فرنسا وميزان القوى في الشرق الأوسط

  • 6/24/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في أدبيات السياسة والعلاقات الدولية الخاصة بالشرق الأوسط.. هناك قناعة أن فرنسا تلعب دور المرجح لمواقف الدول الكبرى في سياسات الشرق الأوسط، أي إن الذي يكسب فرنسا إلى جانبه، فإنه يضمن موقفا قويا في شؤون المنطقة. العلاقات السعودية الفرنسية تعود إلى حقبة بعيدة، وفي المحصلة النهائية فرنسا دولة صديقة ولها مواقف داعمة ومشرفة، سواء مع السعودية أو مع العالم العربي، وهي تكاد تميل إلى الثبات في مواقفها رغم التقلبات المرحلية التي تشهدها الأوضاع الداخلية الفرنسية. وهذا يعود لكون السياسة الخارجية الفرنسية لا تتأثر كثيرا بالأوضاع الداخلية، حيث لا توجد (لوبيات قوية) داخلية، كما هو الحال في أمريكا، حيث يكاد يسيطر اللوبي الإسرائيلي على رسم توجهات السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط، ولا يجرؤ أحد في واشنطن، سواء من النخبة السياسية أو الفكرية أو الإعلامية، على معارضة ما يريده اللوبي الإسرائيلي! الزيارة الحالية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى فرنسا، مصحوبا بوفد كبير، تأتي معززة للعلاقات العربية والإسلامية والسعودية مع فرنسا، فالاتجاه الإيجابي المتسارع لتعزيز صداقاتنا وتحالفاتنا مع الدول الكبرى مؤشر استقرار، ومسار عملي إيجابي لتعزيز المشروعات المشتركة التي تصب في مصالح الشعوب. كما حدث الأسبوع الماضي، الأمير محمد بن سلمان كان في روسيا، والزيارة التي لقيت اهتمام وترحيب القيادة الروسية أثمرت اتفاقات شراكة استراتيجية هدفها تعميق المصالح بين الشعوب، وكسب دولة عظمى مثل روسيا ضروري حتى نستطيع التعاون في الملفات الساخنة الخطيرة في المنطقة، وهذه مصلحة مشتركة مباشرة تهم الشعب الروسي كما تهم العالم العربي والإسلامي. الامر المهم ان تعزيز التعاون عبر المشاريع المشتركة بعيدة المدى، التي تستفيد منها الشعوب، هو توجه يخدم المنطقة على المدى البعيد، ويخدم المصالح الوطنية العليا للشعب السعودي وأشقائه في دول الخليج. كسب الدول الكبرى والانفتاح على جميع القوى والتجمعات الاقتصادية والسياسية هو مسار سليم ويخدم بشكل قوي استقرار الجبهة الداخلية ويخدم الوحدة الوطنية. هذا المسار هو الذي يحصننا مما يدور في المنطقة، وهو الدرع الواقي الذي يصعِّب مشاريع التخريب والتقسيم. بناء مقومات الدولة الوطنية وتشكيل ذهنية الحكم ومشاريع الدولة لتخدم مباشرة الوحدة الوطنية هو المهمة الاساسية لمؤسسات الدولة ومؤسسات النخب الاجتماعية والفكرية. ثمة مشاريع وخطط او حتى مؤامرات على المنطقة وشعوبها، وهذه قد تكون حقيقية او متخيلة، وأفضل وسيلة لمواجهة مشاريع الارهاب والتخريب والتقسيم هي في استواء العلاقات السياسية الدولية، وفي بناء الشراكات التي تربط مصالح الشعوب، والاهم من ذلك العمل المخلص في كل ما يعزز بناء الجبهة الداخلية وتعزيزها وتحصينها، وهذا ما يعمل لأجله الحراك السياسي محليا وخارجيا وفي إطاره تأتي زيارة سمو ولي ولي العهد الى فرنسا.

مشاركة :