القاهرة: محمد حسن شعبان في خطوة مثيرة للجدل، منعت فضائية «سي بي سي» المصرية الخاصة إذاعة برنامج الإعلامي الساخر باسم يوسف، أول من أمس (الجمعة)، بصورة مفاجئة، بدعوى مخالفته سياسة القناة، بعد أن أثارت حلقته السابقة غضبا في أوساط مؤيدين للجيش. وفور القرار الذي أعلن عنه قبل دقائق من موعد بث برنامج «البرنامج» نأت مؤسسة الرئاسة بنفسها عن الواقعة، قائلة إنها تحترم حرية الرأي، لكن القرار أثار قلقا بشأن مستقبل الحريات في البلاد التي تواجه اضطرابات منذ نحو ثلاث سنوات. وخلال عام من حكم الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، تعرض يوسف الملقب بـ«جون ستيوارت (الإعلامي الأميركي الساخر) مصر»، لحملة هجوم ضارية من الإسلاميين المؤيدين لمرسي، وأحيل للتحقيق معه بتهمة إهانة الرئيس، لكنه واصل حلقاته التي اتسمت بنقد لاذع للرئيس السابق. وبثت قناة «سي بي سي» الجمعة قبل الماضي أولى حلقات برنامج «البرنامج» بعد توقف شهور. وانتقد يوسف خلال الحلقة صعود شعبية وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي. ويقول المعارضون للإعلامي الساخر، إنه «يستخدم تلميحات خادشة للحياء وغير مقبولة في برنامجه، لكن مناصريه يردون قائلين إنه يقوم بهذا الأمر طوال عام من حكم مرسي، لافتين إلى أن الهجوم عليه عودة لعصر قمع الحريات». وعقب قرار قناة «سي بي سي» المملوكة لرجل الأعمال المصري محمد الأمين، قال أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت عدلي منصور في بيان له، إن «الرئاسة تحترم حرية الرأي والتعبير وإيقاف أي محطات لبرامجها يعد شأنا داخليا». وقالت قناة « سي بي سي» قبل دقائق من موعد بث حلقة يوسف في بيان لها تلاه الإعلامي خيري رمضان، إن «مجلس إدارة قنوات (سي بي سي) يقرر إيقاف برنامج (البرنامج) لحين حل المشكلات الفنية والإدارية الخاصة بالبرنامج»، موضحة أن «إدارة القناة تؤكد أن مخالفات حلقة اليوم (الجمعة) تشير إلى إصرار منتج ومقدم البرنامج على مخالفة ما تم الاتفاق عليه». وقالت مصادر قريبة الصلة من إدارة قناة «سي بي سي»، إن «حلقة يوسف الممنوعة من العرض لم تحتو على انتقادات للجيش، لكنها تضمنت انتقادات لاذعة لإدارة القناة بعد بثها بيانا تعتذر فيه عن محتوى الحلقة السابقة من البرنامج، كما تضمنت أيضا انتقادات لإعلاميين هاجموا تلك الحلقة». وكان مؤيدون للجيش تظاهروا وقت تسجيل الحلقة الأربعاء الماضي أمام دار سينما بوسط القاهرة مطالبين بوقف عرض البرنامج وتظاهر مؤيدون ليوسف أمام دار السينما أيضا في نفس التوقيت. واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت بالتعليقات الغاضبة من قرار منع إذاعة برنامج «البرنامج». وعكست التعليقات شعورا بدور للجيش في قرار منع الحلقة. وحرك مناصرون للجيش دعاوى قضائية ضد يوسف عقب بث حلقته السابقة، وأحالت السلطات القضائية في البلاد البلاغات المقدمة ضده إلى التحقيق قبل أيام، لكن لم يصدر حتى كتابة التقرير قرار بضبط يوسف وإحضاره. وغادر يوسف بشكل مفاجئ القاهرة صباح الجمعة الماضي متجها إلى دولة الإمارات، بصحبة أحد مساعديه، ما أثار شكوكا حول معرفته المسبقة بقرار منع الحلقة، وقد مع توقعات بتوقيفه. وتخلى الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس المستقيل لشؤون العلاقات الدولية، عن تحفظه وصمته تجاه التطورات على الساحة المصرية منذ استقالته، وقال في تغريدة له أمس على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «حرية التعبير هي أم الحريات. إذا اقتصرت على من نتفق معهم فهي شعار أجوف. الشجاعة هي في الدفاع عنها وليست في قمعها. تحية وتقدير لباسم يوسف». وفي أبرز ردود الفعل على قرار منع إذاعة الحلقة قال الدكتور جابر جاد نصار مقرر لجنة تعديل الدستور المصري أمس «لو كنت وزير الإعلام لدعوت باسم يوسف لتقديم برنامجه من تلفزيون الدولة، لأن الأيدي المرتعشة والخائفة لا تبني تقدما». وأضاف نصار وهو رئيس جامعة القاهرة، أقدم الجامعات المصرية، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وقف برنامج باسم يوسف خطأ كبير وضيق أفق، ويؤكد أن ملكية رجال الأعمال لوسائل الإعلام مسألة يجب أن تراجع، وتابع: «عندما تضيق صدور وعقول الناس بالحرية يسهل عليهم تبرير القمع». وانتقد قياديان في حملة تمرد الشعبية التي دعت لمظاهرات انتهت بعزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي، قرار منع حلقة يوسف. وتساءل محمود بدر، مؤسس حملة تمرد، كيف يمكن منع باسم من تقديم حلقته؟! مؤكدا دعمه لحرية الإعلام ومساندته للإعلامي الساخر. من جانبه قال حسن شاهين، المتحدث الإعلامي باسم حملة تمرد، على حسابه الشخصي على «تويتر»: «وقف برنامج باسم يوسف سقطة سياسية ولن يفيد، وسيروج بصورة قمع الحريات، والمستفيد الوحيد هو الجماعات الإرهابية». ودشن نشطاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي دعما ليوسف وبرنامجه، الذي يتوقع المراقبون أن يبث على موقع «يوتيوب». وكان يوسف وهو طبيب قد تفرغ لتقديم البرامج الساخرة عقب سلسلة من الحلقات بثها على «يوتيوب» في أعقاب ثورة 25 يناير عام 2011، ينتقد فيها هجوم الإعلام الرسمي والخاص على الثورة المصرية.
مشاركة :