3 مقاربات في جماليات النص القرآني وإعجازه اللغوي

  • 6/25/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استضاف بيت الشعر في الشارقة مساء أمس الأول، ثلاثة من الباحثين والأكاديميين المتخصصين في اللغة العربية، في ندوة تحت عنوان جماليات الأسلوب القرآني، شارك فيها كل من الدكتور رشاد سالم، والدكتور حسام النعيمي، والكاتب عبداللطيف الزبيدي، وأدارها الشاعر محمد إدريس. حضر الندوة محمد ذياب الموسى المستشار التربوي لصاحب السموّ حاكم الشارقة، ومدير بيت الشعر محمد البريكي، وتناولت عدداً من المحاور التي تكشف جماليات النص القرآني، من حيث توظيفيه لطاقة اللغة، فقدم كل من المشاركين مداخلة تكشف رؤيته لإعجاز القرآن الكريم. وتوقف كل من المشاركين عند التاريخ المفصلي الذي أوجده نزول القرآن مع اللغة العربية، والحالة التي أثارها لدى العرب الجاهليين، خصوصاً في ما يتعلق بإيقاع النص وانسجامه صوتياً، مقابل النص الشعري الموزون والمحكوم في إيقاع البحور العروضية. وأستهل الندوة د. رشاد سالم في مداخلة استعرض فيها جمالية الأسلوب اللغوي في سورة فاطر، بقوله: كثيراً ما يقع الناس في التباس إزاء الحديث عن معنى كلمة فاطر، فالكثير يجد فيها المعنى المقابل لصائم، فيما هي بعيدة كل البعد عن ذلك، وهذا ليس حال العرب اليوم وإنما أشكل معناها حتى على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فَرُوي أن عمرَ قال: والله ما عرفت معنى فاطر حتى دخل علي أعرابيان يختصمان فقال أحدهم أنا فطرتها. وأضاف أن فطرتها بمعنى شققتها، وحفرتها، لذلك يقول الله تعالى في كتابه: فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض أي خالقها وموجدها، مشيراً بذلك إلى دقة اختيار المفردة ودلالتها في النص القرآني، وأوضح أن هذا يظهر في القرآن كاملاً، وقال العلماء إن كل كلمة لها دلالتها وإعجاز توظيفها، وما تفسيرنا لذلك إلا محاولة ضمن حدود خيالنا وقدرتنا. وتوقف عند قوله تعالى: إن الذين يتلون كتاب الله مؤكداً الإعجاز في استخدام اشتقاقات الأفعال ومصادرها، فقال: إن الله لم يقل والتالين كتابي، أو التالين كتاب الله، وذلك لأن معنى التلاوة يفيد القول المتبوع بعمل، والفعل المضارع يفيد الاستمرارية، واستخدام جملة اسم الموصول في هذا السياق جاءت لتحديد هذه الفئة من عباد الله. وجاءت مداخلة د.حسام النعيمي منصبة على الإيقاع الصوتي والانسجام الداخلي للقرآن، حيث قدم ورقة تتوقف عند التقطيع العروضي وإعجاز القرآن في توظيفه، مستعرضاً مفهوم المقطع الصوتي الطويل والقصير في اللغة العربية والتفاعيل المتناغمة في القرآن. وأوضح في حديثه عن تناوب حروف الجر في القرآن إنه وفق النحاة وحسب قواعد اللغة، فإن قوله تعالى في سورة القمر: إلا آل لوط نجّيناهم بسحر يُعدّ توظيفاً بالإنابة لحرف الجر (الباء) بدلاً عن (في)، إلا أن الدارسين لكثير من حالات تناوب حروف الجر في القرآن، يجد إعجازاً جمالياً لافتاً، فقوله بسحر، وليس في سحر أعاد حرف الباء إلى جذور دلالاته، وهي الاستعانة والمصاحبة، ليؤكد الله تعالى أن السحر أعانهم على النجاة، وكان مصاحباً في الوقت نفسه لفترة نجاتهم. وعن الوزن والتفعيلة، بيّن أنه توقف عند سورة القمر كاملة، ووجد أن الفاصلة القرآنية في كل آية جاءت في وزني فاعل، وفعلن اللتين يمكن لكل منهما أن ينوب عن الآخر في الوزن العروضي الصوتي. وتلخّصت ورقة عبد اللطيف الزبيدي في تقديم المفاهيم الجمالية ضمن واقع الحالة العربية، بكل ما يدور فيها من صراع وقتل ودمار، معتبراً أن العرب اليوم هم بأمسّ الحاجة إلى العودة إلى تلمّس جماليات النص القرآني والتفكر في الحالة الجمالية التي أنشئ وفقها الكون، بدءاً بانسجام حركة المجرات والكواكب، وانتهاءً بتناغم الحركة في خلايا أجسامنا. ورأى الزبيدي، أن التفكر في جماليات النص القرآني اللغوية ليس بمعزل عن حاجتنا إلى الجمالي في كل أشكال حياتنا، ولا يمثل الجمالي في هذا الراهن ترفاً أو زيادة، وإنما ينبغي أن يترجم فعلاً على أرض الواقع، لتتحقق إرادة الله من استخلافنا في الأرض. واستعرض الزبيدي ثلاثة نماذج أسلوبية جمالية في النص القرآني، أولها الأسلوب الرياضي العلمي القائم على الحساب والأرقام وعدد المفردات وأحرفها، والثاني الأسلوب القصصي الذي جاء قبل أن توجد القصة القصيرة جنساً أدبياً، واعتمدت على السرد المكثف والمشوق الذي يحمل صوراً ومواعظ وأحكاماً، أما الأسلوب الثالث فهو الأسلوب النغمي الصوتي القائم على الانسجام والإيقاع، كما هي الحال في سورة الرحمن وتكرار قوله: فبأي آلاء ربكما تكذبان.

مشاركة :