منذ أن أنشئت أمانة مدينة الرياض تقلد تسعة أمناء دفة الأعمال بها، وللتاريخ لكل حقبة زمنية كانت هناك منجزات يشار لها بالبنان، ولكن جميع الأمناء لم يكن تخصصهم الدقيق علمياً يتعلق بإدارة المدن من منظور تخطيط عمراني سوى سمو الأمير عبدالعزيز بن عياف وابنه سمو الأمير فيصل.. هذا المدخل يقودني إلى مقارنة أمانة الرياض في هاتين الحقبتين فقط، والهدف ليس قياس المنجزات بين الأب والابن، وذلك لقصر فترة الابن منذ تعيينه أميناً، ولكن لمعرفتي وقناعتي بأن سمو الأمير فيصل لديه الطموح الكبير للاستمرار في رؤية الأب بتحويل مدينة الرياض لجعلها صديقة للإنسان عن طريق رفع القدرات البشرية وتعزيز الأبعاد التراثية والثقافية، وتقوية العلاقات الاجتماعية والإنسانية، وتقليص المشكلات البيئة والاقتصادية لقاطني مدينة الرياض، وتفعيل الاتصال وآليات الحوار مع السكان، والاستفادة من المرافق البلدية المتمثلة في الحدائق والمتنزهات والساحات العامة وممرات المشاة لتفاعل السكان بها وإقامة المهرجانات الترويجية في ضوئها. جميع هذه العناصر هي بالمفهوم الحالي الذي يركز عليه الابن ضمن إحدى مبادرات الأمانة بما يسمى تحسين المشهد الحضري، والذي يهدف إلى رفاهية الإنسان وجودة الحياة بعيداً عن التركيز على الهياكل البنائية للرياض. في زمن الأب وضع برنامجاً لأنسنة المدن وأهدافاً واضحة كان من ضمنها افتتاح أكثر من مائة ساحة بلدية وممرات مشاة ونجح في ذلك، وفي وقتنا الحالي نتمنى أن يستمر الابن بتبني هذه الرؤية، ولكن بمشاركة القطاع الخاص هو من يتحمل تكاليف هذا التطوير ويستثمر به لديمومته.. ونصيحتي أن يتفرغ الابن لمفهوم مطور من أنسنة المدن هو أنسنة التقنية، وليس الهدف منها تطوير التقنية، وإنما يسعى سمو الأمير لخدمة إنسان الرياض بهذه التقنية بأنسنتها وخلق أفضل تجارب معيشية لتحقيق سعادة سكان مدينة الرياض. كما أتمنى من سمو الأمير فيصل التركيز على التصميم التشاركي القائم على إشراك سكان مدينة الرياض في صنع مدينتهم، ولكي تكتمل أركان جودة الحياة تحقيق مفهوم عصرنة الأصالة، وهي التوازن بين الأصالة والمعاصرة في جميع الجوانب العمرانية منها، وكذلك الأنشطة التي تقام تحت رؤية الأمانة، وملائمة كل هذه الرؤى مع الاعتبارات البيئية لمدينة الرياض.. ودمتم بود.
مشاركة :