الدوحة – قنا : ناقشت ندوة نظمتها جامعة قطر، ممثلة في كلية الإدارة والاقتصاد، عبر تقنية الاتصال المرئي، التبعات الاقتصادية والمالية لجائحة /كورونا/ على العالم في المديين القصير والبعيد، وسبل مواجهة تلك التبعات، لا سيما في دول المنطقة. وركز المتحدثون على طبيعة التحديات الاقتصادية التي تواجه دول العالم أجمع، ودول الخليج تحديدا، في ظل أزمة كورونا، والإجراءات الاقتصادية الراهنة لمواجهة تلك التحديات، والخطوات المطلوبة لبناء اقتصاديات مستدامة وأكثر صلابة ومتانة في وجه الأزمات من خلال رؤى واستراتيجيات تنموية تستجيب للتطلعات المستقبلية. وفي هذا السياق، أكد سعادة الدكتور إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي بالديوان الأميري أن رؤية قطر الوطنية 2030 حققت العديد من المكاسب على الصعيد التنمية المستدامة، ومكنت الدولة من الصمود في مواجهة التحديات التي شهدها العالم في العقد السابق، ويشهدها الآن في ظل أزمة فيروس /كورونا/. وقال سعادته، في مداخلة خلال الندوة، إن رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجيتين التنمويتين المنبثقتين عنها (2011-2016) و(2018 -2022) حققت العديد من المكاسب للدولة مثل قضية التخطيط المالي، وإعداد الموازنة، والحكومة الإلكترونية، والتقدم في النظام الصحي، وغيرها. وأضاف " نحن الآن في أمس الحاجة للتنفيذ الدقيق للاستراتيجيات والخطط المنبثقة عن رؤية قطر الوطنية، لأن عملية التنمية في قطر مترابطة وتخضع لرؤية واضحة، واستراتيجيات، وخطط تنفيذية، وهو ما يتطلب الآن المتابعة الحثيثة بطرق أكثر دقة ومرونة." وفيما يتعلق بتبعات جائحة كورونا على الاقتصاد الخليجي والعالمي، أشار سعادته إلى التبعات الاقتصادية الثقيلة للفيروس على دول العالم المتقدمة والصاعدة والنامية والأقل نموا، وباختلاف أنظمتها الاقتصادية، وقال "التبعات شملت كافة القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والزراعية والتجارة الخارجية والاستثمارات المباشرة والتدفقات المالية".. منبها إلى أن هذه التبعات ستكون متفاوتة بين دولة وأخرى بحسب قوتها الاقتصادية ومدى تنوع إيراداتها، وطبيعة هذا التنوع. وأشار الدكتور إبراهيم الإبراهيم إلى النتائج المترتبة على انهيار أسعار النفط على الاقتصاديات النفطية مثل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. داعيا دول المجلس إلى إعادة النظر في أنظمتها الاقتصادية بما يتفق والتحديات المعاصرة. وتابع " دول الخليج تلقت إنذارات عديدة آخرها كان في العام 2015 عند انخفاض أسعار النفط، والآن الوضع أشد وأكثر صعوبة مع أزمة كورونا".. منبها إلى أن "التغيرات في أسواق النفط ليست مرتبطة بأزمات خارجية، بل مرتبطة أيضا بالتغيرات ذات الصلة باكتشافات النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتقنيات الاستخراج الجديدة، وهو ما يدعو للتنبه والحذر". وأكد أن الظروف الراهنة تحتم على دول مجلس التعاون مواصلة مسيرة الإصلاحات عبر تطوير بدائل اقتصادية وتنويع مصادر الدخل، وترشيد الإنفاق، وصولا إلى تغييرات جذرية في أنظمتها الاقتصادية.. منبها إلى أن التراخي عن هذه الإصلاحات سيكون على حساب الرفاه الاجتماعي وسيفاقم التحديات في النظام الاقتصادي القائم. وفيما يتعلق بأسعار الغاز، أشار الدكتور إبراهيم الإبراهيم إلى أنها تأثرت بأزمة كورونا وكذلك بالتطورات المرتبطة باكتشاف الغاز الصخري ودخول أستراليا في مجال الإنتاج وأيضا بدء روسيا تسييل الغاز"، لكنه أوضح أن تأثير أزمة كورونا على أسعار الغاز، على المدى القصير، هو بدرجة أقل عما حدث في أسواق النفط". بدوره، لفت الدكتور بلقاسم العباس المستشار بالمعهد العربي للتخطيط (مقره الكويت) إلى آثار وتبعات كورونا على اقتصاديات الدول العربية..وقال "إن تلك التبعات ستكون كبيرة على هذه الدول، لا سيما الدول الفقيرة والأقل نموا، فيما ستواجه الدول النفطية تحديات مختلفة". وأفاد بأن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن هذه الدول ستشهد ارتفاعا في البطالة بين 3 إلى 4 بالمئة، وانخفاضا كبيرا في الإيرادات بسبب الإغلاقات الاقتصادية، وتراجعا كبيرا في السياحة.. كما توقع أن تواجه بعضها مشاكل في سلسلة التوريد، مما يؤثر على المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية. وفيما يتعلق بالإجراءات الاقتصادية لمواجهة تبعات الجائحة، أوضح أن معظم الدول في المنطقة اتخذت إجراءات تتشابه إلى حد كبير مع تفاوت يتعلق بالقدرات المالية والقوة الاقتصادية، لكنه نبه إلى أن هذه الإجراءات وقتية، وأن المطلوب هو التركيز على التداعيات المستقبلية وسبل مواجهتها من خلال بناء اقتصاديات متطورة واكثر تنافسية. وعن الالتزامات القانونية في ظل أزمة كورونا، أوضحت الدكتورة منى المرزوقي العميد المساعد لشؤون البحث والدراسات العليا بكلية القانون بجامعة قطر أن هذه الازمة أثرت على مختلف أنواع التعاقدات وفي مختلف القطاعات..وتوقعت ارتفاعا في المنازعات التجارية بسبب تداعيات كورونا. ونصحت الدكتورة المرزوقي باتباع وسائل ودية للحد من المنازعات التجارية مثل التفاوض والتوفيق والتحكيم بين أطراف التعاقد للوصول إلى تسويات عادلة، باعتبارها أقصر الطرق لحل النزاعات، وقالت "هذه وسائل ودية للتوصل إلى حلول وهي ذات جدوى"، منبهة من الآثار التي قد تترتب على استغلال الظروف للتنصل من الالتزامات. ومن المقرر أن تعقد جامعة قطر ندوتين أخريين خلال الأسبوعين المقبلين، تركز الأولى على اضطراب التجارة العالمية والمحلية وانعكاساتها على اقتصاد دولة قطر، بينما تركز الثانية على تداعيات جائحة كورونا على أسواق المال والقطاع الخاص.
مشاركة :