سرطان البروستات.. القاتل الصامت!

  • 11/3/2013
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر سرطان البروستات الورم الأكثر شيوعاً عند الرجال الذين تجاوزوا 50 سنة من العمر في الولايات المتحدة وأوروبا والبلاد الاسكندينافية وكذلك يشكل أكثر الأورام المسببة للوفاة بعد أورام الرئة والقولون في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إنه يصيب واحداً من كل 5 رجال ونسبة الوفيات بسببه هي في حدود 3%. وهذا السرطان متواجد لدى حوالي 30% من الرجال بدون أي أعراض سريرية بعد تجاوزهم 50سنة من العمر كما أظهرته عدة اختبارات تشريحية على جثث رجال توفوا بسبب أمراض لا علاقة لها بهذا الورم وتزيد نسبة تشخيصه إلى حوالي 80% بعد سن 85 سنة. وهو منتشر في كل أنحاء العالم ولكن بنسب مختلفة. ففي أميركا مثلا يصيب نحو 180 ألف شخص سنويا معظمهم في حالة مبكرة وقابلة للشفاء، أما في المملكة العربية السعودية فالأرقام غير دقيقة مع ظهور 500 إلى 800 حالة جديدة سنويا في معظمها متقدمة وغير قابلة للشفاء، كما يشكل ثامن أخطر سرطان يسبب الوفاة على مستوى المملكة العربية السعودية ويكون حوالي 7% من الأورام المسجلة سنويا لدى السعوديين الذكور (بحسب اخر احصائيات موقع المركز الوطني لتسجيل الأورام على الشبكة العنكبوتية عام 2005 م). فما هو سرطان البروستات؟ وما هي العوامل المساعدة على ظهوره؟ وهل نستطيع أن نقي أنفسنا من هذا المرض؟ السرطان بصفة عامة هو نمو عشوائي مستمر شاذ لنوع محدد من الخلايا المشاركة في تكوين عضو معين من أعضاء الجسم، وفي سرطان البروستات نجد أن الخلايا تنمو وتنقسم وتتكاثر بشكل غير مرغوب مكونة ورماً في الغدة، وإذا لم يكتشف هذا الورم مبكرًا فإن هذه الخلايا السرطانية تنتقل إلى أعضاء أخرى كالعظام والرئة والكبد مكونة أوراما أخرى في هذه الأعضاء بما يعرف بسرطان البروستات المنتشر وهي حالة أخطر مقارنة بوجود الورم محدودا في البروستات فقط. الفرق بين تضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات: تضخم البروستات الحميد كما شرحت في مقال سابق هو حالة تظهر عند معظم الرجال ممن تعدى عمرهم الخمسين سنة حيث تتضخم غدة البروستات محدثة أعراضًا مثل ضعف سريان واندفاع البول وتكراره وخاصة أثناء الليل، وهي حالة حميدة لم يعرف العلم سببًا لها حتى الآن، وتكاد أن تكون من متلازمات الشيخوخة التي لا مفر للإنسان منها، وتختلف حالة تضخم البروستات الحميد اختلافا كاملاً عن سرطان البروستات حيث إن الخلايا في تضخم البروستات الحميد لا تنقسم، وإنما يزداد حجمها فقط كما لا ينتشر المرض إلى أعضاء أخرى كما هو الحال في سرطان البروستات. أعراض وعلامات سرطان البروستات: كثير من مرضى سرطان البروستات (30%) لا توجد عندهم أعراض وعلامات ولا يكتشف المرض عندهم إلا في حالات متأخرة يكون الورم قد ازداد أو انتقل إلى أعضاء أخرى في الجسم. وهناك مرضى آخرون تظهر عندهم أعراض وعلامات مثل: وجود دم في البول أو المني، الحاجة للبول وخاصة أثناء الليل، ألم أثناء التبول، ضعف اندفاع ونزول البول، ألم مستمر في أسفل الظهر وأعلى الفخذين وهذه العلامات قد تختلط وتتشابه مع نفس الأعراض التي قد يشكو منها مريض التهابات البروستات المزمنة أو المصاب بتضخم البروستات الحميد. الاكتشاف المبكر للمرض: يشكل الاكتشاف المبكر للمرض أهم عامل للشفاء منه بعون الله، لذلك وضع برنامج سنوي متعارف عليه عالميا للكشف والفحص المنتظم عند الرجال لغرض الكشف المبكر عن سرطان البروستات ويتمثل هذا البرنامج بالفحص الشرجي المنتظم من قبل الطبيب لكل رجل تعدى سن الخمسين سنة (مؤخرا نصحت الجمعية الأمريكية لأمراض المسالك البولية بأن تكون بداية الفحص من عمر40 سنة). ورغم بساطة هذا الفحص فهو لا يحتاج من الوقت سوى دقائق ولا يحتاج إلى جهاز أو نحوه؛ إلا أننا نجد الكثير من كبار السن لا يلتزمون بهذا الفحص من باب الحياء. في هذا الفحص يقوم الطبيب بملامسة الجدار الخلفي للبروستات ومعرفة ما إذا كان بها ورم أو كانت ذات سطح خشن غير ناعم. أما الفحص الثاني فيتم فيه قياس نسبة مادة بروتينية خاصة توجد في الدم وتفرز من البروستات ويعتبر زيادتها عن المستوى الطبيعي مؤشراً