قامت دول كثيرة في الفترة الأخيرة بإصدار قوانين منظمة تحمي المؤجر والمستأجر في هذا الظرف الاستثنائي، وأصبحت مطلباً أساسياً وضماناً للاستقرار النفسي والعيش الكريم، فكما أن توفير المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية والدوائية مهم جداً، فإن السكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر من أولويات القرارات التي يجب أن تحسم ويبت فيها بقرارات سريعة في ظل الظروف المختلفة تماماً عن الظروف الطبيعية والعادية، وعلى سبيل المثال عندنا في الكويت شريحة المستأجرين التي نتكلم عنها، بحسبة بسيطة، تمثل أكثر من 75 في المئة من السكان، فثلثا التركيبة السكانية من الوافدين، وجميعهم مستأجرون، ونسبة كبيرة من المواطنين أيضا مستأجرون، بالإضافة إلى العاملين في القطاع الخاص ممن لديهم شركات ومكاتب ومحلات ومطاعم وما شابه ذلك من أنشطة تجارية هي بصفة إيجار، فلابد من التفاتة سريعة واتخاذ قرار حاسم يريح كاهل المستأجر، ويخفف عنه أعباءه القهرية، والتي هو غير مسؤول عنها، ومساعدة المالك على اجتياز الفترة القادمة بأقل الخسائر. وباعتقادي أن من أهم الأسباب التي دفعت الحكومات لاتخاذ مثل هذه القرارات هي الرغبة في تخفيف صدمة الأزمة عن الجميع ومساعدتهم بالحظر والبقاء في مساكنهم الفترة القادمة، لكي تستطيع الحكومات التفرغ للأزمة من الجانب الصحي، وهو أساس جائحة كورونا. ومن جانب آخر التخفيف عن الجهات الرسمية ومنع كثير من القضايا التي قد تحصل بين المؤجر والمستأجر. فمن حق مستأجري عقارات التجاري والاستثماري، الذين أرهقتهم الإيجارات منذ بداية الأزمة، المطالبة بحلول مماثلة، وبالفعل آن الأوان أن تنظر الحكومة إلى إقرار قانون أو قرار بما يناسب الوضع المحلي، ولو كحلّ مؤقت، خلال أشهر الأزمة أو لفترة ستة أشهر قادمة، يمكن الجميع من امتصاص ارتدادات الأزمة الاقتصادية، وهذه القوانين دائماً تتخذ بأقصى سرعة وبأسلوب مدروس لتبعث رسالة طمأنة للجميع، وحسم الخلاف الدائر بين القانونيين وعدم ترك الموضوع لرغبة المالك في المساعدة من عدمها، فالجميع متضررون إلا من رحم ربي، ويصبح هناك قانون يلتزم به الجميع، وحماية للجميع، وبهذه المناسبة أحب أن أشكر جميع المبادرات التي تم الإعلان عنها مثل "ساعد مستأجريك" أو "اعفوا مستأجريكم"، والتي كانت نابضة بالإحساس بالطرف الأضعف. فتداعيات أزمة كورونا ليس لها تأثير صحي فقط، بل للجانب الاقتصادي أثر كبير فيها، ولابد من وضع حلول وحزمة اقتصادية يكون لموضوع الايجارات حصة من هذه الحزمة حتى لا تمتلئ المحاكم مستقبلا بقضايا العزوف عن دفع الإيجار وتتحول من حالات فردية إلى ظاهرة عامة نبحث لها عن حلول، فالمشاهد ومقاطع الفيديو المنتشرة من قطع الكهرباء، والإخلاء من غير حكم صادر من المحكمة، والجهل بالقوانين، والتصرف بطريقة الفتوات، والخوف من زيادة وتفاقم حجم هذه المشكلة مستقبلا، علما بأننا بأول شهرين من الأزمة، وفي بداية الطريق للأزمة بين المالك والمستأجر، لذلك نرى ضرورة إصدار قانون ينظم العملية في فترة الأزمة حتى لا تسود الفوضى بدل القانون. ورأيي باختصار في الفترة الحالية اتخاذ قرارات حاسمة ومدروسة تراعي مصلحة الجميع من الحكومة بتخفيض الإيجارات، بما تراه مناسباً ولفترة ستة أشهر تكون كافية لضمان سير النشاط الاقتصادي، مع توفير الضمانات التي تساعد الملاك على اجتياز المرحلة القادمة، فالقرارات السريعة والمدروسة مطلوبة، والقرارات المتأخرة تتسبب في الكثير من المعاناة في هذه الفترة الصعبة، كما أن ضخ الأموال في السوق حل أساسي وفعّال، كما فعلت كثير من الدول لحماية اقتصادها من الركود المتوقع، ويجب استشارة إدارات العقار في البنوك وكبرى شركات إدارة أملاك الغير وخبراء العقار والاتحادات العقارية والقانونيين لتقديم ورقة تنظم العملية بين المؤجر والمستأجر في الفترة الحالية. * نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار
مشاركة :