يصنف فيتامين (ك) كأحد أهم الفيتامينات بالنسبة للإنسان حيث يسبب نقصه العديد من الأعراض الوخيمة كزيادة خطر النزيف المفرط بسبب عدم قدرة الدم على التجلط، كما ترتبط المعدلات المنخفضة من هذا الفيتامين بالعديد من الأمراض الأخرى كهشاشة العظام وأمراض الشرايين التاجية. وقد ظل اسم فيتامين (ك) غائبا عن المراجع الطبية لحدود الفترة ما بين عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي حيث انتظر العالم قدوم عالمي الكيمياء الحيوية الدنماركي هانريك دام (Henrik Dam)، المولود يوم 21 شباط/فبراير 1895 بكوبنهاغن، والأميركي إدوارد دوسي (Edward A. Doisy)، المولود يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1893، لفهم دور وتركيبة هذا الفيتامين. وقبل بداية أبحاثه عن فيتامين (ك) أواخر العشرينيات، حصل هانريك دام على درجة البكالوريوس في مجال الكيمياء من الجامعة التقنية بكوبنهاغن فعمل لفترة بمختبر الجامعة قبل أن ينتقل نحو غراتس السويسرية لدراسة الكيمياء جزئية النطاق تحت إشراف البروفيسور فريتز بريغل ليعود لاحقا لجامعة كوبنغاهن حيث شغل وظيفة أستاذ مساعد بمعهد الكيمياء عام 1928. ومابين عامي 1942 و1945 عمل الأخير كباحث بجامعة روتشستر الأميركية. وخلال أحد أهم الأبحاث بحياته أواخر العشرينيات، استغل الدنماركي هانريك دام الدجاج لتأكيد نظريته فاستخدم الكلوروفورم (Chloroform) لإزالة الشحوم الموجودة بطعام الدجاج قبل أن يلجأ لاحقا لتقديم هذا الغذاء الخالي من الكوليسترول (cholesterol) لدجاجاته على مدار أسابيع. لاحقا، لاحظ هانريك دام ظهور نزيف لدى هذه الدجاجات، فعمد لمنحها جرعات من الكوليسترول المنقى أملا في زوال هذه الأعراض إلا أنه فوجئ بتواصل ظهور علامات النزيف عليها فاتجه انطلاقا من ذلك للحديث عن مكون ثان موجود مع الكوليسترول ومسؤول عن عملية تجلّط الدم ووقف النزيف. إلى ذلك، أطلق العالم الدنماركي هانريك دام اسم فيتامين التجلط (coagulation vitamin) على هذا المكون الجديد الذي حدّث عنه. وقد حصل هذا الفيتامين على اسم ك (K) عقب حادثة فريدة من نوعها حيث كانت الصحف الألمانية أول من نشرت خبر هذا الاكتشاف فأطلقت عليه اسم Koagulations-Vitamin حسب اللغة الألمانية ومع اختصار الاسم للاكتفاء بالحرف الأول فقط نال هذا الفيتامين الجديد اسم فيتامين ك وأشير إليه باللاتينية بالحرف K. خلال العام 1939، عمل كل من الدنماركي هانريك دام والأميركي إدوارد دوسي بشكل منفرد على فيتامين (ك)، وتمكنا من عزله من نبات الفصة وقد أسفرت هذه الأبحاث لاحقا عن اكتشاف التركيبة الكيميائية لهذا الفيتامين الأساسي لحياة الإنسان. وبفضل أبحاث هانريك دام واكتشافه لفيتامين (ك) ما بين عامي 1929 و1934 وأعمال إدوارد دوسي التي أفضت لمعرفة التركيبة الكيميائية لهذا المكون الجديد، تقاسم هذان العالمان جائزة نوبل للطب عام 1943. وأسهمت أبحاث هذين العالمين في إنقاذ حياة ملايين البشر حيث استخدم الفيتامين ك لاحقا لعلاج حالات النزيف والجرعات الزائدة من دواء وارفين المضاد للتخثر إضافة لحالات النزف عند الأطفال الرضع.
مشاركة :