أولياً لاحتمالية إصابة البروستات بالسرطان أو بالالتهاب أو التضخم الحميد وتسمى هذه المادة ب (البي اس آي ). وكلا الفحصين لا يعطيان التشخيص النهائي في حالة وجود سرطان البروستات لا سمح الله، وإنما يعطيان الطبيب الدافع القوي لعمل فحوصات أخرى في حالة أن يكون هذان الفحصان أو احدهما غير طبيعي ومن ثم اللجوء لأخذ خزعات من البروستات بالأشعة الصوتية لإثبات أو نفي المرض. العوامل المؤثرة لحدوث سرطان البروستات: - العمر: بات معروفاً أن نسبة حصول هذا المرض تزداد مع زيادة العمر، ومن غير الطبيعي حصوله عند الرجال قبل سن الاربعين. - العامل الوراثي:هناك حوالي 15% من الأشخاص الذين يصابون بهذا المرض لديهم أخ أو أب مصاب بهذا المرض، ويُعتقد أن حوالي 9 % من أسباب حصول هذا المرض عائد إلى أسباب وراثية. - الهرمونات: بما أن تطور غدة البروستات يعتمد على إفرازات هرمونية، فهناك دراسات تشير أن التعرض الدائم إلى ارتفاع نسبة هرمون الذكورة (التيستوستيرون) يؤدي مع الزمن إلى زيادة نسبة حدوث سرطان البروستات. - اللون العرقي:هناك دراسات غير حتمية تظهر أن الرجال ذوي العرق الأصفر (دول اسيا الشرقية) يتعرضون بنسبة أقل لخطر الإصابة بسرطان البروستات، بينما الرجال البيض يصابون بنسبة معتدلة، أما الرجال السود فنسبة تعرضهم لخطر الإصابة بسرطان البروستات عالية. - استهلاك الدهون في الطعام: من الملاحظ أن نسبة حصول سرطان البروستات تختلف من بلد إلى آخر، حيث تتفاوت نسبة الإصابة بالمرض لحدود العشرين ضعفا.ً وفي دراسة عن علاقة هذا السرطان واستهلاك الدهون الحيوانية والدهون المشبعة، تبين أن استهلاك هذه الدهون تؤدي إلى زيادة حدوث السرطان بنسبة 50 %. - زيادة النشاط الجنسي: كان ومازال هذا السؤال مصدر قلق وحيرة للمريض والطبيب المعالج على حد سواء في احتمالية زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستات عند الرجال النشيطين جنسيا. ومع ان الأبحاث أظهرت نتائج متناقضة بين مؤكد لهذا الخطر وبين نافي له، يبقى الاعتدال في هذه الغريزة أنسب الطرق للحفاظ على الصحة العامة للجسم ككل وصحة البروستات بشكل خاص. الوقاية من سرطان البروستات: 1- الفحص السريري الدوري عند الطبيب المختص بدأ من سن الاربعين. 2- الفحص المخبري للبروتين الخاص بالبروستات دوريا(البي اس آي) ايضا من سن الاربعين. 3- إن الوقاية من الإصابة بسرطان البروستات تتمثل بالتقيد بنظام لغذاء يكون قليل الدسم أو قليل الدهون وغني بالخضار والفواكه، لكنه من غير المعروف اذا كان تعديل وجبة الطعام الدسمة الى وجبة قليلة الدسم أو وجبة نباتية تقلل من نسبة حدوث سرطان البروستات. ورغم أن الدراسات لم تتبلور بعد حول نتائج هذا النظام الغذائي، لكنه نال اهتمام الباحثين لأن من شأنه أن يخفّف نسبة حدوث أمراض القلب والشرايين وامراض الضغط وزيادة الدهنيات، كما وأن زيادة نسبة الدهنيات هي من العوامل المؤدية الى حدوث السرطانات. كذلك بالرغم من عدم ثبوت علاقة مباشرة بين السمنة وسرطان البروستات، إلا أن ثمة مؤشرات علمية على أن خفض وزن الجسم يُقلل من احتمالات حصول اضطرابات في هورمونات ذات صلة بسرطان البروستات. 4- الوقاية الكيميائية: بالرغم من ثبوت جدوى تناول أدوية معينة أو فيتامينات أو معادن في تقليل الإصابات بسرطان البروستات، إلا أن الهيئات الطبية العالمية لم تترجمها حتى اليوم على هيئة إرشادات وقائية واضحة. وهنا يظل الأمر تبعاً لنصيحة الطبيب المتابع للفحوص الدورية التي يُجريها الرجال ضمن جداول معينة نصت عليها الإرشادات الطبية. وعلى سبيل المثال، فإن تناول عقار بروسكار، المستخدم لتخفيف أعراض تضخم البروستات، ثبت انه يُخفض من الإصابات بسرطان البروستات بنسبة 25% مقارنة مع من لا يتناولوه ومثله عقار الدوتيستيرايد الذي سجل نسبة انخفاض تراوح 23%. وتشير دراسات أخرى إلى أن تناول أدوية مسكنات الألم ومخففات الالتهابات من الأنواع غير الستيرويدية، مثل فولتارين وبروفين وغيرهما، تخفض من معدلات الإصابة بسرطان البروستات. كما أن دراسة كبيرة اجريت في الولايات المتحدة لتقييم جدوى تناول عنصر السيلينيوم وفيتامين إي E)) لم تبين فائدة لهما في خفض الإصابات السرطانية للبروستات.

مشاركة :