جاءت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الثلاثاء)، إلى مصنع للكمامات في أريزونا، في أول رحلة له خارج البيت الأبيض منذ شهرين، لتسلّط الأضواء مجدّداً على رفضه ارتداء واحدة حتى الآن خلال أزمة فيروس «كورونا المستجدّ». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فمع مغادرته واشنطن قاصداً مصنع «هانيوال» في فينيكس في ولاية أريزونا، أشار ترمب إلى أنه سيأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، لكن فقط إذا كانت هناك «بيئة كمامات». لكنّ الرئيس الجمهوري لم يبدِ خلال قيامه بجولة في المصنع أي اهتمام بوضع كمامة للوقاية من الفيروس. والزيارة جزء من الجهد الذي يبذله ترمب بهدف التشجيع على فتح اقتصاد البلاد المتراجع بسبب إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي لمجابهة الفيروس. وقبل ستة أشهر فقط من موعد الانتخابات الرئاسية، يسعى الرئيس الجمهوري الساعي للفوز بولاية ثانية لتغيير المزاج الوطني وتسويق جهوده لإعادة الاقتصاد سريعاً إلى سابق عهده بين الناخبين. ولتعزيز هذا الاتجاه، قال البيت الأبيض إن خلية الأزمة الطارئة التي شكّلها لمواجهة الوباء سيتم حلها، ربما أواخر يونيو (حزيران). وأجاب ترمب عندما سُئل عن سبب تفكيره بحلّ هذه الخلية: «لا يمكننا إبقاء بلدنا مغلقاً للسنوات الخمس المقبلة». ولكن مع وصول حصيلة الوفيات في الولايات المتحدة من جراء الإصابة بفيروس «كورونا» إلى نحو 70 ألفاً، دون أن تلوح في الأفق علامات على قرب انتهاء الوباء، تتوالى اتهامات المعارضين ضده بإدارة ظهره للأزمة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية. وباتت الكمامات من نوع «إن - 95» التي ينتجها مصنع «هانيوال» رمزاً لهذه الرؤى المتضاربة. فالاستطلاعات تُظهر أن الديمقراطيين يدعمون تغطية الوجه كعلامة على المسؤولية المشتركة، في حين يرى فيها بعض الجمهوريين تهديداً كبيراً للحرية الفردية. ومع ذلك فإن الخبراء الطبيين في البيت الأبيض وحتى السيدة الأولى ميلانيا ترمب يقومون بالترويج للكمامات كأداة حاسمة في مكافحة انتشار الفيروس. لكن الرئيس الذي أخذ جانب قاعدته الشعبية اليمينية، قلّل من أهمية الحاجة إلى وضع كمامة مستنداً إلى رؤيته الخاصة. وقال في أبريل (نيسان): «قد أفكر في ارتداء كمامة وأنا ألقي التحية على رؤساء ورؤساء حكومات وديكتاتوريين وملوكاً وملكات، لا أعرف»، مشيراً إلى أنّ الكمامة لا تليق بالبروتوكول الرئاسي، مضيفاً: «بطريقة أو بأخرى، لا أرى أني سأستخدمها». وترافق الإعلان عن زيارة ترمب للمصنع في أريزونا مع الضجة التي أثارها نائبه مايك بنس، قبل أسبوع بعد أن التقطت الكاميرات صوراً له من دون كمامة وهو يزور مستشفى مايو كلينك في روتشستر في مينيسوتا التي تطلب من الزوار تغطية وجوههم. واعترف بنس لاحقاً بشكل علني بارتكابه خطأ، في بادرة غير معتادة لعضو في إدارة ترمب، وقال: «لم أكن أعتقد أنه أمر ضروري، لكن كان يجب عليّ أن أرتدي كمامة». ولفت البيت الأبيض في بيان إلى أنه نظراً لأن كبار المسؤولين وضيوفهم يخضعون لفحوص مستمرة لفيروس «كورونا»، فلا حاجة لأن يضعوا كمامات. ومع ذلك فإن الجدل بات أعمق ويعكس نزاعاً حول حقائق قسمت الولايات المتحدة إلى معسكرات، حيث ينظر اليسار واليمين إلى حقائق أساسية بشكل مختلف. فالجماعات التي تعارض الإغلاق وتنظم أحياناً لأجل ذلك مظاهرات بالسلاح والملابس العسكرية تفضّل عدم وضع كمامات، وهي تنال تأييد ترمب. وفي مدينة ستيلووتر في أوكلاهوما ومدن أخرى، تخلى قادة محليون عن إعطاء أوامر بارتداء الكمامات بعد تلقيهم تهديدات. كما أن الشعار المشترك الآن في الاحتجاجات ضد الإغلاق هو أن الوباء بأكمله مجرد «خدعة».
مشاركة :