في لقاء تلفزيوني لمعالي الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، وزير المالية والوزير المكلف للاقتصاد والتخطيط، والذي اتسم بالوضوح والشفافية، خاطب من خلاله كافة أفراد الشعب (مواطنين ومقيمين)، وأطلعهم على ما تسببت فيه تداعيات فايروس كورونا (كوفيد-19) من أضرار عالمية (مالية واقتصادية) لحقت بكافة اقتصادات وموازنات دول العالم بلا استثناء والتي من بينها المملكة العربية السعودية. ومن بين أبرز ما تحدث عنه الوزير من تداعيات أزمة فايروس كورونا على الاقتصاد السعودي والمالية العامة للدولة، انخفاض الإيرادات النفطية بشكل حاد إلى أكثر من النصف، نتيجة لانخفاض أسعار النفط إلى مستويات الـ20 دولار للبرميل خلال الربع الأول من العام الجاري عما كانت عليه في العام الماضي نحو 60 دولارا. كما وانخفضت الإيرادات غير النفطية، نتيجة للإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمكافحة انتشار الفيروس، مما انعكس بشكل سلبي على انخفاض وتيرة النشاط الاقتصادي، سيما وأن هذه الأزمة لم يشهداها العالم منذ نحو 70 عاماً. وأوضح الوزير في سياق حديثه، أن الدولة لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه تلك الأزمة وتعاملت معها بمنتهى الجدية والحزم بغية المحافظة على صحة الإنسان السعودي والمقيم على أراضي المملكة ومحافظة على نمو القطاع الخاص ووتيرة التنمية في المملكة، وبالذات فيما يتعلق باستمرارية تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، بما ذلك الصحية والعلاجية والوقائية من فايروس كورونا على الوجه الأكمل والصورة الأتم. ومن بين التدابير الاحترازية التي اتخذتها الدولة للتخفيف من تداعيات الفيروس، خفض بعض الإنفاق هذا العام، والاستدانة بأكثر من مما هو مخطط، حيث قد اقترضت الدولة خلال الفترة الماضية البسيطة نحو 100 مليار ريال لسد العجز المالي في الميزانية، ويتوقع أن يصل حجم الاستدانة بنهاية العام الجاري إلى مبلغ 220 مليار ريال. كما ونظرت الدولة إلى قائمة النفقات في الميزانية، واختارت الأقل ضرراً منها والأكثر أثراً لصالح المواطن والاقتصاد وألا تمس الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين والمقيمين على حدٍ سواء، هذا وقد أشار الوزير إلى أن قيمة المبادرات والبرامج التي نفذتها الدولة لحماية القاطنين على أرض المملكة قد بلغت 180 مليار ريال، مشكّلة ما نسبته 8 % من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مستهدفة منها أيضاً الحفاظ على وظائف المواطنين في القطاع الخاص، إلى جانب والاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية وتوفير الموارد المالية للقطاع الصحي. رغم تداعيات فيروس كورونا السلبية على الاقتصاد الوطني والمالية العامة للدولة، إلا الوزير الجدعان، لم يقلل من الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الدولة خلال السنوات القليلة الماضية، والتي ساهمت بفعالية في ضبط المالية العامة والسيطرة على عجز الميزانية، والتي قد تحققت عنها نتائج إيجابية بنهاية الماضي. وطمأن الوزير المجتمع السعودي على الوضع المالي للمملكة بشكل عام، حيث قد أشار إلى أن المملكة تمتلك لاحتياطات مالية كبيرة مكّنتها من مواجهة الأزمة بشكل حصيف وكفؤ، ولو لم تكن المملكة تمتلك لهذه الاحتياطات لواجهت أزمة أكبر، حيث قد تم استخدام أكثر من تيريلون ريال لتغطية عجز الميزانية. كما وطمأن كذلك بأنه لا يوجد لدى المملكة تحدي في السيولة المصرفية، حيث أن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) والمصارف قادرين على إدارة السيولة وتوفير احتياجات القطاع الخاص، وذلك ما أكدت عليه تقارير المؤسسات الدولية. برأيي قد تكون بعض الإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الدولة قوية وصارمة ومؤلمة للتخفيف من تداعيات فيروس كورنا، كإلزام الناس البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها سوى للضرورة القصوى، وتعليق عدد من الأنشطة التجارية والاقتصادية وإلى غير ذلك من الإجراءات والتدابير، إلا أنها في نفس الوقت كانت ضرورية للغاية لحماية أرواح الناس والمحافظة على الصحة العامة، بما في ذلك المحافظة على استمرارية الأعمال بالقطاع الخاص وتمكينه من دفع أجور العاملين تجنباً لفقدانهم لوظائفهم، ويجب أن لا ننسى بأنه حتى الآن وكما أشار الوزير إلى أنه لا يمكن التنبؤ بشكل واضح لمدة هذه الجائحة وأثارها الاقتصادية، والذي من منطلقه ضحت الدولة بالجانب الاقتصادي من أجل سلامة المواطنين والمقيمين، ورغم ذلك فالدولة قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وقد تكون أكثر ألماً لمواجهة تلك الأزمة في حال استمراراها، لنخرج منها جميعاً ونحن أقوى بإذن الله.
مشاركة :