مع استمرار الحرب في العاصمة الليبية طرابلس وحولها، تتزايد معاناة آلاف النازحين والمهاجرين غير النظاميين وسط مخاوف من تفشي فيروس «كورونا» في ظل عدم توفر الخدمات الصحية. وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إنها بدأت تكثيف توزيع المعونات الطارئة في طرابلس لمساعدة النازحين الليبيين واللاجئين وطالبي اللجوء، مع ازدياد صعوبة الحياة خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى التهديدات الجديدة الناجمة عن الحرب وفيروس «كوفيد - 19». وتشتكي بعض مركز الإيواء في طرابلس، من تكدس مئات المهاجرين في أماكن ضيقة دون توفر الطعام الكافي أو الخدمة الطبية اللازمة. وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بيان نشرته البعثة الأممية مساء أول من أمس، إنها «استهدفت أكثر من 100 من طالبي اللجوء واللاجئين الذين يعيشون في أماكن مكتظة مع نقص المياه وخدمات الصرف الصحي في أحد الأحياء الشعبية في طرابلس. لقد كان الكثير منهم محتجزين من قبل ولم يُفرج عنهم إلا مؤخراً»، لافتة إلى أن قيود الحركة المتعلقة بجائحة «كوفيد - 19» «أفقدت عمال اليومية وظائفهم».وتشمل حزمة المساعدة التي توزّعها المفوضية مستلزمات النظافة، وأقراص لتنقية المياه مقدمة من (يونيسيف)، وسلة طعام تكفي لشهر واحد. وقالت المفوضية إن «عملية التوزيع هذه هي الأولى من سلسلة سيجري تنفيذها خلال شهر رمضان. وسيتم إيصال المساعدة إلى قرابة 500 شخص، ونستهدف الوصول إلى 4 آلاف شخص خلال رمضان».وكان جمال المبروك رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية، قد صرح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك العديد من مراكز الإيواء في ليبيا تعاني أوضاعا سيئة وانتهاكات جسيمة، خاصة تلك التي تقع في مدن تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، وذهب إلى أن المهاجرين المحتجزين بها «ما زالوا يتعرضون لسوء المعاملة التي تبدأ بالسب والضرب مروراً بالتحرش، والدفع ببعضهم في حرب طرابلس».وفي ظل افتقاد ليبيا إحصاءات رسمية، قال العقيد المبروك عبد الحفيظ، رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، في تصريح سابق، إن عدد المهاجرين غير النظاميين الطُلقاء داخل ليبيا يقدر بـ700 ألف، بالإضافة إلى سبعة آلاف آخرين محتجزين داخل مراكز الاعتقال بمدن الغرب الليبي، لكن هذه الأعداد تناقصت قليلاً بسبب عمليات العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلد مستضيف.وفي مطلع أبريل (نيسان) الماضي، أبدت المفوضية السامية تخوفها من أن المواجهات العسكرية الدائرة في طرابلس منذ عام، ستتسبب في تقويض قدرات البلاد على مواجهة فيروس «كورونا»، مما يشكل أوضاعاً كارثية. وقال جان بول كافالييري، رئيس بعثة مفوضية اللاجئين في ليبيا: «نحن ندرك أن الحياة اليومية هنا صعبة للغاية على الليبيين وكذلك على اللاجئين وطالبي اللجوء بسبب النزاع المسلح، وأن الوضع ازداد صعوبة بسبب حظر التجول والقيود المفروضة على الحركة لمكافحة (كوفيد - 19)». وأضاف كافالييري في بيان: «لقد أثر ذلك بشكل خاص على اللاجئين وطالبي اللجوء الذين لا يستطيعون الآن العثور على عمل وإعالة أنفسهم. يعد رمضان وقتاً مهمّاً لإظهار التضامن في زمن يعاني فيه الناس بشدة لتغطية احتياجاتهم اليومية».ولفتت المفوضية إلى أن عمليات التوزيع تمت بالتنسيق مع السلطات المحلية المعنية، والشركاء على غرار الهيئة الليبية للإغاثة ولجنة الإنقاذ الدولية، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وذلك «لضمان الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولسلامة وأمان الأشخاص الذين يتلقون المساعدات».وتتزايد أعداد النازحين في ليبيا بسبب العملية العسكرية على العاصمة، وفقاً لوزارة شؤون النازحين والمهجرين التابعة لـ«حكومة الوفاق»، التي قدرتها بأكثر من 345 ألف مواطن، معظمهم من النساء والأطفال، وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ويقيمون بين مراكز الإيواء والبنايات المهجورة.ورأت المفوضية السامية أن الصراع المستمر في ليبيا أثر بشدة على النظام الصحي في البلاد والخدمات الطبية ذات الموارد المحدودة والتي تعاني نقصاً في المعدات والأدوية الأساسية، كما تضرر أو أغلق العديد من المستشفيات والمرافق الصحية الواقعة في مناطق قريبة من الاشتباكات. وأوضحت المفوضية أنها قدمت مع شركائها، المولدات وسيارات الإسعاف والحاويات الجاهزة وعيادات الخيام لدعم خدمات الرعاية الصحية المحلية في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى تقديم مواد الإغاثة الأساسية إلى السلطات الصحية في مصراتة، وتم توزيع الصابون في مخيمات النازحين بهدف الوصول إلى 20 ألف نازح في بنغازي وكذلك في العديد من مراكز الإيواء التي تعاني سوء النظافة. كما جرت عمليات توزيع أخرى للنازحين في طرابلس.كما نوهت المفوضية بأنها أسهمت مع شركائها في نشر الوعي الصحي بين اللاجئين وطالبي اللجوء والليبيين، بواسطة الملصقات والرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي، بهدف التخفيف من مخاطر التعرض لـ«كوفيد - 19» وتبنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حث فيه الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء العالم على وقف قتالها لدعم الاستجابة لخطر جائحة «كورونا».
مشاركة :