خلف وباء كوفيد-19 أثرا كبيرا على الوظائف في الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يبلغ معدل البطالة لشهر إبريل ذروة تاريخية بينما تسجل نحو 30 مليون أميركي لتعويض البطالة منذ بداية الأزمة. قد يقترب معدل البطالة لشهر إبريل، الذي سيتم نشره الجمعة من 20 بالمئة، وهو ضعف ما شهدته البلاد في أسوأ فترات الركود عام 2009، مقتربة من مستويات الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. وتوقع بعض الاقتصاديين فقدان 28 مليون وظيفة. وبالمقارنة فقد 8,6 وظيفة خلال عامي الأزمة المالية العالمية. وضربت أول موجة من فقدان الوظائف قطاع شركات الطيران والفنادق ثم المطاعم والمصانع، حيث أمرت الولايات بإغلاقها. والتزم طلاب المدارس منازلهم. إن السرعة التي انتقل بها سوق العمل من أفضل أشكاله منذ 50 عاما إلى أسوأ وضع في التاريخ الحديث، تجعل من الصعوبة إجراء مقارنة بالنسبة لموظفي الإحصاء في مديرية العمل، الذين يعدون هذا التقرير الشهري. وأوضحت المفوضة في المديرية جولي هاتش ماكسفيلد لوكالة فرانس برس أن أقرب نقطة مرجعية لقراءة البيانات هي الكوارث الطبيعية، ولا سيما "الأعاصير، لأنها تميل إلى أن تكون كبيرة وتلحق الضرر خلال فترات أو مناطق هامة". وارتفع عدد المسجلين في البطالة بسرعة منذ مارس، وسجل خلال الأسابيع الأربعة من أبريل، 20 مليون طلب جديد. لكن هذه الأرقام لا تكشف بالضبط عن مدى الصدمة الحقيقية، نظرا لعدم تمكن العديد من الأشخاص من تقديم ملفاتهم لأن الأنظمة كانت مثقلة. كما لم يحاول الكثير من الناس، غير المؤهلين، التسجيل. وبينما انخفض معدل البطالة في فبراير إلى 3،5 في المائة في أدنى مستوى له منذ 50 عامًا، فقد ارتفع في مارس إلى 4,4 في المائة مع فقدان 701 ألف شخص لعملهم. ولا تأخذ الأرقام في الاعتبار الوضع في بداية الشهر. حيث شملت تدابير الاحتواء جميع أنحاء البلاد خلال النصف الثاني من شهر مارس. وفقا لمكتب العمل، كان ينبغي أن يكون معدل البطالة 5,4 في المائة، كما خفضت ساعات العمل للعديد ممن أحتفظوا بوظائفهم. ويساور الاقتصاديون القلق من اضمحلال التقدم الذي تم تحقيقه خلال عشر سنوات من النمو الاقتصادي، والذي شهد خاصة دخول المزيد من الأقليات إلى سوق العمل. أما بالنسبة للنساء، فقد اجبرن غالباً على التوقف عن العمل منذ أن اغلقت المدارس أبوابها. وانكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 4,8 في المائة في الربع الأول، الذي تأثرت الأسابيع القليلة الماضية فقط بتدابير الاحتواء الواسعة. سيكون الهبوط أكثر بكثير في الربع الثاني. وصرحت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في شركة جرانت ثورنتون لوكالة فرانس برس "من الواضح الآن أن الاقتصاد هبط بوتيرة أسرع مما كان متوقعا". وقد يؤدي برامج المساعدة الحكومية إلى انتعاش مؤقت في التوظيف خلال مايو و يونيو. وحذرت من أن المستهلكين لا يشعرون بالآمان اللازم لإرتياد المطاعم والمتاجر بحلول شهر يوليو، وقد تقوم الشركات الصغيرة "باللجوء إلى التسريح من جديد". وخصصت إدارة ترامب والكونغرس ما مجموعه 669 مليار دولار من القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها على دفع أجور موظفيها. وحذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي من الأضرار المستمرة التي يسببها التوقف المؤقت للنشاط، وقال "سيستغرق الأمر بعض الوقت للعودة إلى مستوى طبيعي للبطالة". وسجل في الولايات المتحدة أكثر من 70 ألف حالة وفاة بكوفيد-19، وإصابة ما يقرب من 1,2 مليون حالة، بحسب جامعة جونز هوبكنز. وسجلت سوق العمل في القطاع الاميركي الخاص انهيارا في ابريل مع خسارة 20 مليونا و236 الف وظيفة بحسب الدراسة الشهرية لمجموعة "ايه دي بي" التي نشرت الأربعاء. وتبدو الأرقام كارثية، علماً أنّها لا تعكس مجمل الخسارة الشهرية لأنّ الدراسة تتوقف في 12 ابريل، وفق بيان "آي دي بي". وتوقع المحللون خسارة 21 مليونا ونصف مليون وظيفة في أبريل مقابل 149 ألفا في مارس. وطاولت هذه الخسارة الكبرى في أبريل كل فئات الشركات. وبذلك، خسرت الشركات الصغيرة (أقل من خمسين موظفا) نحو ستة ملايين وظيفة فيما خسرت الشركات المتوسطة 5,26 ملايين وظيفة والشركات الكبرى (أكثر من 500 موظف) 8,96 ملايين وظيفة. وقال آهو يلديرماز المدير المشارك لمركز "ايه دبي بي" للابحاث في بيان إن "خسارة الوظائف بهذا الحجم امر غير مسبوق". واضاف أن "العدد الاجمالي للوظائف الملغاة خلال شهر نيسان/ابريل فقط تجاوز ضعف العدد الاجمالي للوظائف التي تمت خسارتها خلال الانكماش الكبير". والثمن الاكبر دفعه قطاع الخدمات مع إلغاء أكثر من 16 مليون وظيفة. وتشمل نصف الوظائف الملغاة قطاعي الترفيه والفنادق. وخسرت الشركات التي تصنع سلعا 4,2 ملايين وظيفة أكثر من نصفها في قطاع البناء ونحو 1,7 مليون في شركات التصنيع، بحسب التقرير. وتعتبر معطيات المركز المذكور معيارا يستند إليه التقرير عن الوظائف الذي تصدره وزارة العمل الجمعة.
مشاركة :