تزخر الثقافة الشعبية المصرية بالعديد من العناصر والموروثات الثقافية التى استطاعت الجماعة الشعبية تنقلها من جيل لجيل، والتى تتمثل في العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية، التى تعبر عن التركيبة الثقافية للشعب المصرى، والتى ظلت راسخة في الوجدان الشعبى على مر العصور.وخلال شهر رمضان المبارك، سنحاول تقديم لمحة للقارئ عن أهم العناصر الثقافية التى تميز بها الإنسان المصرى عبر العصور، ولا نزال نستخدم بعضها حتى الآن. يقول «إدوارد وليم لاين» في كتابه عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم:» أن الاستحمام يعتبر من أبرز وسائل الترفيه التى تدخل البهجة إلى قلوب المصريين، ولا غنى عن النيل ودفء مياهه لكل من لا تسمح له ظروفه المادية بتحمل نفقات الاغتسال الزهيدة في الحمامات الشعبية المنتشرة في البلاد، والتى كانت تبلغ في مطلع القرن التاسع عشر نحو سبعة عشر حمامًا شعبيًّا، وهى في متناول عامة الناس. ويتابع «لاين» فكانت الحمامات ما هو حكر على الرجال أو النساء والأطفال، وقد يجتمع الجنسان في حمامات مشتركة فتخصص فترة ما قبل الظهر للرجال، وفترة ما بعد الظهر للنساء، وعندما يكون الحمام مقتصرًا على استقبال النساء، يُعلق منديل أو قطعة قماش من الكتان عند مدخله فلا يطأ الرجال عتبته قط، ويكون الخدم قد غادروا الحمام قبل فترة بسيطة وحلت الخادمات محلهن، ويتم تزين واجهة الحمام عامة بطريقة مشابهة للزخرفة التى نشاهدها في معظم الجوامع، ولكن يتداخل اللونان الأبيض والأحمر فيها، فيضيفان عليها زخرفة أكبر، وتطلى ألوان أخرى خاصة عند المدخل. وكان مبنى الحمام يتكون من عدة حجرات، مرصوفة جميعها بالرخام الأبيض بشكل رئيسى والرخام الأسود في بعض أجزائه، كانت تضاف قطع صغيرة من الآجر الأحمر الدقيق، وتكون الحجرات الداخلية للحمام مغطاة بقبب تتوزع فيها فتحات صغيرة دائرية من الزجاج تسمح بتسرب الضوء، كما يتم بناء ساقية يحركها ثور فوق مستوى أجزاء الحمام العلوية، وذلك لرفع المياه من البئر إلى المرجل. وكان المصريون يعتقدون أن الحمام هو المكان المفضل للجن، لذا لا بد من صلاة يرفعها المرء قبل دخوله الحماية، وذلك لحمايته من الأرواح الشريرة، كما كان يقدم رجله اليسرى على عتبته أولًا، ولا يسمح له على الإطلاق بتلاوة القرآن، كما يقوم الراغب في دخول الحمام بإعطاء كل مقتنياته إلى «المعلم» صاحب الحمام، والذى يقوم بحفظها في صندوق مخصص للأمانات، أما إذا كان يملك سيفًا، فيعهد به إلى خادم الحمام والذى يقوم بنزع حذائه وإعطائه بدلًا منه «قباب خشبي".وللحمامات الشعبية بعض الطقوس التى يتم اتبعاها، والتى تختلف في داخل كل حمام سواء كان مخصصًا للرجال أو النساء، أو الطبقات الغنية أو الطبقات الفقيرة فكل من هما طريقة مخصصة في الاستحمام، فرغم أن الطبقات الغنية يمتلكون حمامات في منازلهم إلى أنهم غالبًّا ما يقصدون الحمامات الشعبية، لما تحتويه تلك الحمامات من متعة وطقس خاص لا يمكن توافرها في أفخم البيوت... يتبع.
مشاركة :