لندن: «الشرق الأوسط» بينما تزداد الأوضاع الإنسانية ترديا في ريف دمشق، الذي نجحت منظمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري في إجلاء المئات منه، أطلق سكان حمص المحاصرين في الأحياء القديمة نداء استغاثة لإنقاذ نحو أربعمائة وثلاثين عائلة، محاصرة منذ عام وخمسة أشهر. وبحسب إحصائية نشرها إعلامي ناشط في أحياء حمص القديمة، ووصلت «الشرق الأوسط» نسخة منها، فإن أطفالا تحت سن الـ12 سنة يشكلون نسبة 47% من المحاصرين المدنيين في حمص القديمة وبينهم أكثر من 32 طفلا رضيعا، والنساء 22% والمسنين 16% والرجال 15% موزعين داخل أربعة عشر حيا. وبحسب التقرير تعيش العائلات في تلك الأحياء وضعا إنسانيا سيئا للغاية بعد حصار لأكثر من سنة وخمسة أشهر. ويعتمد المحاصرون على المواد الغذائية الموجودة بين ركام المنازل المدمرة لا سيما البرغل والأرز، وقد نفدت بشكل شبه نهائي منذ أكثر من سبعة أشهر، كما يكتفون بوجبة واحدة باليوم. ومع قطع النظام المياه عن تلك الأحياء لجأ المحاصرون للآبار في المنازل العربية القديمة، وهي مياه غالبا ملوثة مما يتسبب بانتشار كثير من الأمراض، كالتهاب الكبد الفيروسي، ومات فيه ثلاثة مدنيين حتى الآن. ومنذ أربعة أشهر بدأت مادة الديزل بالنفاد، ولم يعد بالإمكان تشغيل المولدات الكهربائية الخمس لتزويد الأحياء المحاصرة بالكهرباء، ليتقلص تشغيلها إلى ساعة واحدة في اليوم، من أجل إخراج المياه من الآبار. وحذر الناشط الإعلامي من بدء فصل الشتاء وانعدام كل مواد الطاقة بما فيها الأخشاب التي تكاد تنعدم بسبب استخدامها خلال عام وخمسة أشهر للتدفئة والطهو. وعن أوضاع الأطفال الرضع يقول الناشط الإعلامي في تقريره إن الأمهات يلجأن إلى طبخ البرغل مع السكر وإطعامها للرضع لانعدام حليب الأطفال أو الأدوية الطبية اللازمة. وسجلت أربع حالات وفاة لأطفال خدج خلال الأيام القليلة الماضية. أما الوضع الطبي فيوجد في الأحياء المحاصرة ثلاثة مشافي ميدانية مجهزة بمعدات بسيطة جدا وتفتقر لكثير من المواد الأساسية. ويلجأ الأطباء الثلاثة الذين يخدمون جميع المحاصرين إلى طرق بدائية في التطبيب والتعقيم لمعالجة المرضى والجرحى البالغ عددهم 490 مصابا بينهم 82 حالة خطرة. وبالإضافة للأوضاع الإنسانية الكارثية تتعرض تلك الأحياء المحاصرة لقصف يومي من قبل قوات النظام بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة. ومع توارد تلك المعلومات وتزايدها في الأيام الأخيرة حذر تقرير برنامج الغذاء العالمي الجمعة من «مجاعة أطفال» في المناطق المحاصرة، وقالت إليزابيث بيرس المتحدثة باسم البرنامج للصحافيين في جنيف إن المنظمة التابعة للأمم المتحدة قلقة بشأن مصير كثير من السوريين المحاصرين في مناطق الصراع الذين لا يزالون بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة. فيما أشار صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن المزيد من الأطفال ينقلون إلى المستشفيات في دمشق ومناطق أخرى للعلاج من سوء التغذية، وهي حالة تصيبهم بالضعف وتجعلهم عرضة للإصابة بأمراض أخرى. ونبهت المتحدثة باسم الـ«يونيسيف»، ماريكسي مركادو إلى تسجيل زيادة في عدد الأطفال الذين ينقلون للمستشفيات وهم يعانون من حالات معتدلة أو حادة من سوء التغذية وجرى الإبلاغ عن معظم هذه الحالات من مستشفيين في دمشق، هما مستشفى الأطفال ومستشفى دمشق. وأضافت أن وكالات الإغاثة الشريكة مع الـ«يونيسيف» في حماة وحمص وحلب وريف دمشق والقنيطرة ودير الزور وريف درعا وإدلب أكدت هذا الاتجاه المتصاعد في عدد حالات سوء التغذية بين الأطفال. وذكرت مركادو أن هناك نقصا في الأطباء المهرة الذين يتعاملون مع حالات الإصابة الحادة بسوء التغذية، وهي حالة تحتاج إلى علاج طبي، محذرة من أن «هؤلاء معرضون للإصابة بالمرض والوفاة بدرجة أكبر من الأطفال الذين لا يعانون من سوء التغذية».
مشاركة :