اللغة العربية ملونة وثلاثية الأبعاد

  • 6/25/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ينقلنا معرض تاريخ وفن الخط العربي، الذي افتتح أخيراً في دبي مول، بين أنواع الخطوط الكلاسيكية والأصيلة التي بدأ معها هذا الفن، وصولاً إلى اللوحات الحروفية التي تمزج بين الحرف واللون، إلى جانب أعمال نحتية تطوع الحرف في مجسمات تعبيرية، لتصبح اللغة العربية ملونة وثلاثية الأبعاد في الوقت ذاته. واللافت في المعرض، الذي نظم برعاية مبادرة حمدان بن محمد للمعرفة الوطنية (1971)، أنه يدخلنا في تاريخ الخط، فيعرفنا بأدواته الأولى، وبعض النماذج من الخطوط القديمة من مرحلة ما قبل الإسلام وصولاً إلى العصرين العباسي والأندلسي. يقام المعرض، الذي يستمر حتى السادس من يوليو المقبل، ضمن فعاليات ملتقى دبي الرمضاني 14، الذي تنظمه دائرة السياحة والتسويق التجاري برعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم. ويقودنا إلى التعرف إلى جماليات اللغة وفق تجارب مختلفة مع هذا الفن، وجاءت اللوحات الكلاسيكية لنصوص قرآنية أو لأحاديث نبوية وفق إطار شكلي محدد، دائري أو ممدود على طول اللوحة كأعمال صلاح عبدالخالق، وعبدالرزاق محمود ومصعب الدوري. بينما توجد اللوحات الحروفية موازنة تحمل قوة إبداعية لونية توازي قوة الحرف مع حسام أحمد ومحمد مندي، في حين كانت للنحت مكانته في أعمال زيد الأعظمي، وصباح الأربيلي. أنواع ينقلنا معرض تاريخ وفن الخط العربي، الذي افتتح أخيراً في دبي مول، بين أنواع الخطوط الكلاسيكية والأصيلة التي بدأ معها هذا الفن، وصولاً إلى اللوحات الحروفية التي تمزج بين الحرف واللون، إلى جانب أعمال نحتية تطوع الحرف في مجسمات تعبيرية، لتصبح اللغة العربية ملونة وثلاثية الأبعاد في الوقت ذاته. مبادرة وطنية قال مدير الدائرة الإعلامية لمكتب ولي عهد دبي مدير مبادرة حمدان بن محمد للمعرفة الوطني، ماجد عبدالرحمن البستكي، إن المبادرة انطلقت بهدف تعزيز المعرفة الوطنية في الدولة، سواء لدى المواطنين أو المقيمين، حيث تطرح على مدى ثلاث سنوات 1971 سؤالاً، والجوائز السنوية تفوق ثلاثة ملايين درهم، حيث تصل جائزة الفرد إلى 50 ألف درهم، موضحاً أن الأسئلة يجدها المشارك عن طريق البحث، باستثناء بعض الأسئلة التي تستدعي الاتصال بمركز الوثائق والبحوث. وأضاف أن المبادرة جذبت أكثر من 7000 مشارك العام الماضي، وان لديها برامج أخرى، منها صورة في كل بيت، وكذلك دعم البرامج المعنية بالهوية الوطنية، لأن دعم أي مجال وطني هو واجب، ودعمت المعرض، كونه يركز على الهوية العربية. وفي قاعة خاصة بتاريخ الخط العربي، عرضت أدوات الكتابة في العصور القديمة، وكذلك مخطوطات قديمة، من بينها نقش نبطي قديم، ورسالة النبي إلى المعتز بن ساوي، كما ضمت بعض النماذج من المصاحف المنسوبة إلى علي بن أبي طالب، وجميعها طبعت على جدران المعرض، كما تظهر القاعة المعلومات الأساسية عن الكتابات والخط في العصور القديمة والأحبار والأدوات كالقصب والمحابر، وصولاً إلى الخط العربي في العصر