كورونا تدفع بعراقيين أنهكهم الصراع في براثن الفقر

  • 5/7/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد (رويترز) - يقول بعض العراقيين في حي الأعظمية ببغداد إن إغلاق أبواب المتاجر والبيوت عندما تحين ساعة حظر التجول يوقظ ذكريات صدمات سابقة حصدت الأرواح وضيعت الأرزاق .. ما بين فرق الاغتيالات الطائفية والغزو الأجنبي والخراب الذي جلبته العقوبات الدولية. والآن أصبحت جائحة كوفيد-19 الناجم عن الإصابة بفيروس كورونا مصدر معاناتهم الحالية. وفي مقابلات مع رويترز روى ستة أشخاص من سكان حي الأعظمية كيف دفعت الجائحة بأسرهم إلى أسوأ حالات العوز التي تعيها ذاكرتهم. قال عبد الوهاب قاسم، عامل اليومية البالغ من العمر 46 عاما، ”على مدى عامين سكنت مع صديق لتوفير الإيجار وأرسلت كل ما أحصل عليه، ربما 350 دولارا في الشهر، لزوجتي المريضة وأطفالي في تركيا... ومنذ الإغلاق بسبب الكورونا لا يوجد عمل. وليس بوسعي أن أقدم شيئا لأسرتي“. وقال قاسم إن ما يحصل عليه من دخل متواضع هو وعدد متزايد من جيرانه الذين يؤدون أعمالا يدوية من حين لآخر أو يديرون متاجر صغيرة قد تبخر. وأصبحوا يعيشون على وجبات الإفطار التي تعدها أسرة في المسجد المحلي خلال شهر رمضان وكثيرون منهم يقبلون مثل هذه المساعدة الخيرية للمرة الأولى. وأضاف قاسم ”كثيرون فقدوا أعمالهم في أقل من شهرين من حظر التجول“. وحتى الآن تحاشى العراق تفشي فيروس كورونا المستجد على نحو كارثي إذ لم يسجل سوى نحو 2200 إصابة وأقل من 100 حالة وفاة وفقا لبيانات وزارة الصحة. لكن الإجراءات اللازمة، ومنها حظر التجول في مختلف أنحاء البلاد الساري منذ منتصف مارس آذار مثلما هو الحال في دول كثيرة، أدت إلى توقف متاجر عن العمل وفرضت على من يعيلون أسرهم البقاء دون عمل في البيوت الأمر الذي أضر بشدة بالقطاعات الضعيفة من السكان. وقال عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية إن 20 في المئة من السكان يعيشون حاليا في فقر وإن من المتوقع أن ترتفع النسبة إلى ما يقرب من 30 في المئة هذا العام بسبب تعطل الناس عن العمل بفعل الأزمة. وفي الشهر الماضي أعلنت الحكومة توزيع إعانة شهرية قدرها 25 دولارا للأسر التي لا تحصل على أجور من الدولة. وقال الهنداوي إن 13 مليون شخص أي حوالي ثلث العراقيين تقدموا بطلبات للحصول على هذه الإعانة. ويعاني الاقتصاد العراقي الآن من هبوط أسعار النفط الذي يمثل تقريبا مصدر إيرادات البلاد كلها الأمر الذي أرغم الحكومة على التفكير في خفض مرتبات العاملين في القطاع العام الضخم. وقد تجاوزت نسبة هبوط سعر النفط 55 في المئة منذ بداية العام. * ديون محلية يواجه العراق المأزق ذاته الذي يعيشه قطاع كبير من العالم. فهل يخفف القيود المفروضة من أجل دعم النشاط الاقتصادي أم يواصل العمل بها لتحاشي انتشار الفيروس. وقد رفعت السلطات مؤخرا حظر التجول أثناء النهار لكنها أعلنت غرامات جديدة على من يخالفونه أثناء الليل. وتقول منظمة الصحة العالمية إن على العراق مواصلة العمل بالقيود السارية. ويقول قاسم وجيرانه إنهم يخالفون الحظر حتى يتمكنوا من الحصول على وجبات الإفطار. ونظرا لإغلاق المسجد فإنهم يتجمعون للصلاة ويتصافحون ثم يفطرون أمام واجهة متجر كل مساء. ويأكل الرجال من أواني بلاستيكية كبيرة وتجمع النساء علب الأرز والدجاج للعودة بها إلى البيت. قالت إخلاص مجيد التي تطهو الطعام في مطبخها الصغير إن عدد الأسر المحتاجة ازداد عما كان عليه الحال من قبل. وأضافت ”هؤلاء الناس ليس لهم أي دخل من الدولة. فهم يحصلون على ما يمكنهم من أجر من العمل في متاجر أو الأعمال اليدوية. وبسبب الصراع السابق توجد أسر كثير بلا رجال ليس لها دخل“. أما إسراء خليل التي لقي شقيقاها مصرعهما على أيدي فصائل مسلحة في 2006 وتوفي زوجها بعد إصابته بعدوى في الحلق منذ عدة سنوات فتعول طفليها بإعانة كانت والدتها تحصل عليها من الدولة. لكن أمها توفيت في مارس آذار وتوقف صرف الإعانة. وقالت ”لأني أرملة لا يمكنني الخروج للبحث عن عمل“. وأضافت أنها تدين الآن بمبالغ مالية للمتاجر المحلية ومنها البقال الذي قال إن دخله الآن يبلغ ربع ما كان يحصل عليه قبل ظهور الفيروس. وقال الهنداوي إن وزارة التخطيط تجري دراسة لمعرفة عدد العراقيين الذين فقدوا أشغالهم أو انضموا لصفوف الفقراء. ولم يتسن الاتصال بمتحدث باسم الحكومة لمزيد من التعليق على الأزمة الاقتصادية. * غياب الحكومة المستقرة يواجه العراق التحديات الاقتصادية والصحية من جائحة كوفيد-19 في غياب حكومة مستقرة. فقد اضطرت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للاستقالة العام الماضي بسبب مظاهرات شعبية نظمها عراقيون من الشباب والعاطلين احتجاجا على ما يصفونه بفساد النخبة الحاكمة. ويتولى عبد المهدي الآن رئاسة حكومة تصريف الأعمال. ويكافح رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، وهو ثالث عراقي يكلف بتشكيل الحكومة في ثلاثة أشهر، لتأليف حكومة تقبلها أحزاب متنافسة في مهلة تنتهي هذا الأسبوع. ومن دون حكومة جديدة لا يمكن تعديل ميزانية العراق القائمة على أسعار نفط تزيد نحو ثلاث مرات على الأسعار الحالية. وقد توقع البنك الدولي هذا الأسبوع أن ينكمش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7 في المئة هذا العام. وقال عبد المهدي في بيان الشهر الماضي إن جميع الدول تواجه أزمة من الجائحة وإن من المهم أن يقلل العراق اعتماده على دخل النفط.

مشاركة :