«يوميات نص الليل»..مرحلة ما قبل الشك والإيمان

  • 5/4/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من أجمل ما قد تحس به وأنت تقرأ في كتاب "يوميات نص الليل" للدكتور مصطفى محمود -رحمه الله-، أنه يتاح لك فهم الإنسان الذي كان قبل أن يصبح العالم الكبير الذي اعتادته الدنيا واعتدناه منه، فأنت تقرأ أفكارًا لما تنضج بعد، تقرأ للشاب الذي لم يتخبط نحو فهم واستيعاب أفضل للعالم، بمعنى أنك تحظى بفرصة لقاء الثمرة النامية قبل أن يحين أوان احمرارها فقطافها. يحوي الكتاب خواطر شتى، مجرد تمتمات ما قبل النوم، هواجس تقض مضجع المفكر الشاب وهو على أعتاب الوسن، وأنا حينما أمسك بكتاب لعالم عظيم مثله أكون على أهبة الاستعداد لشحذ كل خلايا المخ مني كيما أخطو فوق حاجز الكلمات والأفكار من عقل خاض كل علوم الحياة، وأعمل فكره في كل مجال منها منذ أن خرج للدنيا وحتى انتهاء رحلته فيها، غير أن هذا الكتاب كان مختلفًا لأنه حوى مفاتيح هذه العلوم فقط، مفاتيح أفكار ونصف فهم وربع معرفة، الأمر الذي جعله أكثر جاذبية بالنسبة لي. تحدث الشاب مصطفى محمود عن معجزة الكون والأجرام السماوية التي لا تحصى. تحدث عن شغفه الوحيد وهو الإنسان وكل ما يحيط بهذه المعجزة من جلد وأعظم، وكل ما قد يسبغ غورها، ويسقط عميقًا في غوغاء الظلمة غير المرئية فيها.. تحدث عن الأسفار وتشابه البلدان والأرصفة والطرقات عنده، تحدث عن ثمن الحرية التي وهبت لبني آدم، وعن ثمن استخدامه لها، وعن ثمن الحرب وثمن الخطيئة، وثمن أن تعرف، وعواقب ألا تعرف. تحدث عن الأوجاع والمتسبب فيها، وعن الطفولة والكهولة، وعن مصر في ربيع مزهر من الستينات. أحببتُ كثيرًا أني أرى شخصاً عاديًا بين صفحات الكتاب، وأني أطالع أفكارًا يمكن لي نقدها أو تعديلها، وإذا كنت قد قرأت كتابه رحلتي من الشك للإيمان، فإني أصنف هذه اليوميات في مرحلة ما قبل هؤلاء الاثنين، أي قبل الشك وقبل الإيمان.

مشاركة :