بات واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت في قبضة وباء كورونا «كوفيد ـ 19» ، لا تقاومه سوى تصريحات متباينة متناقضة من الرئيس دونالد ترامب، بينما فريقه الرئاسي يكيل الاتهامات جزافا لجمهورية الصين الشعبية .. وتحت مظلة المناخ الملبد بالرعب والصدمة من كورونا، يواصل الفيروس ضرب الولايت المتحدة بألاف الضحايا يوميا.. ويرى المفكر الأمريكي وأستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، «ج. برادفورد ديلونغ»، أن وباء كورونا سوف يستمر في الانتشار في الوقت الحالي، فيودي بحياة 4000 شخص تقريبا في كل يوم، ويدفع معدل البطالة إلى الارتفاع إلى مستوى غير مسبوق (20%) . ويشير « ديلونغ» إلى أن الولايات المتحدة، أصبحت المنطقة الأشد تضررا في العالم، وبينما يعادل عدد سكان الولايات المتحدة نصف عدد سكان أوروبا القارية، فإنها تسجل ما يعادل ثلاثة أرباع عدد الوفيات اليومية هناك..ويضيف قائلا: في ظل معدل وفيات 1%، وأربع آلاف وفاة كل يوم، يواجه 400 ألف شخص جدد كل يوم الفيروس وتبدأ أجسامهم في تطوير مقاومة مؤقتة ضده على الأقل، وهذا يعني أننا سنقترب بنسبة 0.2% كل يوم من اكتساب مناعة القطيع. وفي غضون ذلك، قد تتغير الأمور، وربما للأفضل، ولكن للأسوأ في الأرجح. ونشر أستاذ الاقتصاد، «ج. برادفورد ديلونغ»، مقالا في « Project Syndicate » ـ وهي مؤسسة إعلامية دولية تنشر وتجمع التعليقات والتحليلات حول مجموعة متنوعة من الموضوعات العالمية المهمة، ولديها شبكة من 459 منفذًا إعلاميًا في 155 دولة ـ وجاء في المقال: سوف يمثل فيروس كورونا دائما مأساة لأحباء المتوفين، ولكن على المستوى الكلي، سيصبح الفيروس أقرب إلى سبب للانزعاج ــ خطر يجب الإبقاء عليه عند أدنى مستوى ممكن إلى أن يصل اللقاح ـ وفي غياب اللقاح، تشير تقديرات علماء الأوبئة إلى أن نحو 70% من الأمريكيين (230 مليون نسمة) يجب أن يصابوا بالعدوى قبل أن يكتسب السكان مناعة القطيع. وإذا تبين أن حصيلة الوفيات نتيجة للفيروس تعادل نحو 1% من المصابين، فإن حصيلة الوفيات في نهاية المطاف لن تكون 50 ألفا أو 70 ألفا، بل 2.3 مليونا. وهذا على افتراض أن نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة قادر على الصمود تحت وطأة الحالات الجديدة. إذا لم يكن قادرا، فسوف يرتفع معدل الوفيات من 1%، ولكن إلى أي مستوى؟ 2%؟ 3%؟ 5%؟ إذا كانت النسبة 3%، فإن حصيلة الوفيات النهائية على مستوى الولايات المتحدة سيكون نحو سبعة ملايين. الوباء في الولايات المتحدة لا يتجه نحو الانحسار، ولم تُـبد إدارة ترمب أي بادرة تشير إلى أنها قادرة على السيطرة على الأزمة في المستقبل المنظور، بدلا من ذلك، اقترح الرئيس ترامب أن الفيروس يمكن علاجه عن طريق الـحَقن بمواد كيميائية منزلية سامة، أو عن طريق التعرض للأشعة فوق البنفسجية (والذي تصادف أنه الأسلوب الذي استُـخـدِم لقتل الطفيليات المغيرة لسلوك البشر في حلقة من مسلسل Star Trek أذيعت عام 1967 بعنوان «العملية – إبادة» ).. ويقال أيضا إن ترمب أعطى الضوء الأخضر لخطة اقترحها حاكم ولاية جورجيا الجمهوري لإعادة فتح اقتصاد تلك الولاية. يَبينما يـدّعي «كريستي نويم» حاكم ولاية ساوث داكوتا الجمهوري، وهي الولاية التي تشهد ارتفاعا سريعا في الترتيب من حيث عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا، أن التباعد الاجتماعي غير مُـجد، لأن «99% من الإصابات» لا تحدث في أماكن العمل بل في منازل الناس. كما أدان «نويم » الذين قد «يتنازلون عن حرياتهم في مقابل قدر ضئيل من الأمن» ! ويقول الأكاديمي بجامعة كاليفورنيا، «ج. برادفورد ديلونغ»، في Project Syndicate ، بعد أن قرر الجمهوريون في مجلس الشيوخ بالفعل في فبراير/ شباط الماضي، أن جرائم ترمب ومخالفاته المتبجحة لا تبرر عزله من منصبه، خسرت الولايات المتحدة فرصتها الأخيرة للحصول على عملية صنع سياسات سليمة وعقلانية.
مشاركة :