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة أنه لم يتم إلى اليوم إصدار النصوص الترتيبية التي ستحدد شروط تنفيذ الإجراءات الاستثنائية المتعلقة بإنقاذ القطاع السياحي والحفاظ على ديمومة مؤسساته.
مشاركة :