القول بأن آفة المخدرات لا تقل خطرا عن أي شكل من أشكال الارهاب، هو قول لا يجانبه الخطأ، فالمخدرات بالفعل هي لون من ألوان الارهاب، فالمتعاطي يلحق الضرر بنفسه وبأسرته ومجتمعه من خلال تعاطيه لتلك السموم القاتلة، والارهابي عند ممارسته لجريمته فانه يلحق الضرر بنفسه وبأسرته ومجتمعه، فالمخدرات والارهاب من هذا المنطلق هما وجهان لعملة واحدة. والمخدرات في واقع الأمر تهدد حياة المجتمعات البشرية واستقرارها وأمنها، وتصيب شبابها الصاعد وهم عماد مستقبل تلك المجتمعات وآمالها في تحقيق نهضتها الصاعدة في مقتل، وما زالت دول العالم تتكبد الكثير من الخسائر جراء انتشار تلك الآفة بين شبابها، فهي تمثل أداة من أدوات الضياع والمرض، وأداة فاعلة من أدوات الجريمة، وأدواتها تدخل في مضامير ظاهرة الارهاب المقيتة. ان آفة المخدرات تشكل خطرا محدقا بالبشرية كلها، ومكافحتها لا بد أن تكون جماعية لا فردية، فثمة مشكلات خطيرة تنجم عن تعاطي تلك الآفة، أهمها تفشي الجريمة التي هي لون من ألوان الارهاب، وبما ان العالم بأسره ينشد الوصول الى أفضل السبل المؤدية لاحتواء الارهاب وتقليم أظافر الارهابيين أينما وجدوا، فإنه مسؤول بدوله وهيئاته ومؤسساته عن مكافحة انتشار المخدرات كطريقة سهلة للولوج منها الى الجريمة. وخطر آفة المخدرات آخذ في الانتشار بشكل عجيب وسريع، وهو أمر يستدعي من جميع الدول دون استثناء بمنظماتها وهيئاتها ومؤسساتها أن تتصدى لتلك الآفة، وأن تحاربها بشتى السبل حفاظا على سلامة المجتمعات البشرية وأمنها واستقرارها، فكما أن الارهاب يشكل مشكلة دولية كبرى، فإن آفة المخدرات تحولت بالفعل الى مشكلة كبرى لا بد من احتوائها ووضع الحلول القاطعة لوقف انتشارها بين المجتمعات البشرية. وحماية الأجيال الحالية والأجيال المقبلة لن تتحقق الا بمشروعات مدروسة تحول دون تفشي ظاهرة المخدرات، ولن يتحقق ذلك الا بتكثيف الجهود الأمنية والعلمية والمجتمعية لوقف هذا الخطر الداهم، والحيلولة دون سريانه بين شباب كافة الأمم، فالشباب يمثلون أملها في صناعة مستقبلها الأفضل والأمثل، ويحول دون ذلك تلك الآفة الخطيرة التي تهدد حياة الشباب وسلامة مجتمعاتهم. وكما هو الحال في ظاهرة الارهاب، حيث يستدرج الشباب ويستهدفون لتحقيق الجرائم الشنيعة المخلة باستقرار المجتمعات البشرية وأمنها، فإن ظاهرة تعاطي المخدرات تنتشر بين شباب الأمم لأنهم هم المستهدفون أولا وأخيرا، فقد أثبتت كل الدراسات المستفيضة أن الشباب هم المستهدفون لنشر تلك الآفة بين صفوفهم، فأعداء الأمم يتربصون الدوائر بأمن المجتمعات واستقرارها، ومدخلهم لتحقيق مآربهم الدنيئة هم الشباب الذين يغرر بهم لتعاطي المخدرات فيصيبونهم ويصيبون مجتمعاتهم في مقتل. ومن الضرورة بمكان أن تتعاون كافة الدول لمحاصرة تلك الآفة والقضاء عليها، فالجهات الأمنية عليها دور كبير في كشف السموم التي تدخل عبر حدود الدول، والأجهزة الاعلامية مسؤولة عن نشر التوعية بين الشباب عن أخطار تلك الآفة، ورجالات التربية والتعليم مسؤولون كذلك عن نشر مساوئ تلك الآفة، والدعاة في الجوامع مسؤولون عن توعية الشباب، وكذلك أولياء الأمور من الآباء والأمهات. إن آفة المخدرات لا تقل خطورة عن آفة الارهاب، فهي تهدد الدين والعقل والعرض والصحة والسلامة والأمن، فلا بد من مراقبة الأبناء ومحاولة ابعادهم عن رفاق السوء الذين يمهدون لهم تعاطي تلك الآفة بكل ألوانها وأشكالها وطرق تعاطيها، فأولئك الشباب مغرر بهم، وهم مخدوعون بألوان التجريب، ولكنهم عندما تقع الرأس في الفأس لا يستطيعون الخروج من دائرة تلك الآفة بسهولة ويسر. وكما يروج أصحاب ظاهرة الارهاب لهذه المعضلة التي أضحت من أكبر هموم المجتمعات البشرية، فإن أصحاب آفة المخدرات يروجون لأفكار مغلوطة وكاذبة سرعان ما ينخدع الشباب بها فيقبلون على تعاطي المخدرات دون وعي بآثارها الوخيمة على أنفسهم وعلى أسرهم ومجتمعاتهم، فمن الأسباب الرئيسية لانتشار تلك الآفة سبب الترويج لها من قبل عصابات منظمة تريد الفتك بالشباب والفتك بمجتمعاتهم. ولمواجهة تلك الآفة الخطيرة، فإن المسؤولية تقع كما قلت على تلك الجهات الأمنية والاعلامية والأسرية لتخليص شبابنا من تلك الأفكار المسمومة التي يحاول المغرضون ومن في قلوبهم مرض زرعها في أدمغتهم، للنيل منهم ومن استقرار مجتمعاتهم، والتربية الأسرية السلبية تلعب دورا فاعلا في انتشار آفة المخدرات بين الشباب، وازاء ذلك فإن الأسر مسؤولة عن أبنائها لإبعادهم عن تلك الآفة وآثارها المدمرة. كاتب واعلامي
مشاركة :