الأندلسي، الذي يبرز تطور الكتابة وكذلك الطباعة التي أدت إلى انتشار الكتب في غرناطة وقرطبة. دور الإمارات قال المشرف على معرض تاريخ وفن الخط العربي، زيد أحمد أمين، إن أكثر من 25 فناناً يشاركون في المعرض، ويقدمون 50 عملاً، مضيفاً أن تنوع المعرض يثري ثقافة المشاهد بالخط العربي، ويقدم الحضارة الإسلامية ضمن مبادرة رائعة، موضحاً أن المبادرة تمكن من تقديم الثقافة لجميع فئات المجتمع. وأشار إلى أن أغلب أنواع الخطوط موجودة في المعرض، فالثلث والنسخ والديوان الجلي، والكوفي بأنواعه والتعليق، والإيجاز، باستثناء الرقعة، الذي لم يوجد في أي عمل، معتبراً أن الخط العربي فناً يحمل سمات تجريدية كبيرة، فهو تجريد لكل البيئة، إذ إنه فن خرج أصيلاً من حضارة الأمة. وتابع أن إثراء النفس بالخطوط الخاصة والموسوعية يمكّن الخطاط من تقديم خطوط كثيرة وجديدة، فالخطاط الواحد في الماضي كان ينتج الخطوط، وهدفنا أن نعيد الخطاطين إلى مرحلة الابتكار وليس فقط التقليد في الخط، مؤكداً أن الإمارات من البلدان التي أعادت زمام المبادرة بالاهتمام بفن الخط العربي، ووصلت به إلى مكان أرقى. وقال مدير الدائرة الإعلامية لمكتب ولي عهد دبي مدير مبادرة حمدان بن محمد للمعرفة الوطنية، ماجد عبدالرحمن البستكي، إن دعم المبادرة لهذا المعرض، يأتي لكون المعرض يحمل مهمة تسليط الضوء على الهوية العربية، التي تعتبرها المبادرة من الأمور التي تستحق الاهتمام، فالهوية الوطنية ليست الهدف الوحيد، بل إن المعرض يطرح رؤى مختلفة لدعم الهوية العربية ككل. ونوه بأن هذه المبادرة هي الأولى في رمضان، لأن تركيزهم في السابق كان على مبادرتهم الخاصة بالهوية الوطنية. النسبة الذهبية الخطاط العراقي عدي الأعرج، قدم النص القرآني سلامٌ هي حتى مطلع الفجر، وقال إنه بحث عن نص يمكن أن يخرج منه بمعنى الجمال البصري والمعنوي، فبحث عن النسبة الذهبية التي تقسم اللوحة ثلثين بثلث بين الخط والفراغ، لافتاً إلى أن الآية التي اختارها تحمل الكثير من النسب الذهبية، ومنها أنها أُنزلت في مكة، التي موقعها يحمل نسبة ذهبية ضمن الكرة الأرضية، كما أنها أُنزلت في الثلث الأخير من الليل، وفي الثلث الأخير من رمضان، وغيرها من النسب الذهبية الأخرى. وشرح امتداد اللوحة بأنها أظهرت بروز الفجر من الامتداد الخاص بالحروف، وأنه اختار خط الديواني الجلي لإبراز المعنى، أما كيفية اختياره نصوصه، فأشار إلى كون اختيار النص يعد من الهموم الأساسية لديه، كونه يجب أن يحمل شكل النص معناه، منوهاً بأن بعض الخطوط يجبر على الالتزام بشكل معين، فالنسخ مثلاً يكتب في مقاطع، ولا يمكن تشكيله. وأشار الخطاط العراقي إلى ان التلقائية في فن الخط صعبة، وقد توجد في الكتابة المباشرة في الورش، بينما العمل الفني يحتاج إلى قوالب وقد ينفذ بعد تكرار التجريب لمرات عدة. أما ياسر العشري، فقدم حديثاً شريفاً للرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ مستعيناً بأكثر من خط في اللوحة الواحدة، وأوضح هذا التمازج بين الخطوط في العمل الواحد يغني العمل، مشيراً إلى أنه حرص على المزج بين الألوان ايضاً، لأن اللون يمنح النص القوة، مستخدماً الأسود الذي يمنح الكتابة وقاراً، وفق قوله. ولفت الخطاط المصري إلى أنه اختار الخط الواضح والمقروء، كون النص يجب أن يكون مفهوماً، وأن النسخ يعد أفضل الخطوط للنصوص الطويلة. وقال إن الخط الواضح يزيد من إقبال الناس على رؤية فن الخط، كما أن زيادة الوضوح مع الألوان يمكن أن يدخل في إطار نوع من أنواع الحداثة، ولاسيما ان النسخ من الخطوط الكلاسيكية. وشدد على أنه ينتمي إلى المدرسة الكلاسيكية، وأن الخط الكلاسيكي له جماله، بينما يجب أن تكون الحداثة منضبطة، والتعامل مع الحرف يجب أن يكون بحرص كي لا ننفي جماله. روحانيات تاج السر حسن، الخطاط السوداني، شارك بمجموعة من اللوحات، كما أنه عضو لجنة التحكيم الخاصة بجوائز المعرض. قال إن المعرض في الختام سيقدم جائزتين، مشيراً إلى اقتراح من قبل اللجنة لمنح جائزة ثالثة كون الأعمال المشاركة تستحق. وأضاف إن إقامة المعرض في (دبي مول)، أمر مميز، ولاسيما أن الخط العربي يمتد من قرون ويرتبط بالدين والروحانيات وإحياء اللغة العربية والكتابة من خلال المعرض الذي يقدم للجميع. ويختلف تاج السر مع الخطاطين الذين يرون ان الحاسوب أساء إلى لوحة الخط العربي، اذ رأى ان الحاسوب أوضح جماليات الخط العربي، لاسيما أن الأول أصبح قادراً على تقليد الخطوط، ولكنه لا يمكن أن يأتي بلوحة ذات تكوين مميز، كما أنه تقنية مهمة حلت مشكلات الحرف العربي في الطباعة، وكذلك جرى إنصاف اللوحة، كون النماذج التي قدمها الحاسوب كانت ضعيفة. وأشار إلى أنه بتعاقب الأعوام، يمكن للخطاط أن ينتج حروفاً جميلة في الكمبيوتر، مستدركاً لكن يبقى الشكل الجمالي حكراً على الكتابة باليد. وقدم الخطاط الإماراتي محمد مندي، أربع لوحات ترتبط بشهر رمضان المبارك، منها شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن، وفمن شهد منكم الشهر فليصمه، وكُتب عليكم الصيام، وأن تصوموا خير لكم، وعمل على القماش بالألوان والعطر، لمنح اللوحة بعض الملامح الروحانية. وقال ان الدمج بين اللون والمواد الأخرى وطريقة الكتابة، كلها أمور تساعد على جعل اللوحة تخرج من عباءة الكلاسيكية، وبإطار متجدد، فاللوحة اليوم متجددة ومعاصرة وترضي ذوق الناس في العصر الحالي. واعتبر ان اللوحة تحمل اليوم التدرج اللوني والظل والنور، وهو ما يكون تعبيراً عن الكلام الموجود في اللوحة، فالخط العربي يحمل فراغات تعتبر رسماً بحد ذاتها، لذا فأن قوة الخط واللون يجب ان تتم بالموازنة بينهما بحسب نوع اللوحة، فإن كانت حروفية فيجب أن يكون العمل على اللون بنسبة 60%، والبقية للحرف، بينما يصل العمل على الخط إلى 80% في حال كانت اللوحة كلاسيكية وتستكمل بالزخرفة. وشدد على أنه حين يتم ادخال اللون على الخط يجب الاستعانة بأنواع معينة من الخطوط، التي تتميز بكونها تطاوع الكاتب في اللون، ومنها الديواني والجلي الديواني وخط الثلث، منوهاً بأن المعرض فرصة للتعرف إلى التجارب والاستفادة منها.

مشاركة :